كشف العاهل المغربي، محمد السادس، الاثنين، عن أربع مغالطات حول قضية "الهجرة"، ودعا إلى تصحيحها، مقدما للزعماء وقادة دول وحكومات الاتحاد الأفريقي مقترحات لجعلها رافعة للتنمية المشتركة وركيزة للتعاون جنوب – جنوب، وأداة للتضامن بين دول القارة.
جاء ذلك خلال رسالة أرسلها الملك إلى قادة وزعماء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي، خلال الدورة العادية الـ 30 للقمة التي تجرى أشغالها بمقر المنظمة بأديس أبابا، وتلاها رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني.
مغالطات حول الهجرة
وقال الملك، في رسالته، إنه "آن الأوان لتصحيح المغالطات المرتبطة بقضايا الهجرة"، مشددا على أنه لا وجود لتدفق للهجرة ما دام المهاجرون لا يمثلون سوى 3.4 بالمئة من سكان العالم، معتبرا أن الهجرة لا تسبب الفقر لبلدان الاستقبال، لأن 85 بالمئة من عائدات المهاجرين تصرف داخل هذه الدول.
وأوضح الملك أن الهجرة الأفريقية هي قبل كل شيء هجرة بين بلدان أفريقيا، مؤكدا أنه على المستوى العالمي، يمثل المهاجرون أقل من 14 بالمئة من السكان، أما على الصعيد الأفريقي، فإن أربعة من بين كل خمسة مهاجرين أفارقة يبقون داخل القارة، لافتا إلى أن الهجرة ظاهرة طبيعية تمثل حلا لا مشكلة، "ومن ثم ينبغي لنا اعتماد منظور إيجابي بشأن مسألة الهجرة، مع تغليب المنطق الإنساني للمسؤولية المشتركة والتضامن".
الأجندة الأفريقية
وقدم الملك وثيقة بمثابة الأجندة الأفريقية حول الهجرة تم إعدادها "وفق مقاربة شمولية وتشاركية"، لافتا إلى أنها "ثمرة للتشاور الدائم مع العديد من رؤساء الدول خلال المحادثات والاتصالات المختلفة التي تمت بيننا، وتعكس انخراطا واسعا للفاعلين المعنيين".
وكشف العاهل المغربي عن أن هذه الوثيقة تتضمن أيضا الأفكار والمقترحات والرؤى المقدمة من قبل المؤسسات الرسمية، والمجتمع المدني، والباحثين في أفريقيا، وتتميز بمرونتها وقابليتها للتطور، وعدم إلزاميتها من الناحية القانونية، "حيث يتعين اعتبارها، في المقام الأول، مرجعا نهتدي به في عملنا المستقبلي، في معالجة هذا الموضوع"، حسب قوله.
وأكد الملك أن "الأجندة الأفريقية حول الهجرة"، تقترح "اعتماد نهج قائم على سياسات وطنية، وتنسيق على مستوى الأقاليم الفرعية، ومنظور قاري، وشراكة دولية، وتستلزم تغيير النموذج السائد، وتحديد مفهوم جديد للهجرة، يقوم على مقاربة استشرافية وإيجابية، وإرادة سياسية حقيقية للدول، التي من مصلحتها أن تتم عملية الهجرة في ظروف سليمة وقانونية ونظامية، تحترم حقوق الإنسان".
وأوضح أن هذه الأجندة تسعى "إلى جعل الهجرة رافعة للتنمية المشتركة، وركيزة للتعاون جنوب – جنوب، وأداة للتضامن".
وشدد الملك على أن الهجرة "إذا تم وضعها في نطاق أبعادها الحقيقية، بعيدا من المغالطات التي شوهت صورتها بشكل مشين، تظل تحديا عالميا وحاسما بالنسبة لقارتنا، فهي تستحق مقاربة جديدة تتمحور حول أفريقيا، وتجمع بين الواقعية والتسامح، وتغليب العقل على المخاوف".
مرصد أفريقي للهجرة
واقترح الملك إحداث مرصد أفريقي للهجرة يرتكز عمله على ثلاثة محاور، هي "الفهم والاستباق والمبادرة”، حيث سيعهد إليه بتطوير عملية الرصد، وتبادل المعلومات بين البلدان الأفريقية، من أجل تشجيع التدبير المحكم لحركة المهاجرين، مبديا استعداد المغرب لاحتضان هذا المرصد، ثم إحداث منصب المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي المكلف بالهجرة من أجل تنسيق سياسات الاتحاد في هذا المجال.
وأكد الملك في رسالته، أنه من شأن "الأجندة الأفريقية حول الهجرة" أن تساهم في إغناء عملية إعداد الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة، مشيرا إلى أن المغرب، الذي سيستضيف أشغال المؤتمر الدولي لاعتماد الميثاق العالمي للهجرة، وكذا المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية، في كانون الأول/ ديسمبر 2018، يؤكد التزامه بجعل هذه اللقاءات متعددة الأطراف، منبرا لخدمة قضايا القارة الأفريقية.
وكشف الملك عن أنه منذ سنة 2015، فقد الحياة أكثر من 6200 مهاجر أفريقي في مياه البحر الأبيض المتوسط. "لذلك، فمن واجبنا أن نتحرك حتى لا تذهب سدى مآسي النساء والأطفال والرجال، الذين لقوا حتفهم في جزيرة لامبيدوزا، وحتى لا تتكرر الممارسات المشينة التي شهدتها ليبيا"، متسائلا: "فكم يلزمنا من مآسي الهجرة، حتى تتغير نظرة مجتمعاتنا تجاه هذه المسألة؟".
وأكد العاهل المغربي أنه "صار لزاما على قارتنا، وأكثر من أي وقت مضى، أن تنكب على معالجة مسألة الهجرة بروح التضامن التام، وستكون حكمتنا والتزامنا الجماعي هما وسيلتنا الأساسية لتنفيذ الأجندة الأفريقية حول الهجرة، فالاتحاد هو مفتاح النجاح، والتعاون الأفريقي هو سبيله الحقيقي".
ملك المغرب يجري تعديلا حكوميا ويعين وزيرا للشؤون الأفريقية
ترامب يشيد بملك المغرب ردا على رسالته حول "القدس"
بعد السعودية والإمارات.. أمير قطر يتسلم رسالة من ملك المغرب