نشرت صحيفة "سلايت" الأمريكية الناطقة باللغة الفرنسية، تقريرا تحدثت فيه عن اكتشاف مؤرخ ألماني لعشرات الآلاف من الرسائل التي وجهت إلى "الفوهرر" من قبل شعبه، من بينها رسائل تمدح
هتلر، وأبيات شعر تتغنى بأمجاده، ورسائل تقدس شخصيته، بالإضافة إلى العديد من الهدايا. وقد تم تسجيل هذه الرسائل بعناية من قبل إدارة النظام النازي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن هذه الرسائل قد صودرت من قبل قوات الجيش الأحمر مع نهاية الحرب العالمية الثانية قبل أن يحولها إلى موسكو. بعد ذلك، حُفظت هذه الرسائل في الأرشيف وظلت طي النسيان. وخلال سنة 2000، اكتشف المؤرخ الألماني والمختص في تاريخ الرايخ الثالث، هنريك إبيرله، هذه الوثائق بالصدفة عندما كان بصدد البحث في الأرشيف الخاص بوزارة الدفاع الروسية.
وأفادت الصحيفة بأن المؤرخ أجرى دراسة على ما بين عشر رسائل وعشرين ألف رسالة من جملة 100 ألف وثيقة اكتشفها في أثناء البحث. بعد ذلك، نشر هنريك إبيرله أبحاثه في شكل مجموعة من المختارات تحت عنوان "رسائل إلى هتلر"، التي ترجمت فيما بعد إلى اللغة الإنجليزية.
ونقلت الصحيفة عن هنريك إبيرله أن جميع فئات الشعب الألماني كانت تكتب الرسائل لهتلر؛ "أساتذة، وتلاميذ مدارس، وأمهات، وراهبات، وحتى العاطلون عن العمل، والصيادون، والتجار، والجنود.. لقد أراد الناس التعبير عن مدى قبولهم ورضاهم عن النظام". وأضاف المؤرخ أن "المثير للانتباه في هذه الرسائل، مدى سذاجة وصبيانية الأشخاص الذين كتبوها، حيث كانوا يظنون أن هتلر هو من يمنحهم العمل والخبز".
وأشار المؤرخ الألماني إلى أن "هتلر قد تولى الحكم في الوقت الذي كانت فيه ألمانيا تعاني من فقر مدقع، حيث كان ما بين خمسة إلى ستة ملايين شخص عاطلين عن العمل. وبعد مضي سنتين من تقلده سدة الحكم، أضحى أغلب الألمان يعملون. وقد تم إنجاز أشغال عامة من بينها تعبيد الطرقات، ولكن لم يوجه الألمان سؤالا واحدا حول مصدر الأموال التي مولت هذه المشاريع، التي كانت تعتمد أساسا على الديون".
وأوردت الصحيفة أن عشق وتحمس الألمان لهتلر بدأ يظهر قبل أن يصل إلى الحكم سنة 1933، حيث يعود تاريخ بعض الرسائل التي عثر عليها المؤرخ إلى سنة 1925، تحديدا بعد أشهر من خروجه من السجن. وأكد هنريك إبيرله أن "شعبية هتلر أخذت في التقدم ببطء إلى أن بلغت ذروتها بين سنتي 1931 و1932، وخير دليل على ذلك ارتفاع عدد الرسائل التي تلقاها هتلر خلال تلك الفترة القصيرة. وقد دفعت به هذه الشعبية الهائلة إلى تولي حكم ألمانيا".
وتجدر الإشارة إلى أن الفوهرر واصل تلقي الرسائل، ولكنه لم يكن يقرأها بنفسه، بل كلف مدير مكتبه، ألبرت بورمان، بالاهتمام بكل الرسائل التي ترده، قبل أن توكل هذه المهمة سنة 1931 إلى المجرم النازي، رودلف هس.
وقالت الصحيفة إن هذه الرسائل شكلت مخزنا للمعلومات يعكس رأي الألمان في زعيمهم، حيث استعانت وحدات "إس إس"، أو شوتزشتافل، بنشر تقارير ترتكز أساسا على هذه الرسائل لقياس درجة قبول وحب الشعب الألماني لزعيمهم النازي.
وكشفت الصحيفة عن ما ورد في بعض هذه الرسائل، حيث طلبت إحدى الشابات الألمانيات من هتلر أن يسمح لها بزيارته في القصر الرئاسي. وقد جاء في فحوى هذه الرسالة "أرجوك، أرجوك، أيها الفوهرر الغالي، افتح لنا قلبك، نحن الفتيات، واسمح لنا بزيارتك فقط لخمس دقائق". وفي السياق ذاته، ذكر المؤرخ أن "مواطنة من منطقة بروسيا الشرقية، أرسلت جرة عسل إلى هتلر بعد أن سمعته يتكلم بصوت أجش في الراديو".
وأكدت الصحيفة أن المؤرخ الألماني تحدث أيضا عن رسائل أخرى وصلت للفوهرر، من بينها رسالة من سيدة تعبر له فيها عن خوفها من أن يصاب بنزلة برد. وفي رسالة أخرى، أوصت سيدة هتلر أن يجري تنقلاته عبر الطائرة خوفا عليه من التعرض للاغتيال. كما أرسلت له سيدة أخرى زوجين من الجوارب الصوفية بعد أن ضم إقليم "السوديت" سنة 1938 إلى ألمانيا، وجاء في رسالتها الكلمات التالية: "خلال تحريرك لإقليم السوديت، قمت بنفسي بحياكة هذين الجوربين".
وفي الختام، أضافت الصحيفة أن أغلب هذه الرسائل كانت مرفقة بهدايا للفوهرر، لعل أبرزها تذكار صيد محنط، ونماذج سفن مصغرة، ولوحات فنية، وأوان فضية. وتحدث المؤرخ عن إرسال هتلر مكافأة مالية إلى مواطن عاطل عن العمل بعد أن نسج قماشا مطرزا كهدية لكلب الفوهرر.