واصلت الحكومة
المصرية
منح السفن العابرة لقناة السويس تخفيضات كبيرة على رسوم المرور للعام الثاني على
التوالي، كما عدلت في نسب التخفيضات الممنوحة لها، في محاولة لمواجهة المنافسة
الحادة من طرق الملاحة البديلة للقناة.
وشملت هذه التخفيضات
ناقلات البترول الخام، المحملة أو الفارغة، القادمة من موانئ الخليج الأمريكي
ومنطقة الكاريبي وأمريكا اللاتينية والمتجهة إلى آسيا، تبدأ من 45 إلى 75%، وأعلنت
استمرار التخفيضات حتى نهاية عام 2018.
"خفض الرسوم يرفع
الإيرادات"
وأعلنت هيئة
قناة السويس
أمس السبت استمرار العمل بقرارات خفض الرسوم لناقلات الحاويات والبترول والصب
الجافة لمدة عام إضافي، مؤكدة أن 10% من الإيرادات التي حققتها القناة العام
الماضي كانت ناتجة عن تخفيض الرسوم.
وأكدت أن تخفيضات الرسوم
تعد من أهم الأدوات التسويقية لقناة السويس لمنافسة الطرق الأخرى البديلة، وعلى
رأسها طريق رأس الرجاء الصالح، مشددة أن تلك التخفيضات جاءت بناء على دراسة تهدف
إلى تحقيق وفورات اقتصادية للسفن المارة.
وكانت هيئة قناة السويس
قد أعلنت في حزيران/ يونيو 2016 منح تخفيضات بنسب تتراوح ما بين 45 إلى 65% لسفن
الحاويات القادمة من موانئ الساحل الشرقي الأمريكي في طريقها إلي موانئ جنوب آسيا
وجنوب شرق آسيا، وفي يوليو 2016، منحت ناقلات النفط العملاقة القادمة من الولايات
المتحدة والمتجهة إلى دول الخليج العربي تخفيضات في رسوم المرور وصلت إلى 45%.
وفي مطلع 2017 أعلنت
مجددا عن تخفيضات في الرسوم وصلت إلى 50% لبعض الحاويات، وفي منتصف آب/ أغسطس
الماضي أعلنت الحكومة منح تخفيضات لسفن الحاويات الترانزيت في موانئ شمال وجنوب
قناة السويس بنسب تصل إلى 50%.
أداء متراجع
ويقول خبراء إن هذه
التخفيضات الكبيرة دليل على الأداء المتراجع للقناة على الرغم من التوسعة التي
قامت بها مصر عام 2015 حيث شقت تفريعة جديدة تسمح بازدواج المرور في جزء من قناة
السويس، وتكلفت أكثر من ثمانية مليارات دولار.
وأعلنت هيئة قناة السويس،
في بيان لها، تلقت "
عربي21" نسخة منه، أن القرار يقضي بمنح تخفيضات
بنسبة 45% على رسوم المرور لناقلات النفط الخام القادمة من موانئ غرب شبه القارة
الهندية بداية من كراتشي في باكستان إلى كوشي بالهند، و75% للناقلات القادمة من
الموانئ الواقعة شرق كوشي، و65% من رسوم المرور لناقلات البترول القادمة من موانئ
أمريكا اللاتينية بداية من كولومبيا (جزيرة سان أندريس) وجنوبها إلى موانئ غرب شبه
القارة الهندية بداية من كراتشي إلى كوشي، كما تمنح الموانئ الواقعة شرق كوشي تخفيضا بنسبة 75% من رسوم القناة العادية.
وأوضحت أن هذه التخفيضات
تأتي تشجيعا للناقلات لاستخدام قناة السويس بدلا من طرق الملاحة الأخرى المنافسة،
وفي مقدمتها رأس الرجاء الصالح، مضيفة أن إقرار التخفيضات يهدف لجذب المزيد من
العملاء وزيادة حجم الإيرادات التي تأثرت سلبا نتيجة انخفاض حركة التجارة العالمية
وتراجع أسعار النفط.
تلاعب بالأرقام
وفي استعراضه لنتائج، أكد
رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش أن حركة الملاحة في القناة شهدت نموا
ملحوظا في أعداد وحمولات السفن في عام 2017، موضحا أن إيرادات القناة في عام 2017
بلغت 93.8 مليار جنيه (5.3 مليارات دولار) بزيادة قدرها 89.5% عن إيرادات 2016
التي سجلت بلغت 49.5 مليار جنيه (2.8 مليار دولار) فقط.
بيد أن محللين شككوا في
دقة البيانات التي ذكرها مميش، وانتقدوا لجوء الحكومة إلى إعلان عوائد القناة
مقومة بالجنيه المصري وليس الدولار كما اعتادت طوال عشرات السنين.
وأكدوا أن الحكومة بدأت
في إعلان العوائد بالجنيه استغلالا للتغير الكبير في أسعار صرف الدولار، بعد قرار
تعويم الجنيه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 الذي أدى إلى رفع سعر الدولار مقابل
الجنيه لثلاثة أضعاف تقريبا، وهو ما يعني إظهار زيادة كبيرة غير حقيقية في عوائد
القناة، لكن عندما يتم التقويم بالدولار يتضح أن زيادة الإيرادات عام 2017 كانت
5.4% فقط مقارنة بعام 2016 على الرغم من توسعة القناة التي استنزفت مليارات
الدولارات.
ويقول مراقبون إن النظام
اضطر إلى هذه الخطوة للتغطية على الإحراج الذي يشعر به، بعد أن جاءت الإيرادات أقل
بكثير من المتوقع بعد حفر التفريعة الجديدة ذات التكلفة الباهظة، وكشفت أن المشروع
الجديد لم يحدث أي أثر يذكر في العائدات الإجمالية للقناة.
"التخفيضات مؤقتة"
في المقابل يقول خبير
النقل البحري أحمد الشامي، إن التخفيضات التي أعلنتها مصر لا تشمل جميع الخطوط
الملاحية، لكنها تستهدف فقط الناقلات العملاقة التي لم تكن تعبر القناة من قبل،
وكانت تفضل استخدام خطوط ملاحية أخرى مثل رأس الرجاء الصالح باعتبارها أقل تكلفة،
كما تستهدف السفن ذات الحمولات الصغيرة التي تفرغ حمولتها وتعود فارغة.
وأضاف الشامي، في تصريحات
صحفية، أن هذه التخفيضات هي أيضا محددة المدة وليست دائمة، مؤكدين أنها نجحت
بالفعل في زيادة عوائد القناة بنسبة جيدة في الربع الأخير من العام الماضي.