سمعت حوارات متلفزة أو صحفية لقادة نخب ثورية مقيمة بالخارج، تحدثت
عن أنه لا شيء نفعله للمعتقلين لإنقاذهم مما هم فيه، والحل الوحيد هو أن يثور
الشعب مرة أخرى.
ولأن
هذا الكلام غير صحيح، ولأنه يوجد الكثير مما يمكن فعله، لكن لا أحد يفعله، إمّا
لأنه لا يريد فعله لحسابات لديه، وإمّا لأنه لا يمتلك المهارات الشخصية التي تمكنه
من الفعل رغم ما تحت يديه من موارد.
وحتى
لا يتهمني أحد بظلم هؤلاء، دعوني أسرد لكم وسائل عديدة ومؤثرة وبسيطة لإنقاذ
المعتقلين أو التخفيف عنهم، أو حتى إعادة تثوير الشعب مرة أخرى ولا يفعلها هؤلاء.
1- حتى
الآن لا توجد صفحة محترمة على فيسبوك أو تويتر موجهة للشعوب الغربية؛ تنشر أخبار
المعتقلين والثورة بشكل يناسب القارئ الغربي.
2- يوجد
أكثر من مئة برلماني
مصري في الخارج لم يتم الاستفادة منهم في شيء، وكانوا يستطيعون
أن يكونوا رسلا للثورة في كافة أنحاء العالم، ومخاطبة الدبلوماسية الشعبية حول
العالم. والجهود المبذولة من جانبهم أغلبها فردي أو مبادرات ذاتية منهم، دون غطاء
من الأحزاب أو الحركات المنضوين تحتها.
3- لا
توجد مؤسسة واحدة تم تأسيسها للدعم النفسي والمعنوي لأسر المعتقلين والشهداء
والمطاردين، وهناك مآس في هذا الجانب ولا أحد يهتم، وكلها جهود فردية أو هواة،
وليس عملا احترافيا منظما.
4- لا
توجد مؤسسة واحدة تم تأسيسها لاستيعاب المهجرين خارج مصر وتسهيل دمجهم في
المجتمعات التي استقروا بها، وأغلب الجهد المبذول عشوائي، ويعتمد في المقام الأول
أن حدث على التسكين ولوازمه، وليس التأهيل للاندماج في المجتمعات الموجودين بها.
5- لا
توجد أي قواعد معلومات احترافية تم إنشاؤها تستطيع من خلالها تقييم أعداد
المطاردين أو المعتقلين أو المهجرين وأسمائهم وسيرهم الذاتية واحتياجاتهم وأسرهم،
بشكل علمي تستطيع من خلاله رؤية الصورة الكلية، وكيفية الاستفادة منهم أو توظيفهم
لخدمة الثورة أو حتى أنفسهم.
6- لا
يوجد حتى الآن جهد حقوقي احترافي منظم لخدمة الثورة، تكون لديه قواعد معلومات
موثقة ومحدثة باستمرار، أو فرق يتم تدريبها وتأهيلها للعمل الحقوقي، ومعظم الجهود
في هذا الجانب هي فردية قائمة على أصحابها.
7 - لا توجد حتى الآن قناة أو حتى ساعات بث بلغات غير العربية؛ موجهة
للشعوب الغربية.
8 - لا توجد حتى الآن أي حملات قانونية أو حقوقية مستمرة ومنظمة من أجل
الرئيس مرسي أو المعتقلين، ومعظم الحملات التي تحدث هي ردود فعل سريعة ومؤقتة
مرتبطة بحادثة أو موقف معين ثم تختفي سريعا.
9- لا
يوجد حتى الآن مشروع فكري للثورة يمكن عرضه على الحكومات والمنظمات الدولية، وقد
علمت من أكثر من مصدر أن حكومات عديدة طلبت أن تتعرف على الثورة كأفكار ومستقبل،
ولا يوجد شيء!!
10 - لا توجد حتى الآن رؤية أو وثيقة أو خارطة طريق معلنة للثورة تمثل
منارة للشعب أو جموع المؤمنين بالثورة.
11- لا يوجد حتى الآن إنتاج مؤسسي احترافي درامي أو سينمائي خادم للثورة،
وكلها جهود فردية أو عشوائية.
12 - لا توجد حتى الآن قيادات ثورية شعبية تخاطب الجماهير بين الحين
والآخر، كما نرى في كل ثورات الربيع العربي، بل حتى في غزة المحاصرة برا وبحرا
وجوا.
13- لا توجد أي حملات لتجريس وفضح من يقومون بالتعذيب أو الانتهاكات بحق
المعتقلين.
14- لا توجد حتى الآن مؤسسات لإعداد الكوادر ورجال الدولة، استعدادا
للفترة القادمة.
15 - لا توجد مؤسسات مالية خاصة بالثورة، تستفيد من رجال الأعمال الذين
توقف عملهم أو اضطروا للخروج من مصر، أو من لديه أموال ويخاف عليها ولا يعرف كيف
يتصرف، سواء للحفاظ على هذه الأموال أو تنميتها أو إعادة توجيهها لخدمة الثورة.
16- لا توجد مؤسسة تختص بالعلاقات العامة ومجالاتها المختلفة، لخدمة
الثورة أو المعتقلين.
17- لا توجد أي مؤسسات تهتم بالجانب التقني أو الأمن المعلوماتي، وغير
ذلك مما يمكن أن يكون مفيدا للغاية للثورة.
18- لا توجد أي تحالفات أو تواصل منتظم مع الحكومات الرافضة للانقلاب،
وكلهم أصبحوا يتعاملوا مع الملف المصري كملف إنساني وأمني، وليس سياسيا.
19- لا يوجد حتى الآن توثيق علمي معتمد لشهداء الثورة، بمن فيهم شهداء
رابعة!!!
20- لا توجد مؤسسات نسائية خاصة بالثورة مهمتها رعاية زوجات المعتقلين
وأسر الشهداء أو المطاردين.
21- لا يوجد أي تنسيق ممنهج ومنظم للتعاون مع الكيانات الثورية في بلدان
الربيع العربي للاستفادة من تجاربهم.
هناك
عشرات الأمور التي يمكن فعلها ولا تفعلها قيادات هذه النخب التي تسمي نفسها ثورية.
كما تلاحظ أن الغالبية العظمى لهذه القيادات مكانها في الخارج، حتى لا يتحجج أحد
بالضغط الأمني. كما أنها بعيدة كل البعد عن العنف الذي يفزع هؤلاء من ذكره، فكلها
أنشطة مشروعة وقانونية.
في
الحقيقة، أزمة الثورة والمعتقلين ليست في
السيسي وزمرته فحسب، ولكن في نخبه الثورية
كذلك، وخاصة قيادات هذه النخب، فلا هي استقالت واستراحت، ولا هي أراحت المتعبين
والمنهكين، ولن يحدث تقدم حقيقي في المشهد إلا بالشفافية والمحاسبة لهؤلاء.
اللهم
قد بلغت، اللهم فاشهد.