قال يعكوب سافيغ المستشار السابق للشئون العربية في الإدارة المدنية الإسرائيلية، في قطاع غزة والضفة الغربية، إن من مهام هذا الجهاز الحكومي الإسرائيلي العمل على بناء قيادة فلسطينية متساوقة مع التوجهات الإسرائيلية، وما يسبق ذلك من إيجاد الظروف المناسبة لإنتاج هذه القيادة.
وأوضح سافيغ المكنى بأبي يوسف، في حوار مع صحيفة معاريف، أن مهمتنا الأساسية تمثلت في تشخيص القيادات الميدانية والسياسية البارزة في الشارع الفلسطيني، التي يمكن لإسرائيل الحديث معها، واعتبارها ضمن قيادة المستقبل للفلسطينيين، كما أننا كنا نجري حوارات مع شخصيات نعتقد أنه لا يمكن التحاور معها، شرط ألا يكون من نتحاور معهم قتلوا يهودا بأيديهم.
وأضاف: "أجرينا هذه الحوارات بتكليف من المستوى السياسي الحكومي حين ترأسه إسحق شامير، وليس حكومات اليسار، وفي حال لم نقم بإجراء هذه الحوارات مع هذه الشخصيات، فقد كان من المحتمل أن تصعد قيادات فلسطينية أكثر تطرفا".
وقال سافيغ، الضابط الإسرائيلي في صفوف الاحتياط، إنه بعد اتفاق أوسلو في 1993 بات القادة الفلسطينيون يأتون من تونس، وظهر عملنا مع القيادات الفلسطينية المحلية هباء.
وأضاف أنه حين انتقل للعمل في معبر إيريز شمال قطاع غزة، مع قدوم السلطة الفلسطينية، ظهر له أن السلطة بدأت تستغل هذه النافذة لتأسيس ثروات مالية لقادتها، وصولا لإقامة منظومة فساد متكاملة، وكل واحد من القيادات الفلسطينية أراد نصيبه من هذه الكعكة، ورغم إبلاغي المستوى السياسي الإسرائيلي عن مستوى الفساد الحاصل في السلطة الفلسطينية في مرحلة مبكرة كان يأتيني الرد: ليس لنا علاقة بهم، لا نريد أن نكون جزءا من اللعبة، علما بأن الفساد شكل قاعدة أساسية لانهيار السلطة لاحقا، وأفقدها الدعم الشعبي الفلسطيني.
وأكد أن العمل الأمني الفلسطيني الإسرائيلي في السنوات الأولى لقيام السلطة الفلسطينية تمثل بأن تنقل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية معلومات لنظيرتها الفلسطينية عن نوايا شخص بعينه أو مجموعة مسلحة تنفذ هجوما ضد إسرائيل، حيث يتم اعتقاله من قبل السلطة الفلسطينية، على أن يتم نقل معلومات التحقيق معه إلى الأجهزة الإسرائيلية، خاصة جهاز الأمن العام الشاباك.
سافيغ، الذي يستعد لإصدار مذكراته عن عشرين عاما في هذه المهام الأمنية، قال إن خطة الانفصال عن غزة التي نفذها أرئيل شارون في 2005 اعتبرت انتصارا لحركة حماس، ومنحتها مزيدا من الشعبية والجماهيرية.
وفي مرحلة ما بعد سيطرة "حماس" على غزة أواسط 2007، استبشر ضباط الأمن الإسرائيلي خيرا بقدوم سلام فياض رئيسا للحكومة الفلسطينية، كونه قادما من خارج المؤسسة الرسمية الفلسطينية، ورغم خطته لإقامة دولة فلسطينية كأمر واقع دون تنسيق مع الإسرائيليين، فإن الأمن الإسرائيلي شعر بأنه بالإمكان إجراء حوار معه..
بل إن بعض الأوساط الأمنية الإسرائيلية كانت ترى في مشروع فياض مصلحة إسرائيلية، وتم بذل جهود إسرائيلية لمساعدته.
عن حركة حماس، قال الضابط الإسرائيلي إن الحركة نجحت بإقامة شبكة واسعة من المؤسسات الخيرية في الضفة الغربية، وافتتاح عشرات الجمعيات الإغاثية التي وصلتها مئات ملايين الدولارات من أوروبا والولايات المتحدة والدول العربية لدعم العمليات المسلحة وعائلات المنفذين.
لكن إسرائيل بذلت جهودا مضنية للقضاء على هذه الشبكة الخيرية، ومنع سيطرة "حماس" على الضفة الغربية، ما دفع فياض لأن يحتج على أدائنا الأمني ضد "حماس" في الضفة، لأننا لم نترك له المجال لمعالجتها بالطريقة المناسبة له، وبعد مرور الوقت اتضح للإسرائيليين أن فياض عالج مشكلة "حماس" أفضل بكثير من الإسرائيليين.
ولإظهار أهمية فياض للإسرائيليين، فقد بات الجنرال يوآف مردخاي رئيس الإدارة المدنية السابق في الضفة الغربية، الذي يشغل اليوم منسق عمليات الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، صديقا حميما لسلام فياض، يتحدث معه كل يوم، ويلتقي معه أسبوعيا، ويحضر له وفودا من إسرائيل والعالم.
خبير إسرائيلي: هذا ما يمنع الجيش من شن حرب جديدة على غزة
"معاريف": الفترة القادمة ستشهد تآكل الردع الإسرائيلي مع غزة
صحيفة إسرائيلية: واشنطن تبحث اليوم تقليص مساعدات السلطة