شهدت العلاقات التركية مع عدد من الدول الأوروبية انفراجة ملحوظة رغم استمرار تعثر المفاوضات الساعية لالتحاق تركيا بالاتحاد الأوربي، وهو ما أكده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارته الأخيرة إلى باريس، حينما قال إننا "نسعى إلى رفع حجم التبادل التجاري مع فرنسا إلى 20 مليار يورو".
وبيّن
أردوغان، أن حجم التبادل التجاري بين تركيا وفرنسا حاليا يبلغ 13.5 مليار يورو، مضيفا:
"نريد رفعه إلى مستويات أعلى، وأعتقد أنه لو رفعناه إلى مستويات أعلى؛ فإننا
سنحقق هدف الوصول إلى حجم تجاري بقيمة 20 مليار يورو".
ووصف زيارته إلى فرنسا بالمهمة، من حيث ضم أجندتها
قضايا ثنائية وإقليمية، موضحا أنه جرى توقيع ثلاث اتفاقيات، إحداها مع شركة
"يوروسام" الفرنسية الإيطالية لإنتاج منظومة دفاع جوي وصاروخي، والثانية
بين الخطوط الجوية التركية وشركة "إيرباص" الفرنسية، والأخيرة في القطاع
الغذائي.
اقرأ أيضا: أردوغان: دخلنا مرحلة جديدة مع الاتحاد الأوروبي
ولم يخفِ أردوغان أسفه من تأخير انضمام تركيا إلى
الاتحاد الأوربي عدة عقود، قائلا: "جعلوا تركيا تنتظر على أبواب الاتحاد
الأوروبي طيلة 54 عاما، وأقولها من هنا، من فرنسا، لسنا بصدد المطالبة المستمرة
بالانضمام".
وفي الإطار ذاته، عبر وزيرا الخارجية الألماني
والتركي السبت الماضي، عن رغبتهما في استئناف حوار وثيق بينهما بعد سنوات من
التوتر في العلاقات الثنائية.
وغداة زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى
باريس، توجه مولود تشاووش أوغلو إلى مدينة غوسلار (حوالي 250 كلم غربي برلين)
الدائرة الانتخابية لنظيره الألماني سيغمار غابريال.
ليس من مصلحة أوروبا التخلي عن تركيا بشكل كامل
وتأتي هذه الزيارة في إطار الجهود التي تبذلها أنقرة
للخروج من عزلتها بعد حملة القمع التي تلت الانقلاب الفاشل عام 2016، ولاستئناف
الحوار الذي تراجع إلى حد كبير مع الاتحاد الأوروبي.
بدوره، يرى المحلل السياسي التركي صباح الدين أرسلان
أنه ليس من مصلحة أوروبا التخلي عن تركيا بشكل كامل، مؤكدا أن العلاقات بين تركيا
وأوروبا قائمة على التبادل الاقتصادي.
ويشير أرسلان في حديث خاص لـ"عربي21"، إلى
أن تركيا ليست حريصة مثل الماضي على الانضمام للاتحاد الأوربي، معللا ذلك بأنه
"يوجد بدائل كثيرة أمامها، وتسعى حاليا لتوسيع تعاونها الاقتصادي مع جميع
الدول بما فيها الأوروبية".
ويضيف أن "منظمة الدول الأوروبية تواجه حاليا
مشاكل كثيرة بينها، لذلك ليس مطروحا الآن ضمن الأولويات التركية الحديث في
انضمامها للاتحاد الأوروبي".
اقرأ أيضا: أردوغان من فرنسا: لن نطرق باب الاتحاد الأوروبي إلى الأبد
ويشدد أرسلان على أن "تركيا بدأت الانفتاح
الاقتصادي على جميع الدول وجهودها مع الدول الأوروبية مماثلة ما تقوم به في القارة
الأفريقية"، متابعا قوله: "إذا مدت أوروبا يدها إلى تركيا فسيكون تعاون
وترحيب تركي، ولو حدث غير ذلك يوجد دول أخرى تستطيع تركيا التعاون معها".
وينوه المحلل السياسي التركي إلى أن النمسا اتصلت
مؤخرا بوزير الخارجية التركية وطلبت فتح علاقات ثنائية، موضحا أن ذلك "يعد
دليلا على أن الدول الأوروبية بحاجة إلى تركيا".
ويعتقد أرسلان أن اللغة الأوروبية تتصاعد ضد تركيا
فقط في أوقات الانتخابات التي تروج للدعاية القومية لأغراض حزبية، مستدركا بقوله:
"لكن سرعان ما تنخفض لغة التصعيد، لأن حجم التبادل التجاري كبير وتحديدا مع
ألمانيا".
أردوغان يعتقد أنه وصل إلى تركيا قوية تستطيع أن تقول لا حينما يكون الأمر ضد مصالحها
ويتوقع أن تشهد الفترة القادمة جهودا تركية مضاعفة
لتوسيع النشاط الاقتصادي مع جميع الدول الأوروبية، بعد حدوث انفراجات في العلاقات بين فرنسيا وألمانيا اللتين تعدان دولتين محوريتين في أوروبا.
من جهته، يرى المحلل السياسي محمود عثمان أن أردوغان
يعتقد أنه وصل إلى تركيا قوية تستطيع أن تقول لا حينما يكون الأمر ضد مصالحها،
مؤكدا أن العامل الاقتصادي هو الأنجح في العلاقة بين تركيا وأوروبا، لافتا إلى حجم
التبادل التجاري التركي الكبير مع ألمانيا.
ويشدد عثمان في حديث خاص لـ"عربي21" على
أنه مهما ارتفعت وتيرة التصعيد السياسي بين الطرفين، إلا أن الجانب الاقتصادي كان
لا يتأثر كثيرا بهذا التوتر السياسي، مشيرا إلى أن المبيعات التركية في أوروبا
والاستثمارات الأوروبية المباشرة في تركيا تدلل على أن قنوات التواصل مفتوحة.
اقرأ أيضا: ألمانيا وتركيا تعبران عن رغبتهما في استئناف الحوار
ويعتقد عثمان أن "الفترة القادمة ستشهد انفراجا ملحوظا وهو ما بدأ في فرنسا وسيستمر باتجاه ألمانيا"، معتبرا فرنسا وألمانيا
ما أسماه "الدينمو" المحرك لكافة الدول الأوروبية.
ويربط المحلل السياسي "انخفاض شهية تركيا للالتحاق بالاتحاد الأوروبي، بسبب التوتر السياسي العالمي سواء داخل تركيا أم خارجها"، متابعا قوله: "كل هذا التوتر لا يمكن أن يؤدي إلى قطعية، لأن
الحاجة الاقتصادية بين تركيا وأوروبا متبادلة".
ويؤكد أن "غالبية الدول الأوروبية ترى في تركيا شريكا قويا سواء في الاقتصاد أو السياسة أو العسكرية"، مستدركا بقوله:
"إلا أن الغالبية في الاتحاد الأوربي لا ترى في تركيا جزءا منها، وترغب فقط
بالتعاون الثنائي والشركات الاقتصادية لتحقيق المنفعة المتبادلة المحدودة
باتفاقيات معينة".
زواج البنت عند 9 سنوات.. دعاية الإسلاموفوبيا تصل تركيا
محللون : لهذا اتخذت تركيا موقفها الحالي من تظاهرات إيران
محللون يقرأون هدف الوجود التركي على البحر الأحمر