كتبت الصحافية حفصة قرا – مصطفى مقالا في موقع "فايف بيلارز"، تقول فيه إنها لا تصدق الاتهامات الموجهة للمفكر المسلم طارق رمضان.
وتقول الكاتبة: "يبدو غريبا أن أكتب عن طارق رمضان واتهامات الاغتصاب الموجهة إليه؛ وذلك لأنني لا أعد نفسي من المعجبين بهذا الأكاديمي المسلم، ولم أؤمن أبدا بآرائه التي تتحدث عن بنية مثل (الهوية الأوروبية الإسلامية)، وأجد موقفه السياسي ساذجا في أفضل حالاته، وقبل هذا كله إيمانه بـ(قيادة الغرب لحقوق الإنسان) في ضوء كوارث العراق وليبيا، وبالطبع فلسطين".
وتضيف مصطفى: "بعد هذا كله أكتب بإيمان صلب وثابت بأن رمضان بريء من اتهامات الاغتصاب التي يواجهها الآن، ولا أعتقد أن الرجل مثالي أو معصوم، وهو ليس إلا إنسان، لكنني أعرف فرنسا والمجتمع والعنصرية الفرنسية جيدا، وأميز الخطأ عندما أراه".
وتشير الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنها تعمل صحافية تكتب باللغة الفرنسية، وتغطي أخبار فرنسا والمجتمع الفرنسي بشكل عام، وتجد أنه "ليس مصادفة أن تتصدر الجبهة القومية الانتخابات دائما وتصل إلى المرحلة النهائية في الانتخابات الرئاسية مرتين خلال العشرين عاما الماضية".
وتقول مصطفى: "بالنسبة للمشاهد الإنجليزي فإن انتخابات يتصدرها الحزب القومي البريطاني تبدو مثيرة للسخرية، لكن هذا الأمر يحدث في فرنسا دائما".
وتلفت الكاتبة إلى أن "العنصرية الصارخة التي يظهرها الإعلام الفرنسي تتطابق فقط مع كراهيته للإسلام التي يفاخر بها، ويصفه دائما بأنه رافض لكل ما هو ديني وجزء من تراثه الثوري، ويمكن اعتبار هذا أمرا مشروعا ما لم يتم رفع اليهودية وكل ما هو يهودي إلى مستوى القداسة".
وتقول مصطفى إنه "في الوقت الذي لا تمكن فيه أبدا مقارنة الإسلام في فرنسا بالسلطة التي تملكها الكنيسة الكاثوليكية في هذا البلد، الذي يفتخر بمسيحيته، فإن المعركة المستمرة التي يشنها المعلقون ضد كل ما هو مسلم تمنح نوعا من الاحترام لنقد الإسلام".
وتبين الكاتبة أنه "في عام 2016 قارنت وزيرة العمل الفرنسية لورنس روزينغنول المرأة التي ترتدي الحجاب بـ(الزنوج الذين يفضلون العبودية على الحرية)، ودعت إلى تحرير المرأة من رقها، ورغم استخدامها كلمة (زنجي) وقدرتها على فرض ما يجب على المرأة ارتداؤه، فإن ذلك لم يؤثر على وضعها في الحكومة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تدافع الصحافيون والسياسيون للدفاع عنها، واعتبروا استخدامها الكلمة مجرد اختيار سيئ".
وتقول مصطفى إن "الأمثلة كثيرة، ولا يمكن ذكرها في مجرد مقالة، إلا أن الحوادث كلها تشير بشكل واضح إلى اعتقاد عميق بأنه لا يمكن السخرية من المسلمين وإهانتهم فقط، وإنما يعد ذلك واجبا وطنيا".
وتضيف الكاتبة أنه "عندما قررت فرنسية تونسية مسلمة الكتابة على صفحتها في (فيسبوك) أن أشهر مسلم أوروبي قام بالاعتداء عليها عام 2012، فإنه كان يمكن أن تسمع أصوات الفرح في فرنسا كلها".
وتنوه مصطفى إلى أن "محاولات إسكات المفكر المولود في سويسرا بدأت عندما ظهر بصفته ناقدا حادا لإسرائيل وسياسة اليمين الجديد الصهيوني في الشرق الأوسط، وعادة ما يشار إليه بأنه (المفكر المسلم)، وتحاور ذات مرة مع مثقفين يهود على التلفزيون الفرنسي، الذين كانوا من الداعمين المتحمسين لحرب بوش في العراق، وعندما رد وصفهم له بالمسلم وتحدث عن يهوديتهم لم تتوقف فرنسا عن وصفه بمعاداة السامية".
وتؤكد الكاتبة أن "اتهام معاداة السامية أفرغ من معانيه كلها، وأصبح أداة سياسية يستخدمها المؤيدون لإسرائيل لإسكات منتقدي الكيان الاستعماري، ومع ذلك فإن هذه الكلمة، التي تستخدم في بريطانيا لتدمير المسار السياسي، هي التي تضع داعمي فلسطين على منحدر منزلق للتدمير".
وتفيد مصطفى بأن "رمضان لم يخدم قضيته عندما شجب الصور الكرتونية التي نشرتها المجلة الساخرة (تشارلي إيبدو) للنبي محمد، وعندما طلب منه التراجع عن نقده بعد الهجوم الإرهابي على المجلة، فإنه رد بأنه لم تكن هناك روح الدعابة أو الشرف في رسم صور لا تهدف إلا لجرح مشاعر وإهانة مجتمع، وفاقم رمضان من قضيته عندما أشار إلى طرد رسام الكرتون سينيه قبل سنوات عندما اعتبرت تعليقاته مؤذية لليهود، وحافظ في النقاش الذي واجه فيه أهم الوجوه المعادية للإسلام في فرنسا، على رزانته، ورد بهدوء على ناقديه كلهم، وهو ما أنهى مصيره".
