فشلت الولايات المتحدة الأمريكية من جديد في حشد الدعم ضد إيران، بسبب المظاهرات في البلاد، بعد أن فشلت سابقا بحشد الدعم لإلغاء الاتفاق النووي الذي أبرم في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما، وعارضه الرئيس الحالي، دونالد ترامب.
وتحول اجتماع مجلس الأمن، الجمعة، والذي دعت له الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جلسة انتقاد للطريقة التي تعالج بها الولايات المتحدة المشاكل، وتحويل المؤسسة الأممية إلى مكان لتصفية حساباتها.
ورغم الملاحظات على الحريات في إيران، إلا أن الأوروبيين والروس والصينيين والأتراك، وقفوا إلى جانب إيران في وجه الولايات المتحدة الأمريكية منذ توقيع الاتفاق النووي الأخير.
وكان ترامب تعهد بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران في حملته الانتخابية، وهو ما فشل في تحقيقه حتى الآن.
وتقف حسابات كثيرة خلف الموقف الأوروبي من طهران، أبرزها الشأن الاقتصادي، إذ وقعت طهران مع دول أوروبية صفقات تجارية كبيرة بعد توقيع الاتفاق النووي، وهو ما تخشى خسارته بحسب مراقبين.
أما إدارة "رجل الأعمال" ترامب، فليست مهتمة بالاستثمار في إيران فقد قبضت أضعاف ما يمكن أن تربحه هناك سلفا من دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، بحسب آخرين.
الخبير في الشأن الأمريكي، صبري سميرة، أوضح لـ"عربي21" أن المواقف الدولية من إيران ليست كلها نابعة من توافق مع طهران بقدر ما هي نابعة عن مواقف مخالفة لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية كالموقف الروسي والصيني.
سميرة: ما حصل عليه ترامب من صفقات في الخليج بدعوى أن العدو هو إيران أكثر مما سيحصل عليه لو استثمر فيها
كما أن بعض الدول لديها مصالح تجارية مع إيران تسعى لحمايتها ولا تريد أي هزات في الشرق الأوسط مثل الموقف الأوروبي والتركي.
ولفت إلى أن "البراغماتية" الأمريكية ممثلة حاليا بشخص الرئيس ترامب الذي يعرف نفسه بأنه رجل أعمال، ويتحدث بلغة المال، ترى أن ما حصل عليه ترامب من صفقات في الخليج بدعوى أن العدو هو إيران أكثر مما سيحصل عليه لو استثمر فيها.
ووقعت السعودية أكبر صفقة تسليح في التاريخ مع الولايات المتحدة الأمريكية بأكثر من 450 مليار دولار.
ولفت سميرة إلى أن الرأي العام، وأجهزة الدولة في الولايات المتحدة، غير مقتنعة كلها بما يقوم به ترامب تجاه إيران، وهذا ما يفسر فشله في إلغاء الاتفاق النووي الذي وقع في عهد سلفه أوباما.
وأكد أن ترامب يهتم بتحصيل تنازلات إيرانية تخدم مصالح حلفائه الاستراتيجيين في الشرق الأوسط؛ إسرائيل والمملكة العربية السعودية اللتين تتفقان على أن العدو الأول في المنطقة هو النظام الإيراني.
أوروبيا، وقفت كل من فرنسا وألمانيا في وجه الدعاية الأمريكية تجاه إيران، فيما بقيت الحليفة "بريطانيا" أكثر حذرا ورأت في اجتماع مجلس الأمن "أمرا مشروعا".
وشدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الأربعاء على أهمية استمرار الحوار مع إيران وحذر من أن لغة الخطابات التي تصدر عن أمريكا وإسرائيل والسعودية بشأن طهران تقود فعليا إلى حرب.
وقال ماكرون للصحفيين إن "النهج الرسمي الذي تتبعه الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية، وهم حلفاؤنا في كثير من الجوانب، يكاد يدفعنا إلى الحرب".
وأكدت ألمانيا على ضرورة عدم استغلال الصراع الداخلي في إيران على المستوى الدولي، في إشارة إلى الخطاب الأمريكي.
أما روسيا فاتهمت الولايات المتحدة مباشرة بالتدخل بالشأن الداخلي الإيراني والسيادة هناك، وجاءت الاتهامات على لسان نائب وزير الخارجية، سيرغي ريابكوف، الذي قال إن "الولايات المتحدة تستخدم كل الطرق الممكنة لزعزعة استقرار الحكومات التي تشعر باستياء نحوها".
ووقفت تركيا إلى جانب إيران متهمة "أطرافا خارجية" بالتدخل في سياسة إيران الداخلية، محذرة من أن هذه الأفعال قد تؤدي لرد فعل عكسي، وذلك على لسان إبراهيم قالن، المتحدث باسم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
الخبير والباحث في العلاقات الدولية، وليد عربيد، قال إن الموقف الأوروبي تجاه طهران، ينبع من مصالح اقتصادية كبيرة مع إيران، خصوصا فرنسا وألمانيا.
ولفت في حديث لـ"
عربي21" إلى أن إيران توجهت بعد الاتفاق النووي إلى السوق الأوروبي، ووقعت صفقات كبيرة مع دول أوروبية مهتمة بالاستثمار في إيران، أو حتى في إعادة إعمار سوريا من البوابة الإيرانية.
وأشار إلى أن العداء الأمريكي لإيران له أسباب عديدة بعضها اقتصادي وبعضها سياسي بسبب وضع إيران الجيوسياسي، وإيمان الولايات المتحدة بأنها أصبحت زاوية أساسية وقطبا سياسيا في المنطقة.
عربيد: دول أوروبية عدة مهتمة بالاستثمار في إيران، أو حتى في إعادة إعمار سوريا من البوابة الإيرانية
وترغب الولايات المتحدة بالإبقاء على الضغوط السياسية والاقتصادية على إيران حتى لا تصل إلى مستويات أفضل مما هي عليه الآن.
ووقت إيران اتفاقيات لشراء 100 طائرة إيرباص، ووقعت اتفاقية للاستيراد المنتجات الألمانية، وأخرى نفطية مع فرنسا إلى جانب صفقات مع شركات تصنيع السيارات، وأخرى متعلقة بالطاقة والبنية التحتية مع إيطاليا، وصفقة للطاقة المتجددة مع شركة بريطانية.