أثار تعيين جون بولتون مستشارا للأمن القومي الأمريكي، خلفا للمستشار السابق إتش آر ماكماستر، مخاوف في أوساط أمريكية ودولية من زيادة التشدد الذي أصبحت تتسم به الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب، والانعكاسات المتوقعة في التعامل مع العديد من الملفات الدولية الساخنة.
وغادر ماكماستر منصبه بالتوافق مع الرئيس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحسب بيان للبيت الأبيض، وذلك بعد سلسلة من الإقالات والاستقالات في فريق ترامب الرئاسي خلال الأشهر الماضية.
وعلق ترامب على تعيين بولتون بالقول: "أنا سعيد أن أعلن أنه ابتداء من التاسع من نيسان/ أبريل 2018، سيكون جون بولتون مستشاري الجديد للأمن القومي".
من هو جون بولتون
خدم بولتون، 69 عاما، في الإدارات الجمهورية للرؤساء رونالد ريغان وجورج بوش (الأب) وجورج دبليو بوش (الابن)، وتولى عام 2000 منصب مساعد وزير الشؤون الخارجية، ثم عينه الرئيس بوش الابن عام 2005 مبعوثا للولايات المتحدة في الأمم المتحدة واستمر في منصبه لعام واحد فقط، كان كافيا لأن يوجه له دبلوماسيون انتقادات على أسلوبه خلال هذه الفترة، واصفين إياه بأنه حاد جدا.
اقرأ أيضا: ترامب يمنح "الصقور" رسم معالم السياسة الخارجية لإدارته
ينسب إلى بولتون القيام بدور بارز في إعداد الملف الذي بموجبه تم غزو وتدمير العراق، وتحريض الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، من أجل الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وقال مسؤولو مخابرات مطلعون إن "بولتون بالغ في معلومات الحكومة الأمريكية عن برامج الأسلحة في العراق وكوبا وسوريا عندما كان يشغل منصبا كبيرا في وزارة الخارجية الأمريكية بين عامي 2001 و2005 كما أنه انتقد المحللين الذين عارضوه".
وأعرب بولتون عن أسفه لبعض القرارات التي اتخذت بشأن العراق، ولكنه لم يشكك في الأسباب الواهية التي شنت باسمها الحرب، إذ كان الغزو الأمريكي للعراق مبنيا على أقوال تتعلق ببرنامج تدمير أسلحة الدمار الشامل، الذي لم يكن له أساس من الصحة.
يعد بولتون من المدافعين الكبار عن الحروب الوقائية، وخلال الأشهر الأخيرة أعرب الدبلوماسي السابق علنا عن تفضيله استعمال القوة ضد إيران وكوريا الشمالية، رغم أنه رحب ببرنامج لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون.
لكن المدافعين عن بولتون يقولون إن هناك مبالغة في تصويره بصفته داعية حرب، بالإضافة إلى أن تجربته في الحكم وخبرته في كلية القانون في جامعة ييل تجعله الخيار الأفضل لتقديم النصح لرئيس لا خبرة له في شؤون الحكم.
ولم تخف إسرائيل فرحها بتعيين بولتون، وعبر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عن رضاه من وجود بولتون في أروقة البيت الأبيض، وقال: "إن نظرته للاتفاق النووي مع إيران ستجد مع يتوافق معها في واشنطن، وليس فقط الرئيس ترامب، وإنما المنظومة الأمنية والسياسية الأمريكية".
ويشير تاريخ الخلافات بين بولتون ووكالات المخابرات في الولايات المتحدة إلى الطريقة التي قد يتعامل بها مع كوريا الشمالية وإيران وهما من التحديات الشائكة التي يواجهها هو والرئيس دونالد ترامب.
ويبدو أن بولتون يشاطر ترامب استياءه من الاتفاق النووي الموقع مع إيران والموقف المعادي في أغلب الأحيان لكوريا الشمالية، لكن تصريحات بولتون بشأن الملفين تتعارض مع تقييمات وكالات المخابرات الأمريكية.
وفي مقال نُشر خلال عام 2017 في صحيفة (ناشونال ريفيو) ذات التوجه المحافظ، اتهم بولتون إيران "بانتهاكات واضحة" للاتفاق النووي الموقع عام 2015 بهدف تقييد البرنامج النووي للجمهورية.
لكن مدير المخابرات الوطنية الأمريكية دان كوتس قال للكونغرس في شباط/ فبراير إن "طهران ملتزمة بالاتفاق الذي يمضي كما خطط له".
اقرأ أيضا: لماذا تحتفل إسرائيل بجون بولتون
وصنف بولتون برنامج كوريا الشمالية النووي وبرنامجها للصواريخ الباليستية على أنه خطر، قائلا إن "الطريقة المثلى للقضاء عليه هي ضربة عسكرية استباقية. وحذر محللون في المخابرات الأمريكية من أن مثل هذه الضربة قد تؤدي لهجوم مضاد من جانب كوريا الشمالية يسفر عن مقتل عشرات الآلاف من القوات الكورية الجنوبية والأمريكية والمدنيين وآخرين في أماكن بعيدة مثل اليابان".
ولاقى تعيين بولتون ردود فعل قوية في جميع أنحاء العالم الجمعة، ولا سيما في الشرق الأوسط، واعتبر بعض المراقبين الاختيار مسمارا آخر في نعش الاتفاق النووي، الذي أبرم في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بين إيران وقوى عالمية بهدف الحد من طموحات إيران النووية، إضافة لاعتبار تعيينه نذير "شؤم" في التعامل مع ملفات أخرى ساخنة في المنطقة لا سيما احتمال تدخله لتقويض أي آمال متبقية في "حل الدولتين" للصراع الإسرائيلي الفلسطيني في المستقبل القريب.
احتفاء إسرائيلي بتعيين "الصديق القوي" بولتون بإدارة ترامب
كيم جونغ.. اللغز المحير للعالم الذي يريد ترامب مقابلته
عودة التصعيد الإعلامي بين بيونغيانغ وواشنطن