في وقت تتواصل فيه المعارك الشرسة في الغوطة الشرقية، صعّدت روسيا وقوات النظام قصفهما خلال الأيام القليلة الماضية على مناطق متفرقة في إدلب، مخلفة مجازر كان آخرها، مقتل 20 مدنيا غالبيتهم من الأطفال في قرية كفر بطيخ، أمس الأربعاء.
وأمام هذه المجزرة الأخيرة والتي سبقتها بيوم واحد في مخيم حاس جنوب إدلب، يمكن القول بأن مصير اتفاق "خفض التصعيد" الذي يشمل إدلب وريفها بات على المحك، كما الحال في مدينة دوما بالغوطة الشرقية التي كانت مشمولة بالاتفاق ذاته.
وكل ذلك، طرح التساؤلات لدى كثير من المراقبين عن الرسائل الروسية من وراء هذا التصعيد، وحول ما إذا كان إعلانا روسيا بأن معركة قادمة في إدلب ما بعد حسم الغوطة الشرقية.
من جانبه، اعتبر الإعلامي ماهر أبو شادي أن الهدف الحقيقي هو مواصلة سياسة القتل التي انتهجتها موسكو منذ إعلانها عن تدخلها العسكري المباشر في سوريا في العام 2015.
اقرأ أيضا: هيئات سورية: مقتل 16 طفلا في مجزرة روسية بريف إدلب
وقال لـ"عربي21" إن روسيا تسعى جاهدة إلى الضغط على المدنيين في المناطق المحررة، لجعلهم يطلبون الخلاص حتى لو كان هذا الخلاص تحت سلطة الأسد.
وما يدلل على ذلك بحسب أبو شادي، هو استهداف المدنيين وخصوصا المخيمات والمدارس، لافتا إلى أن التصعيد العسكري في إدلب يستهدف الحاضنة الشعبية، ما يعني أن روسيا تعد العدة لفرض حل سياسي بقوة السلاح، مستدركا بقوله: "القتل أو الخلاص مع وجود الأسد".
بدوره ذهب الصحفي محمد كساح من إدلب إلى الحديث عن أهداف أخرى روسية من وراء التصعيد الأخير على إدلب، في مقدمتها التذكير بأن إدلب ما زالت على بنك الأهداف الروسية، بذريعة وجود "الإرهاب" فيها.
ومن الأهداف الأخرى التي ذكرها كساح في حديثه لـ"عربي21"، أن روسيا ستعمل في الفترة المقبلة على إعادة كامل المناطق السورية إلى سيطرة النظام السوري، معتبرا التصعيد بمنزلة "تصويب بوصلة المعارك ما بعد الغوطة".
واعتبر أن بقاء بلدتي "كفريا والفوعة" المواليتين للنظام في حالة الحصار من دون التوصل إلى اتفاق ينهي هذا الملف بشكل نهائي، دليل قاطع على أن مدينة إدلب ستكون ساحة لتصعيد قادم.
لكن ألا يعني ذلك نسفا لاتفاق "خفض التصعيد" الذي توصلت إليه كل من موسكو وأنقرة وطهران في أستانا، يجيب المعارض السياسي أحمد غنام بسؤال "ألم تكن الغوطة مشمولة بهذا الاتفاق أيضا؟".
ويتابع في تصريحه لـ"عربي21"، بأن روسيا المنتشية بما حققته في الغوطة من تقدم عسكري دون النظر إلى التكلفة البشرية، ستواصل زحفها نحو كل المناطق المحررة، ولن تترك شبرا من هذه الأراضي من دون فرض سيطرتها عليها، من الجنوب السوري إلى إدلب وغيرها من المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
اقرأ أيضا: يوم دموي سوري جديد.. مقتل عشرات المدنيين بدمشق وإدلب
يذكر أن قوات النظام السوري كانت قد سيطرت في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، على عشرات القرى والبلدات في ريف إدلب الجنوبي والشرقي، إضافة إلى مطار أبو الظهور الاستراتيجي، مستفيدة من غطاء جوي روسي، وقصف مدفعي وصاروخي كثيف.
بعد تهديدات.. لماذا أرجأ النظام العملية العسكرية بريف حماة؟
لماذا لن تلقى الغوطة الشرقية مصير حلب في التهجير القسري؟
الخريطة الميدانية للغوطة الشرقية ونفوذ الفصائل (ملف)