نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا لأستاذ العلاقات الدولية في كلية كوين ماري في جامعة لندن كريستوفر فيليبس، يقول فيه إن عام 2017 كان جيدا لرئيس النظام السوري بشار الأسد.
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه في عام 2017 تم تدمير تنظيم الدولة تقريبا، بعدما ضغط عليه السوريون والروس والإيرانيون من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية المدعومة من أمريكا من جهة أخرى، فيما تخلى الداعمون الخارجيون عن معارضي الأسد، وتركوهم في جيوب معزولة ومهمشين سياسيا.
ويقول فيليبس إن "موقع الأسد سيكون أكثر قوة من خلال المؤتمر المزمع تنظيمه هذا الشهر في منتجع سوتشي، الذي تأمل من خلاله موسكو برعاية اتفاق تشارك فيه عناصر كردية ومن المعارضة، ويترك في النهاية الأسد مسيطرا".
ويجد الكاتب أنه "حتى لو استطاعت روسيا التوصل لاتفاق قابل للاستمرار، فإنه سيتم استبعاد العديد من جماعات المعارضة، وعلاوة على هذا كله فإن علاقات موسكو وطهران ودمشق لم تكن تصالحية خلال السنوات الست الماضية من الحرب، ولن يفاجئ أحد لو تم تعويق أي اتفاق أو تجاهله".
ويؤكد فيليبس أنه "على ما يبدو فإن أي شيء سيحدث في سوتشي لن ينهي الحرب، فهي مستمرة، فالديناميات المحلية والإقليمية والدولية تشير إلى أن الحرب ستتواصل خلال عام 2018، وحتى لو تم تأمين موقع الأسد؛ وذلك لعدة أسباب، أولها أن الأسد وحلفاءه متمسكون على ما يظهر بالحل العسكري وهزيمة بقايا المعارضة، التي تضم هيئة تحرير الشام، وتسيطر اليوم على أربع مناطق: محافظة إدلب، والرستن، وقرب حمص، وبعض النواحي حول دمشق، خاصة الغوطة الشرقية ومنطقة قرب الحدود الإسرائيلية والأردنية جنوب سوريا، ورغم كون هذه المناطق داخل (خفض التوتر) التي تم الاتفاق عليها العام الماضي برعاية روسية، إلا الأسد وإيران وروسيا خرقوا وبشكل منتظم اتفاقيات وقف إطلاق النار، حيث منحت الهدنة راحة لقوات الأسد لتركز جهودها على شرق سوريا، واستعادة مناطق (الخلافة)، ومنع قوات سوريا الديمقراطية من السيطرة عليها، والآن وقد انتهت (الخلافة) بشكل كبير، فإن قوات الأسد وحلفاءها تركز انتباهها على مناطق المعارضة".
ويلفت الكاتب إلى أن "قوات الحكومة السورية بدأت حملة في كانون الثاني/ يناير في محافظة إدلب؛ بهدف السيطرة على المناطق الأقل كثافة من الناحية السكانية حول مطار أبو الظهور، وسيكون هذا فاتحة للتقدم نحو مدينة إدلب، إلا أن هذا يعتمد على قدرة الروس على الحصول على موافقة تكتيكية من الأتراك أم لا، خاصة أن التقدم يعني وجود لاجئين جدد سيتوجهون نحو تركيا من منطقة يعيش فيها مليونا نسمة".
وينوه فيليبس إلى أن "هيئة تحرير الشام تعد القوة المهيمنة بين المعارضة، وتتعامل معها الولايات المتحدة وروسيا وتركيا على أنها حركة إرهابية، إلا أن معظم حركات المعارضة مترددة في المشاركة في مؤتمر سوتشي، الذي تراه، وهي محقة، استسلاما للناس بشكل يفتح الباب لمواجهة محتومة".
ويقول الكاتب: "تنتظر جيوب المعارضة الأخرى المصير ذاته، فالرستن والجنوب قد يتم إقناعها بالتسوية مع الأسد، إما من خلال سوتشي أو اتفاقيات أخرى، إلا أن الأسد الواثق من وضعه القوي سيتعامل مع الغوطة الشرقية بالقوة؛ لأنها مصدر الصواريخ التي تضرب العاصمة كلها".
