قال أمين الناصر الرئيس التنفيذي لأرامكو السعودية إن شركة النفط العملاقة تتطلع إلى التوسع في الولايات المتحدة حيث تجعل التخفيضات الضريبية التي استحدثها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ودعمه لصناعة النفط، مناخ الأعمال أكثر جاذبية بشكل متزايد.
وتسيطر أرامكو بالفعل على مصفاة نفطية كبيرة في تكساس، وتستعد أيضا لإطلاق ما يمكن أن يكون أكبر طرح عام أولي في العالم وتدرس إدراج أسهمها في بورصة نيويورك بين بضع بورصات محتملة.
وقال الناصر في مقابلة مع رويترز: "نتطلع إلى فرص جديدة للأعمال في الولايات المتحدة، ومع خفض الضرائب سيكون الأمر أكثر ربحية...إنه جزء من استراتيجيتنا لتنمية أنشطة أعمالنا في أمريكا".
ومتحدثا على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا قال الناصر: "إدارة ترامب تتخذ موقفا إيجابيا من قطاع الطاقة. ما دام ما يفعلونه يصب في مصلحة الجميع والاقتصاد الأمريكي ينمو، فنحن سعداء. صناعة النفط بأكملها تستفيد من الإدارة الحالية".
في سياق متصل، طلب مجلس استشاري للحكومة السعودية من الهيئة المعنية بالأوراق المالية في المملكة دراسة أثر إدراج شركة أرامكو في البورصة المحلية وسط مخاوف من أن يؤدي الطرح العام الأولي الضخم إلى إلحاق أضرار بالسوق.
كانت وكالة الأنباء السعودية ذكرت مساء أمس الثلاثاء أن لجنة الشؤون المالية بمجلس الشورى طلبت أيضا من هيئة السوق المالية التأكد من ألا تصبح السيولة بسوق الأسهم متركزة في شركة النفط العملاقة وحدها.
وقالت الحكومة إنها تخطط لبيع نحو خمسة بالمئة من أرامكو على أمل جمع نحو 100 مليار دولار أو أكثر في ما سيكون على الأرجح أكبر طرح عام أولي في العالم. ومن المتوقع تنفيذ البيع في النصف الثاني من عام 2018.
كان مسؤولون سعوديون قالوا إنهم قد يدرجون أرامكو في سوق أو أكثر في الخارج مثل نيويورك ولندن وهونج كونج إضافة إلى الرياض، وهو ما سيعزز صورة الشركة عالميا ويخفف الضغط على السوق السعودية.
لكن بعد أكثر من عام من المشاورات، لم يتم الإعلان بعد عن قرار بشأن السوق الأجنبية ويرجح بعض المسؤولين أن أرامكو قد تُدرج في الرياض فقط، وربما تبيع أيضا بعض الأسهم إلى مستثمرين استراتيجيين أجانب في طرح خاص.
لكن هناك مخاوف في الدوائر المالية السعودية من أن الطرح العام الأولي قد يكون أكبر بكثير من أن تستوعبه السوق المحلية. وتبلغ القيمة الرأسمالية للسوق السعودية نحو 470 مليار دولار، وهو ما قد يعني أن إدراج أرامكو قد يزعزع استقرارها إذا بيعت أسهم أخرى بقوة لجمع أموال للاستثمار في شركة النفط العملاقة. ولم يذكر تقرير وكالة الأنباء السعودية ما إذا كانت دراسة هيئة السوق المالية ستنظر في أثر إدراج أرامكو على الرياض وحدها، أم السيناريوهات التي ستشهد إدراجها في السعودية والأسواق الأجنبية أيضا. وأبلغ الرئيس التنفيذي للبورصة السعودية خالد الحصان رويترز هذا الشهر أن الرياض تأمل بأن تكون الموقع الوحيد لإدراج أرامكو وأنها تستطيع إدارة الطرح الأولي بالكامل، مضيفا أن السيولة لن تمثل مشكلة.
