نشرت صحيفة "تسايت" الألمانية تقريرا، تحدثت فيه عن ظاهرة شراء
اللوحات الفنية بأثمان باهظة، إذ يبدو أن الفنون الجميلة أصبحت تستهوي أثرياء وحكام الخليج، إلى درجة أنهم يقدمون على اقتناء اللوحات الفنية بأثمان تفوق قيمتها الحقيقية بأضعاف.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن تجارة اللوحات الفنية أصبحت بمثابة الهواية بالنسبة "للأثرياء الجدد". ومؤخرا، أنفق ولي العهد السعودي، محمد
بن سلمان، حوالي 450 مليون دولار من أجل الظفر بلوحة "سالفاتور مندي" للرسام ليوناردو دا فنشي. والغريب في الأمر أن المبلغ الذي دفعه ابن سلمان من أجل هذه الرائعة الفنية يفوق بكثير قيمتها الحقيقية. ومن المنتظر أن يواصل الكثير من الأغنياء تبذير أموالهم عن جهل.
وأكدت الصحيفة أنه خلال السبعينات، عملت الإمبراطورة الإيرانية السابقة، فرح ديبا، على تأثيث متحف طهران للفنون المعاصرة بمجموعة نادرة من التحف واللوحات الفنية الثمينة، على غرار لوحات جاكسون بولوك، وفرانسيس بيكون، وبابلو بيكاسو. ولهذا الغرض، أنفقت ديبا كل عائدات النفط. وبعد سقوط نظام الشاه، فقد متحف طهران بريقه، ليفسح المجال أمام متحف "جيتي" بلوس أنجلوس، لاقتناء التحف واللوحات الثمينة.
وأشارت الصحيفة إلى أن انفراد جيتي بسوق التحف واللوحات الفنية الثمينة يعيد للأذهان بدايات القرن العشرين، حيث كان الأثرياء الأمريكان، أمثال هنري كلاي فريك وجون بيربونت مورجان، يتهافتون على نقل التحف الفنية القيمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وفي سنة 1996، كان متحف جيتي يحتوي على تحف فنية بقيمة 110 ملايين دولار.
وأضافت الصحيفة أن اليابانيين اقتحموا سوق اقتناء التحف واللوحات الفنية النادرة، بعد أن خفت بريق متحف جيتي. ولعل أكثر اللوحات التي تستهوي اليابانيين هي اللوحات الانطباعية، مثل لوحة عباد الشمس للرسام الهولندي فينسنت فان غوخ، التي اقتنتها شركة "ميجي ياسودا" للتأمين بمناسبة الاحتفال بذكرى مئة عام على تأسيسها. ومن أجل الظفر بهذه اللوحة، دفعت هذه الشركة اليابانية قرابة 24.75 مليون جنيه إسترليني؛ لأن هذه اللوحة رسمت بالتزامن مع تأسيس الشركة.
وأوضحت الصحيفة أن هوس اليابانيين باقتناء اللوحات النادرة بلغ ذروته في شهر أيار/ مايو من سنة 1990، حيث أنفق رجل الأعمال الياباني، ريو سايتو، قرابة 82.5 مليون دولار من أجل الظفر بلوحة "الدكتور غاشيه" للرسام فان غوخ. وفي وقت لاحق، أقدم هذا المستثمر الياباني على شراء لوحة "طاحونة لا غاليت" بقرابة 78.1 مليون دولار. وعموما، انتقلت أغلى خمس لوحات فنية في العالم إلى اليابان.
وأفادت الصحيفة بأن الروس كانوا أول من اقتحموا سوق المنافسة على شراء التحف الفنية النادرة. فعقب سقوط الاتحاد السوفيتي، عمل الأثرياء الروس على اقتناء اللوحات الروسية التي رسمت خلال أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، فضلا عن استعادة التحف الفنية التي بيعت لدول أوروبا الغربية بعد الثورة البلشفية.
فعلى سبيل المثال، اقتنى رجل الأعمال الروسي، فيكتور فيكسلبيرغ، مجموعة من التحف على شكل بيض قبل عرضها على المزاد العلني بمبلغ قدره 100 مليون دولار. بالإضافة إلى ذلك، يملك مالك نادي تشيلسي، رومان أبراموفيتش، لوحة "تريبتيش" للرسام فرانسيس بيكون.
وتابعت الصحيفة بأن الصينيين اقتحموا سوق المنافسة على اقتناء اللوحات الفنية النادرة، بعد أن فقد الروس شغفهم باللوحات الفنية باهظة الثمن. ولعل ما يسيل لعاب المستثمرين الصينيين هو الفن الكلاسيكي الصيني، حيث يعمل الأثرياء الصينيون على تجميع أغلى التحف الفنية الصينية المعاصرة. في هذا السياق، يتنافس الصينيون مع أكبر رجال الأعمال الأمريكيين، على غرار ديفيد جيفن، وستيفن كوهين، في مجال تجارة اللوحات الفنية.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن أثرياء الخليج دخلوا سوق المنافسة على اقتناء اللوحات الفنية بكل ثقلهم، وذلك بالمشاركة في المزادات العلنية لأشهر اللوحات الفنية. ولا يقتصر ذلك على رجال الأعمال الخليجيين فحسب، بل أقدم عدد من الأمراء والملوك على اقتناء أشهر اللوحات الفنية بأسعار خيالية.