أثار تمدد تنظيم
الدولة مجددا في مناطق جنوب دمشق، وتحديدا في حي القدم والحجر الأسود وأجزاء من
مخيم اليرموك، قبل أيام، تساؤلات حول الكيفية التي أعاد فيها التنظيم ترتيب صفوفه
واختراق مناطق يطوقها النظام، في ظل تقدم الأخير للسيطرة على الغوطة الشرقية.
وسيطر تنظيم الدولة
بشكل مفاجئ على حي القدم الواقع جنوب دمشق، بالإضافة لاحتفاظه بمواقع في حي الحجر
الأسود ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، وقتل أكثر من 30 عنصرا للنظام السوري.
وبث تنظيم الدولة، عبر
حسابات موالية له على مواقع التواصل الاجتماعي، صورا لجثث جنود النظام، ظهر بعضها
محروقا بالكامل داخل مدرعة عسكرية.
وقال مراقبون إن دخول
التنظيم إلى المنطقة جاء بتسهيل من النظام
السوري؛ لخلق مبررات وذرائع جديدة لقصف مناطق جنوب دمشق؛ تمهيدا لاستكمال الطوق الذي
أقامته إيران حول العاصمة.
أداة للآخرين
المحلل السياسي، محمود
عثمان، قال إن تنظيم الدولة وبعد كل هذه السنوات لم يعد سوى أداة تتقاذفها كافة الأطراف؛ من أجل تنفيذ مخططاتها في سوريا.
وأوضح عثمان
لـ"عربي21" أن النظام السوري سبق أن سهل تحركات التنظيم في العديد من
المناطق؛ لتنفيذ أجندته، وقبلها الولايات المتحدة والروس في تدمر وغيرها.
وأضاف: "النظام، بعد بدء العملية العسكرية التركية في عفرين، هدد بفتح الطريق لهؤلاء من جهة شمال
حماة؛ للوقوف بوجه الجيش التركي والجيش الحر، لكن مخططه لم ينجح".
وأشار إلى أن التنظيم
وصل إلى حي القدم بـ"رعاية تامة من النظام السوري والإيرانيين، في عمليات
تبادل أدوار واضحة؛ من أجل خلق مبررات لقصف المنطقة، والقيام بما يقومون به الآن في
الغوطة الشرقية؛ لإحكام السيطرة على كافة أنحاء دمشق".
وتابع: "وجود
هؤلاء يخلق ذريعة للتدخل الإيراني والروس وحتى الأمريكي للقصف واستخدام كافة أنواع
الأسلحة، وبالمحصلة من يدفع الضريبة هو الإنسان السوري، الذي لا حيلة له أمام تنظيم الدولة
أو القاعدة وغيرها من التنظيمات الدخيلة على المجتمع بسوريا".
وقال إن الأيام
القادمة، على الرغم من استمرار النظام بقصف كل المناطق، إلا أنه ربما يركز قصفه على
تلك المنطقة؛ لإنهاء ملف دمشق بالكامل بعد 8 أعوام على انطلاق الثورة.
طوق دمشق
من جانبه، قال الخبير
العسكري، العميد أديب عليوي، إنه وبالعودة إلى ما قبل التمدد الأخير للتنظيم، فإن
النظام تركه يتحرك بحرية في عدد من مناطق دمشق.
وقال عليوي
لـ"عربي21" إن معلومات مؤكدة أشارت إلى أن "عناصر من تنظيم الدولة
كانوا يتعاونون بشكل وثيق مع النظام، وكانوا يقدمون تسهيلات للمناطق التي يسيطرون عليها
في ظل حصار مطبق على الغوطة لأكثر من 5 سنوات كان حتى الملح يمنع إدخاله
إليها".
وشدد على أن النظام سبق أن ضيق الخناق على
فصائل معارضة اشتبكت مع تنظيم الدولة لمصلحة الأخير؛ لأن لـ"تنظيم الدولة أيادي بيضاء على النظام السوري، وهو السبب في إعطائه شرعية لبقائه حتى اليوم".
على صعيد الوضع الميداني، قال عليوي إن
التمدد الأخير للتنظيم سيجعل من الصعوبة انتزاع تلك المنطقة منه؛ لذلك سيلجأ
النظام لطلب العون الروسي والإيراني، وهو ما يعني دمارا جديدا لمناطق جنوب دمشق.
وأضاف: "بسبب 240 عنصرا من هيئة تحرير
الشام تم تهجير عشرات الآلاف من الغوطة الشرقية، وهو ما يخطط له لمناطق جنوب دمشق
بعد انتهاء المعارك هناك".
ورأى عليوي أنه لم يتبق الكثير للمخطط
الإيراني بإنشاء طوق حول دمشق، على غرار ما فعلته ببغداد. وقال: "دمشق الآن
مطوقة بالمليشيات الشيعية من كل الجهات، وما يجري ترتيب إيراني بمباركة
دولية".
ولفت إلى أن ديمغرافيا المنطقة تغيرت بالكامل، والطوق يمتد إلى مسافات تصل لغاية 30 كم، إلى الزبداني، وكذلك منطقة الحرجلة جنوب
دمشق باتجاه درعا، التي تسيطر عليها بالكامل مليشيات شيعية وإيرانية.
كتاب جديد يكشف أعداد معتنقي الفكر الجهادي في الأردن
لماذا أجّل النظام تهجير أهالي حي القدم الدمشقي للآن؟
هل تؤدي استفزازات حلفاء النظام بدير الزور لمواجهة مع أمريكا؟