ولم يصدر عن مجلس الشورى أو هيئة السوق المالية تعقيب فوري عندما اتصلت بهم رويترز اليوم الأربعاء. وامتنعت أرامكو السعودية عن التعليق.
وفي اجتماع هذا الأسبوع لمجلس الغرف السعودية، وهو اتحاد وطني لأنشطة الأعمال، أبدى إثنان من رجال الأعمال قلقا بشأن التأثير المحلي لإدارج أرامكو.
وقال أحدهما: "من الناحية التاريخية، حينما تتجه شركة ذات ثقل كبير إلى السوق، فإن القلق الرئيسي يتمثل فيما إذا كان الأفراد سيصفون أسهمهم للاستثمار في تلك الشركة أم لا، ومن ثم فإن القلق يتركز بشكل رئيسي على التفاعلات والنشاط في السوق".
وقال مازن السديري رئيس البحوث لدى الراجحي المالية إن الإدراج في سوق الرياض وحدها قد يضر الاقتصاد السعودي من خلال امتصاص الأموال من أصول أخرى. وأضاف أن إدراج واحد في المئة من أرامكو محليا سيمتص ما يزيد عن مجمل الاقتراض الحكومي المحلي للعام الماضي، الذي بلغ 14.3 مليار دولار.
وتابع السديري أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتباط مؤشر الأسهم السعودية بأسعار النفط سيرتفع إلى نحو 100 بالمئة من حوالي 50 بالمئة، وهو يجعل السوق تتأثر بأسعار النفط المتقلبة أكثر من اقتصاد سعودي متنوع.
وقال إنه لهذين السببين فإن من المستبعد أن تلجأ الحكومة إلى إدراج محلي فقط.
ورغم ذلك، يقول محللون إن بعض العوامل الأخرى قد تؤدي إلى دراسة هذا الخيار بجدية.
فالإدراج في عدة أسواق ذات قواعد تنظيمية مختلفة سيتضمن المزيد من المستندات والتكاليف لأرامكو ومن المحتمل أن يدفع الشركة، التي تعمل كذراع للسياسة النفطية السعودية، إلى الإفصاح عن نفسها بشكل أكبر.
وقال محامي من الخليج إن الحكومة السعودية ربما تكون قلقة أيضا من مخاطر أن تصبح أرامكو أكثر عرضة لدعاوى قضائية أجنبية نظرا لإدراجها في الخارج.
فقانون القصاص من رعاة الإرهاب (جاستا) الذي أقرته الولايات المتحدة في 2016، يجيز إقامة دعاوى قضائية على الحكومة السعودية بزعم أنها ساعدت في التخطيط لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 في أمريكا ويجب أن تدفع تعويضات للضحايا. وتنفي الرياض تلك المزاعم.
وقال مصرفي سعودي يتابع مناقشات رسمية حول إدراج أرامكو إنه رغم ذلك، فمن المستبعد أن تختار السلطات الرياض وحدها كموقع للإدارج.
وتابع قائلا: "هذا لن يحدث لأن السوق المحلية لن تستطيع استيعاب 100 مليار دولار".
وقد تؤثر الطريقة التي تتناول بها السعودية إدارج أرامكو على قرار من المنتظر أن تتخذه إم.إس.سي.آي لمؤشرات الأسواق في يونيو حزيران حول ما إذا كانت سترفع تصنيف المملكة إلى وضع السوق الناشئة، وهي خطوة ستجتذب مليارات الدولارات من الأموال الأجنبية الجديدة.
وقالت إم.إس.سي.آي في وقت سابق هذا الشهر إنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيجري إدراج أرامكو في أي بورصة أخرى خارج السعودية، واقترحت أن يأخذ المستثمرون هذا في اعتبارهم في آرائهم التي يرسلونها إليها بشأن رفع التصنيف.