نشرت صحيفة "غازيتا" الروسية تقريرا استعرضت فيه توقعات خبراء أفادوا أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستكون خارج أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة مع اقتراب سنة 2020.
وعلى الرغم من أن أغلبهم اعتقد أن مصالح الولايات المتحدة ستجبرها على التركيز على آسيا بدلا من الشرق الأوسط، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه كان ينظر في البداية إلى "الربيع العربي" بشكل متفائل من قبل واشنطن. ولكن، سرعان ما كشف الواقع عن طبيعة التحديات التي سيكون لها عواقب طويلة الأجل في المنطقة حتى بالنسبة للولايات المتحدة. وما يثير الاهتمام أن الأزمات في الشرق الأوسط لم تسمح للولايات المتحدة بالتخلي عن منطقة الشرق الأوسط دون خسائر سياسية ومالية وجيوسياسية.
وأشارت الصحيفة إلى تفكك الدول، وارتفاع عدد الجماعات المتطرفة في المنطقة، فضلا عن التطورات التي شهدتها العلاقات الأمريكية مع بعض الدول المنطقة، والتي كانت تعتبر في وقت سابق حليفة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وأكدت الصحيفة أن واشنطن التي تقود التحالف الغربي تتحمل مسؤولية الفوضى في المنطقة، إذ أنها تعتبر مصدرا للعدد المتزايد للجماعات الإرهابية بالإضافة إلى احتدام المنافسة بين القوى الإقليمية وتأجج الصراع السني الشيعي.
اقرأ أيضا: روبرت فيسك: إلى أين يقود ترامب الشرق الأوسط؟
وتجدر الإشارة إلى تأثير العملية الأمريكية في العراق التي أدت إلى تشكيل قوى متطرفة في الشرق الأوسط فضلا عن دورها في تعزيز تواجد إيران في المنطقة، جعل الاستراتيجية الأمريكية في الوقت الراهن تقوم على وضع تدابير إضافية لردع إيران والحد من نفوذها في المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى التغييرات التي أدت إلى فقدان الثقة في إدارة باراك أوباما لدى النخب والسلطات المحلية في الشرق الأوسط، بعد أن شعر هؤلاء بعدم قدرة الولايات المتحدة على حمايتهم. وعلى الرغم من أن واشنطن لا تزال تعتبر من أكثر اللاعبين تأثيرا في المنطقة، إلا أن مكانتها تراجعت لدى العديد من الحكومات في المنطقة. وفي هذا السياق، أثر تواجد روسيا على مكانة الولايات المتحدة في المنطقة.
وأضافت الصحيفة أن دونالد ترامب وعد في حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في سوريا، إلا أنه لم يعد بإعادة إعمار الدولة. فضلا عن ذلك، وعد ترامب بإيجاد حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وعموما، تولى ترامب مهمة الظفر بمكانة مناسبة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط ووضع حدا الالتزامات التي أبرمها تجاه بعض الحلفاء دون التخلي عن النفوذ السياسي اللازم في المنطقة وذلك بهدف تحقيق مصالح بلاده.
وأوردت الصحيفة أنه في صيف سنة 2017، خصص الكونغرس الأمريكي حوالي 1.3 مليار دولار لصالح التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة الإرهاب. وفي هذا الإطار، تطورت العلاقات بين الأكراد والأمريكيين، إذ تلقى الأكراد السوريون الذين يقاتلون تنظيم الدولة، دعما ماليا مباشرا من صندوق وزارة الدفاع الأمريكية. وعلى الرغم من تنديد أنقرة بهذه الممارسات، إلا أن تعامل واشنطن مع الأكراد لا يزال مستمرا.
من جهة أخرى، يعتبر الوضع مع الأكراد العراقيين أكثر تعقيدا، إذ قطع البنتاغون التعاون مع الأكراد العراقيين بعد الاستفتاء على الاستقلال، وامتنع عن تقديم الدعم المالي والعسكري. علاوة على ذلك، أمر البيت الأبيض بإلغاء البرنامج السري لوكالة المخابرات المركزية لدعم المعارضة السورية.
وأوضحت الصحيفة أن الوجود العسكري الأمريكي تنامى في الربع الثالث من سنة 2017. ووفقا للبيانات الرسمية، يتواجد حوالي 2000 جندي أمريكي في سوريا و9122 جنديا أمريكيا في العراق لخدمة مصالح واشنطن في الشرق الأوسط.
وذكرت الصحيفة أنه أثناء الحملة الانتخابية لدونالد ترامب؛ لعب صهره جاريد كوشنر دورا هاما، حيث أن له تأثيرا كبيرا على قرار البيت الأبيض فيما يتعلق بمسألة بالتسوية الإسرائيلية الفلسطينية. وما يثير الاهتمام أن ترامب يرغب في تحقيق هذا الهدف الذي فشل سابقوه في تحقيقه.
وأكدت الصحيفة أنه تحت قيادة كوشنر؛ تنفذ إدارة ترامب العديد من الاجتماعات والمفاوضات غير الرسمية وغير المعلنة مع جميع قادة الشرق الأوسط تقريبا. وإلى جانب كوشنر الذي يتحرك بنشاط فيما يتعلق بالمسألة الفلسطينية، يؤدي جيسون غرينبلات، رحلات منتظمة إلى المنطقة لزيارة عدد من الدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية والأردن ومصر.
اقرأ أيضا: هل ستفقد الولايات المتحدة الأمريكية مكانتها في الشرق الأوسط؟
وأفادت الصحيفة أن الأزمات الأخيرة في العالم العربي على غرار الصراع السعودي القطري، ووضع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، فضلا عن حصار الموانئ اليمنية في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى حملة مكافحة الفساد التي أطلقها الأمير السعودي محمد بن سلمان، لاقت العديد من الانتقادات من وزارة الخارجية والدفاع الأمريكية.
ونوهت الصحيفة بأن احتواء النفوذ الإيراني، بالإضافة إلى المشاركة في الصراع السوري والتواجد العسكري في الشرق الأوسط هي من أهداف الإدارة الأمريكية التي تسعى إلى أن تحظى بمكانة هامة في المنطقة. وعموما، من غير الصائب تجاهل الوجود الأمريكي في المنطقة حتى في حال تراجع حجم نفوذه.
نيويورك تايمز: هل تنقل واشنطن سفارتها للقدس بحلول عام 2019؟
فورين بوليسي: هل يمكن لإيران السيطرة على الشرق الأوسط؟
ستريتس تايمز: هل ستقود عملية ترامب للسلام لحرب جديدة؟