خاضت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين إضرابا، احتجاجا على ما اعتبرتها "تضييقا من وزارة الداخلية أثناء القيام بواجبهم المهني"، فيما قررت النيابة العامة بمدينة صفاقس فتح تحقيق ضد الناطق الرسمي باسم النقابة الجهوية لقوات الأمن الداخلي.
وساءت العلاقة بين الحكومة التونسية وبين نقابة الصحافيين في الفترة الأخيرة بسبب تراكم عدد من القضايا الخلافية بين النقابة من جهة ومؤسسات الدولة التونسية بدءا من الرئيس القايد السبسي، والحكومة وصولا إلى وزارة الداخلية.
يوم الغضب
وعاشت تونس على وقع إضراب نظمه الصحفيون، الجمعة، مع وقفة احتجاجية تحت شعار "الصحافة التونسية في غضب"، في مقر النقابة الوطنية للصحفيين بالعاصمة تونس.
ورفع المحتجون الشارة الحمراء ولافتات كتب عليها "الصحافة التونسية في خطر"، وشاركت في الوقفة التي دعت إليها النقابة، كل من الرابطة التونسية لحقوق الإنسان (مستقلة)، وأعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة عمالية) وعدد من السياسيين والحقوقيين.
وهدد نقيب الصحفيين التونسيين ناجي البغوري، بـ"إضراب عام، حال تواصل لا مبالاة سلطات بلاده وتواطؤ بعض وزراء الحكومة في الاعتداءات الأمنية المتكررة على الصحفيين".
وتابع ناجي البغوي في كلمته أثناء الوقفة الاحتجاجية، أن "الحكومة الحالية ووزير الداخلية لطفي براهم صمتا على اعتداءات الأمنيين على الصحفيين".
وسجل أن "موقف الرئيس الباجي قائد السبسي بوجوب السير في اتجاه معين للصحفيين الأجانب في مهامه غير معقول، ويجب على الدولة تحمّل مسؤولية الاتفاقيات الموقعة بخصوص الصحافة وحرية التعبير".
وأضاف أن "الصحفيين لم يغضبوا من أجل مهنة المتاعب وظروف التأجير السيئة والزيادة في الأجر، ولكن غضبوا من أجل تحقيق الدولة المدنية".
النيابة العامة تتحرك
وقالت وكالة أفريقيا تونس للأنباء الرسمية، إن النيابة العامة قررت صباح الجمعة، توازيا مع إضراب الصحافيين، فتح تحقيق ضد الناطق الرسمي باسم النقابة الجهوية لقوات الأمن الداخلي بصفاقس، بعد هجومه على الصحافيين.
ومضت تقول في بلاغ اطلعت عليه "عربي21": "أذنت النيابة العمومية بصفاقس 1 اليوم الجمعة 2 فيفري 2018 بفتح بحث تحقيقي ضد الناطق الرسمي باسم النقابة الجهوية لقوات الأمن الداخلي بصفاقس من أجل جريمتي إهانة الصحفيين والتعدي عليهم بالقول والتهديد طبق الفصل 14 من المرسوم 115 والإساءة إلى الغير عبر شبكات التواصل الاجتماعي".
وكانت هذه القضية قد دفعت نقابة الوطنية للصحفيين التونسيين إلى الدعوة إلى "يوم الغضب" في الجسم الصحافي.
أسباب يوم الغضب
"يوم الغضب" الذي دعته له نقابة الصحفيين التونسيين، دفعت إليه عدد من القضايا المتزامنة، آخرها هجوم مسوؤل أمني بصفاقس، حيث قالت الصحافة التونسية، إن الناطق الرسمي باسم النقابة الجهوية لقوات الأمن الداخلي بصفاقس، قد نشر الاثنين 30 كانون الثاني/ يناير 2017 تدوينات على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تضمنت ألفاظا نابية وهابطة موجهة ضد الصحفيين مما أثار موجة انتقادات داخل الأوساط الصحفية والحقوقية.
تصريحات المسؤول الأمني انضافت إلى اعتراف وزير الداخلية بالتنصت على هواتف الصحافيين، حيث أعلن الإثنين الماضي، خلال جلسة استماع بالبرلمان: "رصدنا اتصالا بين صحفي وعدد من المحتجين (خلال الاحتجاجات الأخيرة) وبعد التحري والتحقيق معه تم إخلاء سبيله". وهو ما اعتبره الصحفيون تنصتا عليهم وحدا من حريتهم، وفق تقارير إعلامية محلية.
وتزامنت التصريحات مع إعلان نقابة الصحافيين وعدد من النقابات وبعض منظمات المجتمع المدني في تونس، مخاوفهم من انعكاسات مشروع القانون المتعلق بهيئة الاتصال السمعي البصري على الحريات الإعلامية، ويعتبرون أنه "إعلان حقيقي عن نهاية مسار حرية التعبير والإعلام العمومي"، لا سيما مع استياء نقابة الصحافيين من وضع الحريات العامة.
وانطلقت الأزمة، عندما انتقد الرئيس التونسي قايد السبسي في 13 يناير/ كانون الثاني الماضي، التعاطي الإعلامي للصحافة الأجنبية مع الاحتجاجات الاجتماعية التي شهدتها تونس مؤخرا معتبرا أنها "هولتها".
تهمة التنصت على الصحافة تلاحق الداخلية بتونس والنقابة تتوعد
القضاء يبرئ مواطنا اتهم بارتكاب "أمر موحش" ضد السبسي
بتهمة نشر أخبار صحيحة.. احتجاج ضد محاكمة صحافيين بالمغرب