أثارت الأزمة بين الرئيس اللبناني، ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري التساؤلات حول مصير التحالفات التي نسجت قبل أكثر من عشر سنوات بين الأطراف السياسية التي عرفت سابقا بقوى 8 آذار وفي مقدمها حزب الله.
وانفجر خلاف حاد بين "تيار عون" و"تيار بري" على خلفية تسريبات على لسان صهر عون وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل التي اتهم فيها بري بالديكتاتور ومفردات أخرى أثارت الشارع الموالي لبري.
وتشير معطيات إلى أن الحلف بين حزب الله والتيار الوطني، الذي كان يوصف بالمتين، اهتز بقوة مع انحياز الحزب للطرف الشيعي الآخر وهو حركة أمل بزعامة بري على حساب الفريق المحسوب على عون.
"لا للعصبيات"
وفي ظل هذا المناخ المتشنج، حذر القيادي في التيار الوطني الحر بسام هاشم من أن "الوضع في لبنان لا يحتمل أن يسير باتجاه الحرب الأهلية عند كل نزاع سياسي أو خلاف حول نقاط معينة بين الفرقاء"، مؤكدا في تصريحات لـ"عربي21"رفض التيار "منطق إثارة العصبيات التي اعتقدنا بأنها انحسرت لكن الواقع يؤكد أنها قابلة للاشتعال عند كل منعطف أو أزمة".
وأكد هاشم حرص التيار على وحدة الصف اللبناني، قائلا: "نحن من أولئك الذين نذروا حياتهم للتقريب بين اللبنانيين بمعزل عن الانتماءات الطائفية، وذلك من خلال إيجاد فسحة للتلاقي بين مختلف مكونات وطننا على قاعدة الانتماء والكفاءة وبمشاركة المجتمع المدني".
وأردف: "التيار الوطني يعتبر أن الوطن الفرد قيمة بحدّ ذاته، ولذلك نرفض تصنيف اللبنانيين كقطعان ولكل قطيع لونه وتصنيفه ووجهته، ونأمل أن يترجم لقاء الرئيسين عون وبري إلى إطلاق مسيرة الإصلاح الحقيقي بناء على الخيارات الأساسية لوطننا".
ورأى أن "التحالفات النيابية خاضعة لاعتبارات عديدة"، وأقرّ بأنّ الأزمة الحالية تلقي بظلالها على الترتيبات الانتخابية، وقال: "لا بد أن يراجع كل طرف أوراقه، ويضيء على ثغرات التفاهمات السابقة وفق المستجدات السابقة".
واعتبر أن القانون النسبي يفرض أحيانا أن يخوض الحلفاء الانتخابات بشكل منفصل، قائلا: "لا يفيد الثنائي الشيعي في منطقة جبيل على سبيل المثال أن يكون على اللائحة نفسها مع التيار بعكس الأخير الذي قد يحصل على الأكثرية".
اقرأ أيضا: أزمة "عون-بري": التصعيد متواصل ودعوات لمحاكمة "باسيل"
وقال إن "خوض المعركة في إطار التنافس الديمقراطي لا يعني الاختلاف لكون الحسابات الانتخابية لها اعتبارها".
حقيقة الخلاف
وتقلّل المصادر القريبة من حزب الله من أهمية الخلاف، ويرى الكاتب والمحلّل السياسي قاسم قصير في تصريحات لـ"عربي21" أنّ "العلاقات بين التيار الوطني الحر وحزب الله ما زالت لغاية اللحظة قائمة بحسب ما يتوفر لدينا من معلومات".
ولفت إلى أن الطرفين "حريصان على صيانة التحالف من الاهتزاز رغم وجود تباينات حول نقاط سياسية والتي لن يكون لها تأثير على طبيعة وشكل التفاهم القائم بينهما".
وحول إمكانية حدوث انعكاسات على واقع الانتخابات التي يخوضها الطرفان، قال: "الواقع الميداني هو الذي يفرض نفسه في المعركة الانتخابية بمعزل عن التحالف السياسي، على اعتبار أن التحالف ليس متاحا في الدوائر المناطقية كافة لاعتبارات انتخابية لا علاقة لها بالشأن السياسي".
ورأى أن "المشهد الانتخابي لن يكتمل إلا في غضون شهر آذار/ مارس المقبل مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات المتلاحقة التي يشهدها لبنان".
وعن الدور الذي يلعبه حزب الله لرأب الخلاف بين حليفيه التيار الوطني وحركة أمل، قال: "يبذل حزب الله جهودا ومازال لاحتواء التأزم الميداني الذي حصل في الآونة الأخيرة، والاجتماع الذي جمع التيار وحركة أمل في منطقة الحدث جاء نتيجة جهود من حزب الله"، لكنه اعتبر أن "التباعد سياسيا ما زال موجودا"، مثنيا على دور "الرئيس الحريري الداعم لمعالجة أسباب الخلاف بين الرئاستين الأولى والثانية".
الاحتمالات واردة
وذهب الكاتب والمحلل السياسي جورج علم إلى ضرورة ترجيح كل الاحتمالات "لأن خارطة الطريق السياسية لا تزال غامضة، والواضح لغاية الآن التحالف فقط بين الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل)".
وحول صعوبة الالتقاء انتخابيا بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، قال "علم" في تصريحات لـ"عربي21": "من السابق لأوانه حسم مدى إمكانية تلاقي الفريقين انتخابيا من عدمه في ظل استمرار الحراك السياسي في مختلف الاتجاهات ومحاولة التقريب بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري".
وتوقع أن يرسم اجتماع الرؤساء الثلاثة في القصر الجمهوري، الثلاثاء، المسار السياسي للمرحلة المقبلة، قائلا: "ما سينتج عن الاجتماع سيحدّد بشكل كبير طبيعة العلاقة المستقبلية".
وتحدث علم عن سعي إيجابي لرئيس الجمهورية لتذليل الخلاف مع رئيس مجلس النواب من خلال الاتصال الهاتفي الأخير الذي أجراه معه، وقال: "ما توصل إليه عون وبري مهم لجهة إبقاء الصراع في إطاره السياسي وعدم إقحام الشارع".
وطالب علم بإنجاز "تفاهم بين عون وبري عنوانه مستقبل البلاد في مرحلة ما بعد الانتخابات"، وتساءل: "هل سيقبل التيار الوطني بترشيح الرئيس بري لانتخابات رئاسة مجلس النواب الجديد، أم أنه ذاهب إلى خيارات أخرى؟".
وأضاف: "الخلاف على الصلاحيات بين الرئيسين سيكون مادة نقاشية أيضا، ولذلك فإن الصورة تبقى ضبابية وعرضة للمفاجآت".
ماذا وراء اتهام إسرائيل لحماس بإقامة قواعد في لبنان وسوريا؟
سياسيون لـ"عربي21": إسرائيل تحضر لاعتداءات ضد لبنان
مصادر حزب الله لـ"عربي21": حملة إسرائيلية لـ"ردع" المقاومة