قلل خبراء ومراقبون من أثر أي محاولات لنظام زعيم الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، في التواجد العسكري بإريتريا؛ بهدف دعم المعارضتين السودانية والإثيوبية من أجل خلق اضطرابات أمنية وسياسية في بلادهما، واستخدامها القاهرة كورقة ضغط في مسألة سد النهضة.
وأكدوا في تصريحات لـ"عربي21" أن أي تحرك في هذا الاتجاه لن يأتي إلا بنتائج عكسية، وأن الوقت متأخر لفعل أي شيء، بعد أربع سنوات من انشغال نظام السيسي في تأمين حدود إسرائيل وأمنها على حساب أمن مصر المائي.
وأجرى السيسي، الثلاثاء، مباحثات مع نظيره الإريتري أسياس أفورقي بالقاهرة، في وقت يسود فيه التوتر بين البلدين من جهة وإثيوبيا والسودان من جهة أخرى.
ويوم السبت الماضي أعلن السودان عن إغلاق حدوده مع إريتريا بعد أسبوع من إعلان البشير حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر في ولايتي كسلا وشمال كردفان.
وقامت الخرطوم يوم الخميس الماضي باستدعاء سفيرها لدى القاهرة، عبد المحمود عبد الحليم، للتشاور، على خلفية التحرك المصري على حدود البلاد الشرقية والجنوبية.
اقرأ أيضا: هل تدق طبول الحرب على حدود السودان وإريتريا؟
الهدف إثيوبيا
وعلق أستاذ العلوم السياسية وخبير الشؤون الأفريقية، بدر شافعي، بالقول إن "التواجد العسكري المصري في إريتريا الهدف منه إثيوبيا وليس السودان؛ ولو كان المستهدف السودان لدعمت مصر شمال السودان ودارفور، ولكنها تعلم أن الخرطوم لديها ما يكفيه من مشكلات".
وأوضح لـ"عربي21" أن "النظام في مصر يفكر منذ مدة في خطو مثل هذه الخطوة لجعل إثيوبيا أكثر مرونة في المفاوضات، واستخدام المعارضة الإثيوبية في إريتريا (الأورومو والأمهرة) كورقة ضغط لقيامها بحرب بالوكالة، وهي إن حدثت فلن تزيد إثيوبيا إلا تعنتا".
واستبعد أن يكون الهدف من تحرك القوات هو "تدمير سد النهضة في ظل نظام التأمين الشديد الذي توفره أديس أبابا للسد بدعم إسرائيلي أمريكي من ناحية، وقوته وصلابته من ناحية أخرى"، مؤكدا أن مثل كل تلك المحاولات "لن تردع إثيوبيا، التي فطنت لهذا الأمر منذ 2016 عندما وقعت مظاهرات بها، واتهمت مصر صراحة بدعمها".
علاقة فاترة
وفند رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشورى المصري السابق، رضا فهمي، تجاهل السيسي ملف سد النهضة طوال سنوات حكمه الأربع، قائلا: "أين كان السيسي طوال السنوات الأربع؟ كان مشغولا بتأمين حليفه الاستراتيجي إسرائيل وبحصار غزة، وإقامة منطقة عازلة، والحفاظ على ترسيخ حكمه".
وأضاف لـ"عربي21" أن "الجانب المصري كان لا يأبه للسودان، ويرى دائما وأبدا أن على الجانب السوداني أن يتماهى مع الجانب المصري على المستوى الإقليمي أو الدولي، نتيجة المشاكل الأمنية والاقتصادية التي كان يعاني منها السودان طوال العقود الماضية"، مشيرا إلى أن "العلاقة مع السودان يمكن أن توصف بالعلاقة الحذرة والفاترة، وتؤثر فيها خمسة ملفات رئيسية".
وعدد تلك الملفات قائلا: "ملف مياه النيل، وأزمة سد النهضة، وأزمة دارفور، وأزمة مثلث حلايب وشلاتين، وأخيرا ملف جزيرة سواكن، الذي كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير واعتبرته القاهرة تهديدا مباشرا لأمنها القومي، في حين لم تر في تنازلها عن تيران وصنافير أي تهديد، وأصبحت السودان وتركيا تهديدا، وإسرائيل حليفا وصديقا، وهو نتاج حَوَل في سياستها الخارجية".
وتابع: "السؤال: هل تنجح ألعاب السيسي من خلال تحريك المعارضة الإثيوبية في إريتريا؟ هل ما يقوم به هو عمل حقيقي وجاد للحفاظ على حقوق مصر التاريخية من المياه؟ بالطبع لا، فالسد أوشك على الانتهاء وأصبحنا أمام واقع معقد جدا، وخياراته (السيسي) أصبحت محدودة، فتحريك المعارضة سواء في إثيوبيا أم في دارفور بالسودان هي محاولة للفت الأنظار، ودعاية انتخابية رخيصة لن يترتب عليها نتائج، نستطيع أن نقول للسيسي: صح النوم".
اقرأ أيضا: في ظل التوتر مع السودان وإثيوبيا.. مباحثات مصرية إريترية
الحذر والتأني
الباحث الأكاديمي بالجامعات الألمانية، أحمد بدوي، رأى أن أي محاولة من قبل القاهرة لحل خلافاتها مع إثيوبيا والسودان بطرق غير دبلوماسية قد يكون لها عواقب وخيمة".
وقال لـ"عربي21" إن "مثل تلك المحاولات قد تدفع المنطقة إلى حرب لا داعي لها"، مشيرا إلى أن "أمن مصر القومي يتطلب قدرا كبيرا من الحكمة في التعامل مع هذا الملف الحساس".
وأضاف أنه "لا يجب المغامرة بأي شيء يتعلق بنهر النيل، شريان الحياة الأساسي لمصر والمصريين منذ آلاف السنين، من أجل مكاسب وقتية أو بناء على حسابات خاطئة، غير مدروسة".
السيسي يدعو لاستمرار الاتصالات بشأن سد النهضة
شكري يبحث مفاوضات سد النهضة مع رئيس الوزراء الإثيوبي
شكري يتوجه إلى إثيوبيا لبحث "سد النهضة" من جديد