رغم مرور 100 يوم على توقيع اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة في 12 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بين حركتي حماس وفتح، والذي نص على عودة السلطة لتولي زمام الأمور في قطاع غزة بعد غيابها لأكثر من عشر سنوات وحل بعض القضايا الأخرى مثل قضية الموظفين والمعابر والوزارات وصولا لإجراء انتخابات شاملة في الأراضي الفلسطينية.
ومر الاتفاق بكثير من التجاذبات الإعلامية بين طرفي الانقسام (حماس وفتح) كان آخرها تشكيك نائب رئيس المكتب السياسي السابق لحماس، موسى أبو مرزوق، في مقابلة مع صحيفة "الرسالة" أمس الإثنين، في إمكانية نجاح اتفاق المصالحة هذا العام، مرجعا ذلك لسياسية حركة فتح والرئيس محمود عباس ورفضهم لرفع العقوبات عن غزة، إلا أن الاتفاق لم يطبق بعد.
وكان عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤول ملف المصالحة قد اتهم حماس في 29 من الشهر الماضي، بعدم التزامها بإتفاق المصالحة، وبالمسؤولية عن العراقيل التي تمنع تطبيق الاتفاق.
اقرأ أيضا: العاروري يوضح سبب فشل المصالحة الفلسطينية بشكل متكرر
ويظهر الجانب المصري تمسكا بإنجاح اتفاق المصالحة رغم إدراكه المسبق لصعوبة هذه المهمة، كما أن كل محاولات تقريب وجهات النظر بين طرفي الانقسام وصلت لطريق مسدود، فهل ترى مصر في المصالحة خيارا استراتيجيا وما هي أهدافها من وراء انجاحه؟
مصلحة استراتيجية
وفي هذا الصدد قال أستاذ العلوم السياسية والخبير في شؤون حماس، حسام الدجني، إن "الجانب المصري تبنى المصالحة كراعٍ للمصالحة وهو بمثابة الوسيط بين طرفي الانقسام وليس مقررا للحكم في نجاح أو فشل المصالحة، كما أن تعثر المصالحة يعود للطرف الفلسطيني وليس الجانب المصري الذي يعلم مسبقا أن هنالك أصواتا داخل حماس وفتح ترفض اتفاق المصالحة، ولكن مصلحة الجانب المصري تحتم عليه ألا يخسر طرفا قويا كحركة فتح ممثلة برئيس السلطة الفلسطينية الذي قد يضطر في يوم من الأيام لإبرام تسوية سياسية في المنطقة قد لا تكون مصر طرفا فيها في حال اتهمت مصر حركة فتح بإفشال الاتفاق".
وأضاف الدجني في حديث لـ"عربي21" أن "الجانب المصري ينظر للمصالحة الفلسطينية على أنها خيار استراتيجي" لأنها ستعطي مصر "وزنا سياسيا في المعادلة الدولية والإقليمية، كما أن مصر مكلفة برعاية اتفاق المصالحة من جامعة الدول العربية، وهي لا تريد إفشاله كي لا تعطي لخصومها السياسيين كدولة قطر هذا الملف الحساس"، بالإضافة "للمصلحة الأمنية والقومية التي تتمثل في استقرار الوضع الأمني في سيناء".
تسوية سياسية
أما الكاتب والمحلل السياسي وعضو اللجنة المركزية السابق للجبهة الشعبية، ذو الفقار سويرجو، فرأى أن "رعاية الجانب المصري لملف المصالحة مرتبط بالتوجهات الدولية لإعادة ترتيب خارطة التوازنات السياسية في المنطقة فيما بات يعرف (بصفقة القرن) والتي تتمثل بإعادة قطاع غزة للشرعية الفلسطينية ليصبح جزءا من الكيان الفلسطيني تمهيدا لإجراء تسوية سياسية بين السلطة وإسرائيل يكون قطاع غزة جزء من هذا الاتفاق كما هو الحال في الضفة الغربية".
اقرأ أيضا: هذا ما تمت مناقشته في لقاء حركتي فتح وحماس بالقاهرة
وأوضح المحلل السياسي في حديثه لـ"عربي21" أن "إصرار مصر على إنجاح المصالحة هو نتيجة الضغوط الدولية التي تمارس عليها لتسريع هذا الاتفاق، وهو الأمر الذي يدفع الرئيس الفلسطيني لوضع عراقيل في تطبيق هذا الاتفاق لأنه يدرك أن هنالك ثمنا سياسيا باهظا سيتحمله للقبول بصفقة القرن".
مصلحة إسرائيلية
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح في الضفة الغربية، عبد الستار قاسم، فقال إن "الجانب المصري ينظر للمصالحة الفلسطينية بنظرة المصلحة التي ستعود عليه من نجاح هذا الاتفاق والتي تتمثل بإنهاء حالة الفوضى الأمنية في ولاية سيناء بما يخدم المصلحة الإسرائيلية في منع تهريب الأسلحة من سيناء لقطاع غزة من خلال عودة السلطة الفلسطينية للسيطرة على قطاع غزة، كما أن مصلحة النظام هو إشغال الشارع عن الأزمات التي يعيشها وإظهار النظام أنه يواجه تحديات سياسية قد تطيل من مدة بقائه في الحكم".
وأوضح أستاذ العلوم السياسية في تصريح لـ"عربي21" أن "فشل المصالحة يعني بداية سقوط الأوراق السياسية للنظام وهو ما يفقده دوره السياسي في المنطقة، كما أن صمت السياسيين في إسرائيل وعدم الحديث عن المصالحة يؤكد مدى عمق المصلحة بين تل أبيب والقاهرة وموقفهما من المصالحة".
لماذا لا يستثمر "عباس" الضغط الأمريكي في تسريع المصالحة؟
موقع إسرائيلي: حماس تسعى لتفادي الحرب ورسالة السنوار واضحة
أردوغان في السودان.. هل للزيارة علاقة بمصر؟