قال نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان السوداني، متوكل محمود، إن الاستراتيجية الجديدة للخرطوم تتمثل في "تصفير" الصراع والتوتر مع كافة دول الجوار، خاصة مصر وإريتريا وجنوب السودان.
وأضاف محمود، أن "السودان طبع علاقاته مع تشاد، وأنشأ معها قوات حدودية مشتركة، ويسعى إلى تكرار التجربة مع بقية دول الجوار، لتظل الحدود آمنة، وخالية من التوتر".
ومضى قائلا: "لدينا علاقات ممتازة وحدود آمنة مع دولة إثيوبيا، ونسعى إلى أن تكون الحدود آمنة مع دولة جنوب السودان".
وانفصلت جنوب السودان عن السودان، عبر استفتاء شعبي، عام 2011، وبين الدولتين نزاعات حدودية، فضلا عن اتهامات متبادلة بدعم متمردين.
حلايب وسواكن
خلال الشهر الماضي تصاعد التوتر بين السودان وكل من مصر وإريتريا، في ظل اتهامات سودانية للجارتين بحشد قوات عسكرية في إريتريا لاستهداف السودان، وهو ما نفته كل من القاهرة وأسمرة.
وقال البرلماني السوداني إن "الأسباب الأساسية للخلاف مع مصر تتمثل في احتلالها لمثلث حلايب (الحدودي)، ما أدى إلى تصعيد التوتر بين الفينة والأخرى، طيلة السنوات الماضية".
وتقول الخرطوم إن مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد هو أراض سودانية تحتلها مصر، وهو ما تنفيه القاهرة، التي ترفض أيضا اللجوء إلى التحكيم الدولي لحسم النزاع.
واعتبر محمود أن "مصر التقطت الرسالة الخطأ، عندما زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخرطوم، وأقام المصريون الدنيا ولم يقعدوها، وبدأت السخرية من الحكومة والشعب السوداني في الإعلام الرسمي، ما أثار مشاكل كبيرة بين البلدين".
وخلال زيارته للسودان، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، زار أردوغان "سواكن" على البحر الأحمر (شرقا)، وهي جزيرة تاريخية شهدت عصور البطالسة واليونانيين والمصريين والعثمانيين، حيث عبروها إلى "بلاد بنط" (الصومال).
وطلب أردوغان، خلال زيارته "سواكن"، أن تساهم تركيا في إعادة إعمار الجزيرة التاريخية، ضمن مشروع "تنموي استثماري سياحي"، وهو ما وافق عليه نظيره السوداني، عمر البشير.
وآنذاك اعتبرت بعض وسائل الإعلام العربية أن الوجود التركي في البحر الأحمر سيهدد الأمن القومي العربي، وهو ما نفت صحته الخرطوم، وشددت على حقها في إقامة العلاقات مع كافة الدول، باستثناء إسرائيل.
الحدود الإريترية
وأغلق السودان، الشهر الماضي، المعابر الحدودية مع إريتريا، وأرسل تعزيزات عسكرية إلى ولاية كسلا الحدودية (شرقا).
وتحدث مسؤولون سودانيون عن رصد حشود عسكرية مصرية وإريترية ومن متمردين سودانيين وإثيوبيين داخل الحدود الإريترية، وسط مخاوف من استهداف السودان.
وعن رد فعل بلاده، قال محمود إن "السودان يحسب للمسألة، لذا أغلق حدوده الشرقية مع إريتريا، وأرسل قواته المسلحة استعدادا لأي طارئ".
وتتبادل الخرطوم وأسمرة اتهامات بدعم متمردين مناهضين لنظام الحكم في كل منها، فيما تنفي القاهرة صحة اتهام الخرطوم لها بدعم متمردين مناهضين لحكم البشير.
