زاد إقرار الموازنة المالية في العراق لعام 2018، من حدة الخلافات بين حكومتي بغداد وأربيل، بعدما صوت البرلمان العراقي على تمريرها، على الرغم من مقاطعة القوى الكردية للجلسة احتجاجا على حصة الإقليم.
وأقر مجلس النواب العراقي، السبت، قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2018 بقيمة 104 تريليونات دينار (88 مليار دولار)، فيما أعلن رئيس المجلس سليم الجبوري معالجة عدد من مطالب الأكراد.
وطرحت عدد القوى الكردية خيارات عدة لمواجهة تمرير الموازنة من دون الاستجابة إلى مطالب إقليم كردستان، حيث صعد البعض من خطابه مطالبا بمقاطعة العملية السياسية العراقية برمتها، فيما دعا آخرون إلى الاستمرار بالحوار.
اقرأ أيضا: العراق يقر موازنة 2018 في ظل ارتياح سني ومقاطعة كردية
المقاطعة السياسية
وفي أول ردة فعل للأكراد، دعا النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني سيروان سيريني، رئيس الجمهورية فؤاد معصوم والقيادات السياسية في إقليم كردستان إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة والعملية السياسية.
وقال سيريني في بيان له إن "ما يجري في البرلمان العراقي مؤخرا هو إصرار على تهميش الأكراد وعزلهم عن القرار السياسي ودفعهم إلى اللجوء لخيارات أخرى مفتوحة الأبعاد للوقوف والرد على هذه الأعمال المخالفة للدستور والشراكة الوطنية والاتفاقات المتعارف عليها منذ العقد الأخير في حصة الإقليم في الموازنة".
وأضاف: "لا يمكننا السكوت والبقاء كمتفرجين على المهزلة التي تجري في قبة البرلمان بحق الأكراد والاستمرار بسياسة الشوفينية والنعرة القومية وخصوصا في آذار/ مارس شهر الانتفاضات الكردية والشهداء الأكراد".
وحمل النائب "الرئاسات الثلاث والجهات السياسية التي شاركت بالتصويت على تخفيض حصة الإقليم تتحمل مسؤولية هذا العمل الخطير الذي سيقضي على التفاهمات والتحالفات السابقة معه في تشكيل الحكومات السابقة".
واقترح سيريني "عقد مؤتمر دولي في إقليم كردستان تحت رعاية الأمم المتحدة وأمريكا والمجتمع الدولي لإيجاد نموذج آخر للحكم في العراق"، محملا المجتمع الدولي والأمم المتحدة "المسؤولية عما سيجري مستقبلا في حال قرر الأكراد مقاطعة العملية السياسية".
واتهم النائب "تحالفي الوطني (الشيعة) والقوى (السنة) بأنهما يجبروننا على العودة إلى الاستفتاء في حق تقرير المصير بعد أن تم عزل الأكراد عن القرار السياسي والشراكة في حكم العراق والاستئثار بالسلطة من الأغلبية الحاكمة".
من جهته، قالت النائبة عن الحزب ذاته نجيبة نجيب، إن "الأكراد قاطعوا التصويت على الموازنة لأنهم لن يقبلوا أن يكونوا شهداء زور على قانون لم يراع فيها مبدأ التوافق والشراكة التي على أساسها قبلنا ما بعد عام 2003 على العودة إلى بغداد بعد أن كنا دولة مستقلة".
وتابعت في بيان لها أننا "لن نقبل ان نكون شهداء زور على تخفيض نسبة الإقليم من 17 بالمائة إلى 12 بالمائة دون أي مبرر دستوري قانوني ونحن نقول للشعب العراقي وللعالم والمجتمع الدولي بأن الأكراد باتوا غير مرغوب بهم في هذه الدولة".