وتقول الكاتبة: "علينا أن نلاحظ أن رمضان لا يمكن تجنبه، ففي الوقت الذي تبدو فيه خطاباته باللغة الإنجليزية لا طعم لها، إلا أنه في لغته الأم يعد خطيبا مفوها، وعادة ما تزيد نسبة المشاهدة عندما يظهر على أي برنامج".
وتشير مصطفى إلى أنه "عادة ما يتسامح التلفزيون الفرنسي مع الأقليات العرقية التي تقبل النمطية المفروضة عليها، فصاحب الشخصية الفرنسية المسلمة أو السوداء يجب أن يكون مغني راب أو لاعبا رياضيا، وعندما تظهر الشخصية قدرا من الثقافة، فإن المفهوم (الإثني) يجب إسكاته؛ لأنه يتناقض مع الصورة التي تشير إلى الرؤية الكارهة للإسلام في أجندة الأخبار، ومن يتم الاحتفاء به من المسلمين في الإعلام الفرنسي يجب أن يعلن ولاءه أولا وأخيرا لإسرائيل من أجل بناء مسيرته العملية".
وتذكر الكاتبة أن "أهم إمام في فرنسا هو حسن الشلموغي، لا يتحدث اللغة الفرنسية إلا بقدر، لكنه يزور إسرائيل، ويستخدم ظهوره في المناسبات العامة لدعم إسرائيل، والتقليل من قدر الفلسطينيين، الذين يقول إنهم (بارعون في أداء دور الضحية)".
وتلفت مصطفى إلى أن "هناك كمال داود، الذي قال في ذروة الهجوم الإسرائيلي على غزة إنه لا يوجد سبب يدعو الجزائريين للتعبير عن التضامن مع الفلسطينيين، وحصل بسبب موقفه على عدد من الجوائز، ويكتب عمودا في المجلة الفرنسية اليمينية (لا بوا)، الذي يهاجم فيه المسلمين بصفتهم مغتصبين ومنحرفين".
وتقول الكاتبة إن "الأمثلة عدة عن الوجوه المسلمة المرضي عنها، فيما يعد طارق رمضان من الأصوات القليلة التي تتحدى باستمرار العنصرية والسياسات الفرنسية المؤيدة لإسرائيل، وفي هذا السياق فإنه من الملاحظ أن أول شخص (يكتشف) ضحايا انتهاكات رمضان، هو الصحافي الفرنسي الإسرائيلي جين كلود الفاسي، الذي يعتقد أنه على علاقة جيدة مع هند العياري، التي ألفت كتابا نشر بعد فترة من اتهامها رمضان على وسائل التواصل الاجتماعي".
وتستدرك مصطفى بأنه "رغم أن مسلمي فرنسا فشلوا في حشد الدعم للدفاع عن رمضان بالطريقة ذاتها التي حشد فيها المجتمع اليهودي الدعم لرومان بولانسكي المدان بالتحرش بالأطفال، الذي اعترف باغتصاب فتاة عمرها 13 عاما عندما كان عمره 44 عاما، إلا أن غير المسلمين أشاروا إلى أنها اتهامات مسيسة ضد باحث مسلم".
وتنوه الكاتبة إلى أن محرر إحدى الصحف الاستقثصائية وتدعى (ميديابار) إدوي بلينل، شجب الإسلاموفوبيا التي تبعت (قضية رمضان)، ورغم أن بلينل لم يبرئ المفكر المسلم والمؤلف، إلا أنه أشار إلى عدم الانضباط في تغطية القضية بالطريقة التي أظهرها الإعلام في تغطية قضية بولانسكي ودومنيك شتراوس خان، المتهم بالاغتصاب في فندق في نيويورك عام 2011، اللذين استفادا من فكرة أنهما بريئان حتى تثبت إدانتهما، مقارنة مع رمضان الذي اعتبر متهما مع خروج القصة للعلن".
وتقول مصطفى إنه "في هذا المناخ، فإنه من الصعب تخيل حصول مفكر مسلم على محاكمة وتحقيق عادلين، ونعترف بأن الأسود في الولايات المتحدة لن يحصل على محاكمة عادلة، والأمر ذاته ينطبق على المسلم في فرنسا".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول إنه "يمكن أن يخرج رمضان من هذه الاتهامات، فبعد هذا كله فإنه أفرج عن الموسيقار برنارد كانتات عام 2007، بعدما قتل صديقته عام 2003، وفي عام 2010 قتلت صديقته نفسها؛ لأنها لم تعد تحتمل عنفا من الموسيقار الذي تم الاحتفال به على الصفحة الأولى لمجلة (روك)، أما رمضان فقد اتهم، وقد ينظف رمضان اسمه ويعود لعمله، لكن (طارق) في النهاية ليس (بيرنارد)".
مستشارة ترامب: فخورة بالعمل مع رئيس يقف لصالح إسرائيل
نيويورك تايمز: لماذا وجب رحيل عباس الآن؟
التايمز: ما هي قصة الخط الحديدي بين السعودية وإسرائيل؟