سد النهضة
ومن أبرز الملفات الخلافية بين السودان ومصر هو سد النهضة الإثيوبي، الذي تخشى القاهرة من تأثير سلبي محتمل له على تدفق حصتها السنوية، البالغة 55.5 مليار متر مكب، من نهر النيل، مصدرها الرئيسي للمياه.
وقال النائب السوداني إن "مصر شاركت في كافة الاجتماعات المتعلقة ببناء السد، لكنها انسحبت فجأة، وأصدرت قرارات متعارضة، مثل طلبها إبعاد السودان من المفاوضات، وهو ما نفته بعد ذلك".
واعتبر محمود أن "هذا التعارض في التحركات المصرية والقرارات يفيد بعدم اتساق الموقف المصري مع المشاورات حول سد النهضة".
وتتهم القاهرة الخرطوم بدعم موقف أديس أبابا بشأن السد، لرغبتها في الحصول على طاقة كهربائية منه، فيما يقول السودان إنه يسعى إلى مراعاة مصالحه، دون الإضرار بمصالح الدول الأخرى.
وتقول إثيوبيا إن السد سيحقق لها فوائد عديدة، في مقدمتها إنتاج الطاقة الكهربائية، وإنه لن يُضر بدولتي المصب، السودان ومصر.
إيران ودول الخليج
وحول التوتر مع إيران والتقارب مع دول الخليج، قال البرلماني السوداني إن "السودان كانت لديه علاقات مع إيران، ما أثار حفيظة دول الخليج، نظرا للتنافر المذهبي بين السنة والشيعة".
وأضاف: "بناء على المصالح المشتركة السياسية والدبلوماسية اتجه السودان إلى محور دول الخليج، باعتباره المحور السني".
وتابع محمود: "اتجهنا إلى دول الخليج، وشاركنا في عاصفة الحزم (باليمن)، خاصة أن ما يجري في اليمن يهدد الكيان الإسلامي".
ومنذ عام 2015 يشارك السودان في التحالف العربي، بقيادة السعودية، لاستعادة الشرعية في اليمن، في مواجهة مسلحي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، المتهمين بتلقي دعم عسكري من إيران.
وزاد: "الحوثيون يعيثون فسادا، بالتعاون مع جهات خارجية، خاصة إيران، ونحن في سبيل حماية الحرمين الشريفين قررنا المشاركة في عاصفة الحزم".
وشدد على أن "مشاركة السودان عرقلت التوغل الحوثي داخل المدن اليمنية، وقريبًا ستتم هزيمة الحوثيين عبر التحالف العربي".
الحوار مع واشنطن
بعيدا عن منطقة الشرق الأوسط تحتل العلاقات بين السودان والولايات المتحدة الأمريكية مساحة من الاهتمام بين صناع القرار السودانيين.
ورفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 6 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، عقوبات اقتصادية وحظرا تجاريا كان مفروضا على الخرطوم، منذ 1997.
وقال البرلماني السوداني إن "البرلمان (السوداني) في دورته المقبلة في نيسان/ أبريل القادم، سيكثف حراكه لاستئناف التفاوض مع الكونغرس الأمريكي، وصولا إلى التطبيع الكامل للعلاقات بين البلدين، ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب".
وفي عام 1993 وضعت واشنطن اسم السودان في قائمة الدول التي تعتبرها رعاية للإرهاب، لاستضافته زعيم تنظيم القاعدة الراحل، أسامة بن لادن، بين عامي 1991 و1996.
وختم محمود بالقول إن "الخرطوم تعاونت بشكل كبير مع الولايات المتحدة في كثير من الملفات الأمنية، خاصة أن السودان دولة مهمة لواشنطن من الجانب الجيوسياسي للقرن الإفريقي (شرقا)، ودول البحيرات وغرب أفريقيا".
الظواهري: هذه أسباب فشل الربيع العربي
وزير الخارجية المصري: السفير السوداني يعود للقاهرة قريبا جدا
تركيا تباشر بتحويل "سواكن" السودانية إلى مركز سياحي