أثارت المعلومات التي تم تسريبها عن فيلم سينمائي جديد يتناول الفترة الممتدة من ثورة كانون الثاني /يناير 2011 وحتى الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013، جدلا كبيرا في مصر.
ويفرض صناع فيلم "سري للغاية" حالة من التكتم الشديد على العمل إلا أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا بعض الصور من الفيلم الذي ينتجه رجل الأعمال المقرب من النظام أحمد أبو هشيمة، ويشاركه في الإنتاج رجل الأعمال كامل أبو علي.
وأعلن منتجو الفيلم تغيير اسمه من "أيام الثورة والغضب" إلى "سري للغاية"، مؤكدين أنه سيطرح في دور العرض السينمائي في شهر أيار/ مايو المقبل.
الفيلم كتبه وحيد حامد ويخرجه محمد سامي، ويشارك في بطولته أحمد السقا الذي يجسد شخصية قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وأحمد رزق في شخصية الرئيس محمد مرسي، وخالد الصاوي الذي يلعب دور نائب مرشد جماعة الإخوان خيرت الشاطر، ونبيل الحلفاوي الذي يجسد شخصية المشير طنطاوي.
ويجسد دور الرئيس المصري الأsبق حسني مبارك، الممثل أحمد شاكر عبد اللطيف، ومحمود حميدة في دور مرشد الإخوان محمد بديع، إضافة إلى عشرات الفنانين المصريين الذين يشاركون كضيوف شرف على رأسهم عادل إمام وكريم عبد العزيز ومحمد رمضان وغيرهم.
"نسخة جديدة من رد قلبي"
وفور تسريب بعض الصور من الفيلم، أعرب كثير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي عن استيائهم من فكرة الفيلم، مؤكدين أنه سيكون مليئا بالنفاق والكذب وتزوير الأحداث لتمجيد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وقادة الجيش وتشويه خصوم النظام وفي مقدمتهم الإخوان المسلمين.
ويقول مراقبون إنه من الخطأ تاريخيا وفنيا تنفيذ عمل فني يتناول أحداثا تاريخية ما زالت جارية ولم تأخذ الوقت الكافي في البحث والدراسة، مؤكدين أن أي عمل فني يتناول شخصيات سياسية ما زالت على قيد الحياة وتتولى مقاليد السلطة فإن نتائجه معروفة مسبقا وأنه حتما سيتضمن الكثير من نفاق السلطة الحاكمة وتشويه معارضيها.
وربط كثيرون بين هذا الفيلم المرتقب وبين عمل سينمائي آخر مشابه، وهو "رد قلبي" الذي تم إنتاجه في خمسينات القرن العشرين بعد سنوات قليلة من ثورة 23 تموز/ يوليو 1952 والذي تضمن تشويها متعمدا للحقبة الملكية في مقابل تمجيد الضباط الأحرار الذين أطاحوا بالملك فاروق.
تمويل رئاسي
وربط مراقبون بين توقيت عرض الفيلم وبين حملة الترويج للسيسي الذي يستعد لخوض انتخابات الرئاسة بعد عدة أسابيع.
ونشر الكاتب خالد منتصر تدوينة عبر صفحته على "فيسبوك" أكد فيها أن الفيلم يتم بتمويل من رئاسة الجمهورية، وبعد ساعات قليلة من نشر هذا المنشور تم حذف التدوينة، كما قامت عدة مواقع إخبارية مصرية بحذف الخبر الذي نشرته نقلا عن منشور منتصر، ومن بينها موقعا صحيفة "الدستور" و"مصراوي".
وبحسب تقرير نشرته صحيفة الوطن المصرية فإن ميزانية الفيلم بلغت نحو 200 مليون جنيه ليصبح صاحب أكبر ميزانية في تاريخ السينما المصرية.
وفي هذا الإطار قال الناشط السياسي "عمرو عبد الهادي": "أحمد السقا ظهر منكسا رأسه ليمثل السيسي في فيلم فاشل يهدف لتزييف التاريخ ودعم السيسي في الانتخابات".
المؤلف يتبرأ من الفيلم
وكان مؤلف الفيلم وحيد حامد، الذي تخصص في تقديم الأعمال الفنية التي تهاجم الجماعات الإسلامية منها فيلم "الإرهاب والكباب" و"طيور الظلام" والمسلسل التلفزيوني "الجماعة"، قد أعلن تبرؤه من الفيلم حيث نقل عنه الناقد الفني طارق الشناوي قوله: "ليس لدي من الأصل سيناريو اسمه سري للغاية"، مشيرا إلى أن حامد رفع يده عن الفيلم بسبب اعتراضه على تغيير السيناريو واختيار المخرج محمد سامي لإخراج الفيلم.
ولم تتوقف ردود الأفعال على السخط من نفاق الفيلم للسلطة فقط، بل شملت أيضا السخرية من أبطاله والأخطاء الساذجة التي وقع فيها صناع الفيلم، من بينها ظهور أحمد السقا في أحد المشاهد وهو يرتدي القبعة العسكرية لرتبة "المشير" بينما يضع على أكتافه الشارة الخاصة برتبة "اللواء".
كما لاحظ نشطاء أن السقا يتعمد الوقوف بطريقة غريبة أثناء تصوير مشاهد الفيلم حيث يطأطئ رأسه ويثني ركبته ويحني ظهره قليلا حتى يقلد المظهر الحقيقي للسيسي.
وأعرب كثيرون عن خيبة أملهم في بعض أبطال الفيلم وعلى رأسهم الممثل أحمد السقا، الذي يجسد شخصية قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وقالوا إنه سيمحو تاريخه الفني ويخسر حب الجماهير له بعد موافقته على المشاركة في نفاق النظام وتزوير الحقائق، على حد قولهم.
وفي هذا السياق، قالت "دينا وليد": "فيلم سري للغاية ده هيبقى أعفن خطوة في حياة أحمد السقا وهيخسر بسببها كتير وهيندم كمان، مش بس عشان التطبيل والتزييف اللي هيحصل لكن عشان قمة الغباء في تجسيد شخص مالوش ملامح ولا مفهومله أول من آخر عشان يتحط في فيلم ويتعمله قصة من الأساس".
بينما قال عمرو الشريف: "أحمد السقا بيقوم بدور بلحة لأنه بيتقن السهوكة والمحن وأحمد رزق بيحاول يبقى راجل ويقوم بدور محمد مرسي بس مش هيعرف".
أما "ريحانة" فقالت: "فيلم سري للغاية سيكون مثل فيلم "رد قلبي" الذي زيف وعى أجيال كاملة وفهمهم إن ثورة يوليو أنقذت مصر من الملكية، وأن الضباط هما اللي حرروا مصر من الظلم، بينما الحقيقة أنها كانت بداية لأسوأ عصر من الفساد في تاريخ مصر".
أحكام مشددة بالمؤبد والحبس والغرامات لمعتقلي "فض النهضة"
مرسي في 2017.. أحكام قضائية وتراجع صحي وسيناريوهات مستقبلية
جنرال يروي تفاصيل مشاركته بالانقلاب ومخطط التوطين بسيناء