دخل الصراع بين حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي وبين ما يسمى "
المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم من دولة الإمارات، في مدينة
عدن (جنوبي
البلاد)، مفترق طرق، بعدما ذهب المجلس بعيدا في مساره، وهو إعطاء مهلة أسبوع
لتغيير الحكومة، التي تتخذ منها المدينة الجنوبية مقرا لها، أو إسقاطها.
كما أعلن المجلس تأييده لخطوة "أبوظبي" في تشكيل "جيش
الشمال" تحت إمرة
طارق صالح، الموجود في مقر قوات التحالف بمنطقة البريقة
شرقي عدن.
تصريحات عيدروس الزبيدي، زعيم المجلس، أثارت جدلا واسعا في الأوساط
الجنوبية، التي وصفتها بالمخيبة للآمال، فيما أعلنت قيادات في المقاومة الشعبية
الجنوبية رفضها لبيان الزبيدي والقادة الموالين لها.
توظيف مرفوض
السياسي الجنوبي، عبدالكريم سالم السعدي، اعتبر البيان الذي خرج عن
اجتماع أمس في عدن لقادة المجلس الانتقالي والمقاومة الشعبية الجنوبية بأنه بيان
حزب سياسي وليس بيان تحرري مقاوم.
وأوضح السياسي
اليمني أن "إصرار المجلس الجنوبي على وضع الرئيس
هادي وحكومته في مقدمة تسلسل الخصومة قبل الحوثي وبقايا عفاش (الراحل صالح)، يؤكد
أن الخطاب تقف خلفه قوى غير جنوبية، ويظهر مدى تناقضه مع القائمين عليه، الذين
يشددون التزامهم للتحالف وأهداف معركته".
انسحابات
بموازاة ذلك، انسحبت قيادات في المقاومة الشعبية الجنوبية، الأحد، من
قاعة الاجتماع الذي دعا له الزبيدي، احتجاجا على ما ورد في بيانه، وتماهيه مع
مساعي الإمارات بتشكيل قوة عسكرية شمالية في مدينة عدن بقيادة نجل شقيق صالح. وفقا
لتقارير صحفية.
وكان من أبرز القيادات المنسحبة العميد عادل الحالمي، وأحمد عامر، وآخرون
من محافظات أخرى.
وكان الزبيدي أعلن في بيانه، الأحد، تفهمه لمصالح التحالف في إنشاء
قوة شمالية لمواجهة الحوثيين في عدن، وهو ما أثار ردودا قوية وانقساما واسعا هناك،
واتهامه بالتماهي مع حسابات الإمارات الراعية الرسمي لذلك.
تحذير ووعيد
وفي هذا السياق، توعد نائب مدير شرطة عدن، علي الذيب، وهو قيادي بارز
في المقاومة الجنوبية، بالرد على اجتماع الزبيدي، وعلى الأشقاء في التحالف على
ما حدث في اللواء 31 (المعسكر الذي تتجمع فيه قوات تعدها الإمارات بقيادة طارق
صالح).
وحذر الذيب المعروف بـ"أبي مشعل الكازمي"، في تعليق نشره
بموقع "فيسبوك" الإثنين، من خلط الأوراق في عدن، وجر المدينة إلى نزاع جنوبي
جنوبي.
وطرح الكازمي تساؤلات عدة مثل "كيف يمكن القبول بمن يقاتل الحوثي
من الشماليين وقد كان معها (في إشارة إلى تأييد الزبيدي لتشكيل قوات شمالية تتخذ
من الجنوب مقرا لها)، ولا أقبل بمن يحارب من الشماليين تحت شرعية هادي؟".
وخاطب الزبيدي بقوله: "كيف
لك أن تتحدث باسم المقاومة الجنوبية وقد تخليت عنها، وذبحتها وشتتها وهمشتها، بل
كيف يمكن المطالبة بطرد جنوبيين (يقصد بهم رئيس الوزراء، أحمد بن دغر، وقيادات
حكومية بارزة) والقبول في الوقت نفسه بمن تلطخت يداه بدمه ودم إخوته ورجاله
وشعبه؟".
انتشار عسكري
تأتي هذه الدعوة، وسط أنباء عن قيام قوات "الحزام"، المدعومة إماراتيا، بنشر عناصرها في بعض مداخل مدينة عدن المحاذية
لمحافظات أخرى، استجابة لدعوة الزبيدي بالتحرك لإسقاط الحكومة
الشرعية. حسبما
ذكرته مصادر محلية لـ"
عربي21".
"ملشنة الجنوب"
من جانبه، قال مستشار الزبيدي السابق، عبدالعزيز المنصوب، إن
القوة التي يعمل على تجهيزها طارق صالح في عدن، ويوفر لها المجلس الانتقالي الغطاء
السياسي، مهمتها ليست مواجهة الحوثيين بقدر ما تكون قوات انغماسيه تعيد إنتاج تلك
القوات التي سبق أن تم طردها من المدينة في تموز/ يوليو 2015.
وتابع حديثه الخاص لـ"
عربي21" بأن "المؤسف أن قوات
طارق صالح، التي أعطاها الزبيدي مبرر التواجد، هي نفسها القوات التي قتلت الجنوبيين
في الحرب الأخيرة".
وما يثير الغرابة أكثر، وفقا للمنصوب، أن من كانوا بالأمس
ينقمون على وجود هادي في الجنوب لما يمثله من خطر على الجنوب عندما فر من
"الإقامة الجبرية"، التي فرضها الحوثيون عليه في صنعاء في (شباط/ فبراير
2015)، اليوم يعطون مبررات لإعادة تمكين عائلة صالح، عبر توفير المبررات لتأسيس
قوات تابعة وتجهيزها في عدن.
وأشار مستشار الزبيدي السابق إلى أنه من المفترض أن يتم تجهيز قوات
"طارق صالح" في أي منطقة تابعة للشمال، كمحافظة مأرب مثلا، لكنه قال إنه اشترط عليه الاعتراف بالشرعية، وهو ما لا تقيم له "أبوظبي" أي
اعتبار.
ولفت إلى أن أبوظبي تحديدا، وربما التحالف، لم يعد يهتم بإعادة الشرعية، ولا بإنهاء الانقلاب، بقدر ما يهمه "ملشنة الواقع اليمني شمالا وجنوبا، وخلق
كنتونات عسكرية يضرب بعضها الآخر، حتى يتمكنوا من التحكم بالموانئ البحرية
والمنافذ الأخرى".
وأوضح الناشط السياسي الجنوبي أن قيادات المقاومة الجنوبية تداعت في
الأساس، الأحد، لتدارس موضوع تواجد قوات شمالية، مصنفة انقلابية وغير شرعية، في أحد
المعسكرات بضواحي عدن، غير أن قيادة المجلس الانتقالي حرفوا الاجتماع عن مساره
باتجاه إسقاط الحكومة. معتبرا هذا الإجراء "الاتجاه العبثي" للتغطية على
تجهيز تلك القوات في عدن.