ويفيد فيليبس بأن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة يقدر بأن هناك 417 ألف سوري لا يزالون يعيشون في المناطق المحاصرة، وغالبيتهم في الغوطة، لافتا إلى أن عملية عسكرية في الغوطة وإدلب ستكون عنيفة، وتؤدي إلى ضحايا، وتخلق أزمة لجوء جديدة.
ويبين الكاتب أن "العامل الثاني، وبعيدا عن النزاع المتواصل مع المعارضة، فإن العلاقة بين الأسد والأكراد تظل غير واضحة، وقد تنزلق نحو العنف، وفي الوقت الحالي تواجه القوات الحكومية والأكراد بعضها على ضفتي الفرات، وتسيطر على جيوب معزولة في المناطق الخاضعة لكل منهما، وطالما ظلت القوات الأمريكية تسيطر على الأجواء، وظل ثلاثة آلاف جندي أمريكي موزعين على 10 قواعد عسكرية، فإن قوات سوريا الديمقراطية ستشعر بالأمن النسبي من الأسد، الذي يهدف لاستعادة كل بوصة من سوريا".
ويستدرك فيليبس بأنه "رغم التأكيدات من البنتاغون حول وجود دائم، إلا أن عدم التكهن بتصرفات الرئيس دونالد ترامب، وعدم استعداد واشنطن لمنع سقوط مدينة كركوك، وميل الولايات المتحدة للتخلي عن مصالح الأكراد، جعلت الكثير من الأكراد يشعرون بالقلق".
ويقول الكاتب إنه "يتوقع أن يقوم حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يسيطر على قوات سوريا الديمقراطية، وسيحضر سوتشي بصورة غير رسمية، بالتوصل لصفقة مع الأسد من خلال روسيا، يتم من خلالها الانسحاب من المناطق ذات الغالبية العربية على طول الفرات مقابل منطقة حكم ذاتي على طول الحدود السورية مع تركيا".
ويذهب فيليبس إلى أنه "من المفترض أن تغادر القوات الأمريكية في حال وجود سيناريو كهذا، إلا أن التزام الأسد بالصفقة وقد أظهر عدم استجابة للروس يعني أن تكريسه للاتفاق على المدى البعيد يظل محلا للتساؤل، ويعد حزب الاتحاد الديمقراطي خطرا أيديولوجيا على الأسد، ولن يسمح له بالانتعاش في شمال سوريا، وستلجأ الحكومة السورية للتأثير على منطقة الحكم الذاتي من خلال التلاعب السياسي أو العنف/ إعادة الغزو وبرضا تركيا، ربما، خاصة عندما يغادر الداعمين لحزب الاتحاد الديمقراطي كلهم".
ويرى الكاتب أنه "إلى جانب العنف القادم من داخل سوريا، هناك العنف من الخارج، فلربما هزم تنظيم الدولة، إلا أن أتباعه الأقدمين والجدد لا يزالون في سوريا والعراق، وربما بدأ هجمات على وتيرة منخفضة أو حتى حملة متجددة، كما أن تركيا لا تزال متحفظة تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي، كونه فرعا لحزب العمال الكردستاني، وقد تتحرك ضد المناطق المتاخمة، مثل عفرين في شمال سوريا".
ويبين فيليبس أنه "بالقدر ذاته، فإسرائيل الخائفة من وجود حزب الله وإيران في سوريا نتيجة للحرب كثفت من هجماتها على القوافل العسكرية عام 2017، فالجولة القادمة من الحرب التي طال انتظارها ستكون ساحتها هذه المرة سوريا ولبنان".
ويخلص الكاتب إلى أنه "ربما كان لدى الأسد ما يدعوه للفرح، خاصة أنه نجا طوال سنوات الحرب الأهلية التي اندلعت للإطاحة به، ومهما حدث في سوتشي هذا الشهر فعلى ما يبدو سيظل الديكتاتور السوري في موقعه رئيسا، إلا أن النزاع بالنسبة للسوريين الذين عانوا طويلا لم ينته، بل سيتطور ويستمر عام 2018 وربما بعده، ربما ربح الأسد الحرب، إلا أن السلام لا يزال بعيدا".
واشنطن بوست: من يهاجم الروس بالقواعد العسكرية السورية؟
"التايمز" تكشف تفاصيل مثيرة عن المرتزقة الروس بسوريا
نائب قوات التحالف الدولي: الحرب ضد تنظيم الدولة لم تنته