أثار قرار المتابعة القضائية لأربعة صحافيين وبرلماني من قبل رئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان المغربي) على خلفية شكاية ضدهم بدعوى نشر معلومات تتعلق بلجنة تقصي الحقائق حول صناديق التقاعد، و"إفشاء سر مهني" سخطا وغضبا واسعا في الجسم الإعلامي المغربي، معتبرين هذا القرار انتكاسة حقوقية ومحاولة لإخراس الصحافة، ومنعها من حقها الدستوري الذي يضمن لها الحصول على المعلومة.
منظمة حريات الإعلام والتعبير (مستقلة) اعتبرت متابعة الصحفيين والبرلماني "اعتداء على الفصل 27 من الدستور الذي يضمن الحق في الحصول على المعلومات".
وقالت المنظمة في بلاغ لها، توصلت "عربي21" إلى نسخة منه، أن الإصرار على متابعة الصحفيين بقوانين أخرى غير قانون الصحافة والنشر، "خرق لقواعد حماية حرية الإعلام وأدواره في الكشف عن الحقائق ولاستقلالية الصحافة والصحفيين".
وعبّرت المنظمة عن استغرابها من هذه المتابعة بسبب العودة للقضية بعد شهور عديدة من إثارتها، عوض متابعة المسؤولين عن إفلاس صناديق التقاعد وتفعيل نتائج وخلاصات التقرير.
وأوضحت أن هذه القضية "تمثل نموذجا آخر للتعامل السلبي لمؤسسات الدولة مع حرية الإعلام والحق في الحصول على المعلومات"، مشيرة إلى أن هذا الأمر يأتي "ضمن توجه تراجعي لا يستهدف الحقوق والحريات فقط، بل يمس أيضا حتى ما ورد في الدستور من منطلقات لبناء الديمقراطية، ومن ذلك المساس بفصل السلط من خلال عرقلة أدوار المراقبتين البرلمانية والإعلامية على الجهاز التنفيذي، والإصرار على الانتقام من المعارضين وذوي الآراء النقدية والانتقادية لسياسات وممارسات مؤسسات الدولة، وقد وصلت هنا إلى برلماني منتخب كمناضل نقابي".
اقرأ أيضا: محاكمة أربعة صحفيين مغاربة وبرلماني بسبب صناديق التقاعد
وسجلت "حاتم" أن مسؤولية مجلس المستشارين "لا تتوقف إزاء هذا الحق عند إقرار قانون جيد للحق في الحصول على المعلومات، بل تمتد إلى أن يقدم النموذج في ممارسته، وتأتي هذه القضية لتشكك في هذا الاتجاه، وتضاف إلى عمل أطراف من داخله على إدخال تعديلات سلبية على مشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات داخل اللجنة المعنية، مثل إدراج "سرية أعمال لجان تقصي الحقائق" ضمن الاستثناءات، في الوقت الذي تدعو فيه الخطابات الرسمية للشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة".
ودعت المنظمة، في بيانها، مجلس المستشارين لسحب الشكاية المذكورة، وطالب مجلسي البرلمان بـ"التفاعل إيجابا مع التعديلات التي اقترحتها الشبكة المغربية للحق في الحصول على المعلومات، وضمنها منظمة حاتم، على مشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات لينسجم مع روح الدستور وضمنه الفصل 27، وليكون في مستوى المعايير الدولية والحقوقية في المجال"، داعية الفعاليات الحقوقية والديمقراطية للاستجابة للمبادرة التي تطلقها المنظمة من أجل الدعم الجماعي للمناضل البرلماني والصحفيين الأربعة.
من جانبه، اعتبر المنتدى المغربي للصحفيين الشباب (مستقل) في بيان توصل "عربي21" بنسخة منه، "الأخبار التي نشرها الزملاء الصحفيون في منابرهم الإعلامية، حول موضوع لجنة تقصي الحقائق في ملف التقاعد بالمغرب، يدخل ضمن واجبهم في إيصال المعلومة إلى المواطنين كما هو متعارف عليها كونيا، ويشدد على أنه لا يمكن إدانتهم بناء على القيام بعملهم".
وأكد المنتدى أن "سرية مصادر الصحفيين مضمونة بموجب قانون الصحافة والنشر في مادته الخامسة، خصوصا أن القضية المطروحة لا تدخل ضمن القضايا المتعلقة بالدفاع الوطني"، وأعرب عن رفضه "الزج بالزملاء في متاهة صراعات حزبية ضيقة، ويحمل المسؤولية كاملة في مآلات هذا الملف القضائي وما سيترتب عليه إلى الأطراف السياسية والحكومية والبرلمانية، التي ساهمت من قريب أو من بعيد في تحريكه".
من جانبه، تبرأ رئيس مجلس المستشارين، حكيم بنشماش، من الشكاية التي تم رفعها ضد الصحفيين والمستشار البرلماني، مشددا على أنه "لم يرفع أية دعوى أمام القضاء لمتابعة مستشار برلماني أو أي صحفي"، قائلا في بلاغ توضيحي، إنه أحال مراسلة توصل إليها من قبل رئيس اللجنة النيابية لتقصي الحقائق إلى وزير العدل، يطلب فيها فتح تحقيق في موضوع تسريب معلومات ومعطيات نشرتها الصحافة بخصوص مداولات اللجنة التي من المفروض أنها تحظى بالسرية.
وأبرز بلاغ رئيس الغرفة الثانية أن "رئيس المجلس في هذه الحالة يعتبر سلطة إحالة، إذ بمجرد توصله بتقرير من قبل رئيس اللجنة النيابية لتقصي الحقائق، فإنه يوجه مراسلة في الموضوع للسيد وزير العدل والحريات الذي يتخذ الإجراءات المخولة له في هذا الشأن"، مؤكدا أن "مسؤولية رئيس مجلس المستشارين تنتهي بإحالة الموضوع على وزير العدل والحريات، ولا يمكن للرئيس التدخل أو توجيه عمل السلطات القضائية أو الحكومية في هذا الشأن"، مضيفا أن الرئيس يؤمن بحق الصحفي في البحث ونشر المعلومة في إطار ما تسمح به القوانين.
يشار إلى أن وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط، قرر الثلاثاء الماضي، متابعة برلماني بتهمة "إفشاء السر المهني والمشاركة في نشر معلومات تتعلق بعمل لجنة تقصي الحقائق حول التقاعد"، واستدعاء 4 صحفيين للمثول أمام المحكمة بتهمة "نشر معلومات تتعلق بلجنة تقصي الحقائق"، ويتعلق الأمر بكل من المستشار البرلماني عن الكنفدرالية الديمقراطية عبد الحق حيسان، والصحفيين محمد أحداد، وعبد الحق بلشكر، وكوثر زاكي، وعبد الإله ساخير.
"أمنستي" تدعو المغرب لإطلاق الزفزافي والصحفي المهداوي
مصر: هجمة أمنية حادة على الصحفيين قبل انتخابات الرئاسة
موت شابين ببئر للفحم الحجري يخرج آلاف المغاربة للشارع (شاهد)