اقرأ أيضا: موازنة 2018 تفجر خلافا بين بغداد وأربيل.. الأكراد يرفضونها
استمرار الحوار
وعلى الصعيد ذاته، قال النائب أحمد الحاج رشيد إن "المقاطعة السياسية هي إحدى الأوراق المحروقة في هذا الوقت، بالتالي اللجوء إلى هذا الخيار لا يصب إلا في خانة أعداء العراق وزعزعة استقرار البلد، لأن الحالة العراقية تحتاج إلى الاستقرار ونحن جزء من شعب العراق".
ودعا النائب عن الجماعة الإسلامية الكردستانية في حديث لـ"عربي21" إلى "مناقشة الأمر وتدارسه بين الكتل السياسية العراقية"، لافتا إلى أن "مشروع الموازنة ليس نهاية الدنيا، وكل ما هناك أن إجحافا قد حصل في حق المكون الكردي، ولم تدرج جميع مطالبه في الموازنة".
وأضاف أن "هناك مجموعة من المطالب الكردية قد أدرجت ضمن الموازنة العامة، وبالتالي لا يوجد بديل عن الحوار إلا الحوار، للوصول إلى تلبية مطالب الأكراد والعراقيين جميعا".
وحول وجود تطمينات من الحكومة العراقية، قال النائب إن "مسألة التطمينات لا تحتاج وعدا من العبادي، فهناك محاكم ومؤسسة تشريعية خير ضامن لحقوق الأكراد وبقية المكونات العراقية".
وطالب الحاج رشيد، العبادي وجميع السياسيين بـ"عدم اتباع سياسة المعاقبة تجاه الشعب الكردي، وما حصل من عملية استفتاء ما هي إلا نتيجة لهذه السياسة العقيمة، ونحن التقينا بالعبادي وبيننا خلاف واتفاق على بعض النقاط".
وحث النائب على "اللجوء إلى طاولة الحوار والمفاوضات بين حكومتي بغداد وإقليم كردستان من جهة، والأحزاب السياسية أيضا من جهة أخرى، لأن القوى السياسية يجمعها الدستور العراقي".
ولفت الحاج رشيد إلى أن "هناك جهات سياسية كردية تصعد نبرة الخطاب، والمطالبة بالمقاطعة السياسية، من أجل الحصول على مكاسب سياسية، ونحن لا نرى في أن نستخدم ضعف حكومتي بغداد وأربيل، ونرفض أي سياسة تشنجية من الطرفين".
وكان رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، قال في مؤتمر صحفي، السبت، إن "الموازنة شهدت إشكالات ما يخص العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان".
وأضاف أنه "كانت هناك قضية تتعلق بالنصوص التي كان يرغب ممثلو إقليم كردستان بإضافتها ضمن الموازنة"، لافتا إلى أنه "تمت معالجة مطالب إقليم كردستان ضمن الموازنة المتعلقة برواتب موظفي الإقليم".
وأشار إلى أنه "تمت معالجة رواتب البيشمركة بصورة واضحة، إضافة إلى إلزام الحكومة الاتحادية بتنفيذها والتزام حكومة الإقليم بالنصوص الدستورية المتعلقة بهذا الجانب".
من جهته، هنأ العبادي "الشعب العراقي بإطلاق قانون الموازنة، وتمكين الحكومة من القيام بمسؤولياتها وتنفيذ سياساتها ومشاريعها التنموية والخدمية وبرنامجها الاقتصادي والاجتماعي وتأمين حقوق ومصالح المواطنين ورواتب الموظفين في جميع أنحاء العراق".
وأكد في بيان أن "تمرير قانون الموازنة هو حصيلة للتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على الرغم من الصعوبات العديدة التي يواجهها العراق وتحديات مرحلة ما بعد الانتصار على داعش وجهود تحقيق الاستقرار والخدمات للمدن المحررة وإعادة الإعمار في جميع المحافظات".
هل يعيد "تنظيم الدولة" قوته الضاربة أم انتهى إلى غير رجعة؟
ما حجم تدخل دول الجوار العراقي في تشكيل القوائم الانتخابية؟
دخول قوات موالية للأسد لعفرين يثير مخاوف مطلوبين للنظام