نشرت مجلة "إتلانتك" مقالا للباحث الدكتور إتش إيه هيليير، يقول فيه إنه سيكون من المبالغة وصف الانتخابات المصرية بالتنافسية، حيث كان هناك اسمان فقط على ورقة الاقتراع: الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، وأحد مؤيديه.
ويجد الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أنه "من الصعب أيضا وصف البيئة في مصر في الفترة المؤدية إلى الانتخابات بأنها حرة وعادلة، حيث انسحب عدد من المرشحين، وقالوا إن ذلك بسبب وجود بيئة مغلقة، واعتقل فعليا اثنان منهم".
ويقول هيليير: "أشارت أرقام مبدئية غير مؤكدة، بثتها وسائل إعلام مصرية رسمية في 29 آذار/ مارس، إلى أن حوالي 42% من الشعب قاموا بالتصويت خلال هذه الانتخابات، التي أقيمت في الفترة ما بين 26 آذار/ مارس و28 آذار/ مارس، في الوقت الذي كانت فيه نسبة المشاركة في انتخابات 2014 هي 47.5%، بحسب التقارير الصادرة عن الدولة، من أولئك المصوتين 92% صوتوا للسيسي، مع وجود عدد من التقارير الإخبارية التي تقول إن الحكومة حاولت حشد المصوتين".
ويشير الكاتب إلى أن "المعارضة ترى أنها لم تكن انتخابات عادية، بالإضافة إلى أن أوراق التصويت الفاسدة كانت نسبتها اكثر من 2 إلى 1، مقارنة مع الأصوات التي ذهبت لمنافس السيسي، وهذه أيضا أكثر من نسبة أوراق الاقتراع الفاسدة في انتخابات 2014".
ويعلق هيليير قائلا إنه "بدلا من أن تعد هذه خطوة جديدة لنوع من التحول التعددي الديمقراطي في مصر، فإنه قد يكون من الأجدى أن ننظر إلى ما سيأتي بعد ذلك".
ويرى الكاتب أن "أفضل طريقة للنظر إلى فترة السيسي الجديدة، التي تشكل دورته الثانية في الحكم، على أنها امتداد لدورته الأولى، وبسبب التأييد القوي داخل معظم مؤسسات الحكومة للرئيس الحالي، فإنه لم يكن هناك شك في مصر أو خارجها بأنه سيستمر في الرئاسة، وقليل من الناس من يتوقع تحولا في السياسات، مثل الدعوة لفتح مجال أوسع أمام المجتمع المدني، أو تطوير شبكة أمان اجتماعية أكبر لصالح الأكثر ضعفا وحاجة، وتبقى الأولوية في دورة السيسي الثانية، كما كانت في الأولى: الاقتصاد والأمن".
ويذهب هيليير إلى أن "دورة السيسي الثانية تعني أنه سيبدأ في التفكير بشكل جدي بمن سيخلفه، وقد يجهز خليفة له -ومن يكون ذلك الخليفة أمر يصعب التنبؤ به حاليا- أو أنه قد يرضى أن يتسلم مقاليد الحكم شخص لا يؤيده، وهذا أيضا يصعب تخيله، خاصة أن الإدارة الحالية ضيقت المساحة في مصر للسماح ببديل سياسي حقيقي، بالإضافة إلى أنه من الممكن أن يترشح السيسي لدروة رئاسة ثالثة، لكن ذلك يتطلب تعديلا للدستور، الذي يسمح للرئيس بولايتين فقط، وهذا يتطلب استفتاء عاما".
ويقول الكاتب: "بحسب الأوضاع الآن، فإنه يبدو أن السيسي يتمتع بما يكفي من الدعم من نخبة رجال الأعمال، بالإضافة إلى نسبة جيدة من شبكات الرئيس الأسبق حسني مبارك، بالإضافة إلى أن المعارضة السياسية للسيسي والخارجة عن الأجهزة الحكومية أضعف من أن تعارض مثل هذا التحرك، أما المعارضة من فاعلين آخرين، مثل المؤيدين السابقين الساخطين، والناشطين المناصرين للثورة، والمجموعات السياسية، والناشطين المؤيدين للإخوان المسلمين، فموجودة، لكن لا أحد يعلم كم من القوة تستطيع أن تجمع في وجه استفتاء لتغيير الدستور".
ويستدرك هيليير بأنه "مع ذلك، فإنه يجب على السيسي ألا يشعر بالأمان، حيث أن تدني مستوى التصويت، بالرغم من جهوده لتحشيد الناس للتصويت، يشير إلى مستوى مهم من اللامبالاة العامة، وهذا يجب أن يقلق القاهرة، فعلى المديين المتوسط والبعيد، فإن هذه اللامبالاة قد تؤثر على صحة النظام السياسي، فالمعارضة موجودة في أي بيئة سياسية، لكن كي يتم امتصاصها يجب توفر قنوات من حرية التعبير السياسي، وإن لم تتوفر تلك القنوات فإنه يمكن أن يكون ما يترتب على ذلك خارجا عن السيطرة".
ويجد الكاتب أنه "بالنظر إلى الخارج، فإن هناك بالتأكيد قضايا سياسية خارجية يجب أن تقلق نظام السيسي، بما في ذلك المستنقع الليبي، وبناء سد النهضة الإثيوبي، الذي من المفترض أن يتم الانتهاء من بنائه في وقت لاحق من هذا العام، وقد يؤثر كثيرا على مدى استفادة مصر من مياه النيل".
ويرى الباحث أنه "لحسن حظ السيسي تأييد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب له، الذي يتوقع أن يستمر، بالرغم من وجود بعض المسائل العالقة التي تحتاج للتعامل معها، وبالذات علاقة مصر مع كوريا الشمالية، التي تزعج واشنطن، كما أن إدارة ترامب تريد من السيسي أن يرفع الحظر عن المنظمات غير الحكومية في مصر، الذي أدى إلى إدانة عدد من عاملي المنظمات غير الحكومية الأمريكيين في المحاكم المصرية".
ويعلق هيليير قائلا: "مهما كانت المطبات الموجودة في الطريق، فإنه من المتوقع أن يتم تسويتها، فحديث ترامب حول السيسي كان مليئا بالإطراء، بالإضافة إلى أن مستشاره الجديد للأمن القومي جون بولتون، مؤيد للسيسي، بالإضافة إلى أن واشنطن تعد مصر بشكل كبير محور الاستقرار في منطقة غير مستقرة، وبلدا بقي ملتزما باتفاقية سلام مع إسرائيل، وهو أحد الأسباب المهمة للدعم الأمريكي للقاهرة على مدى عقود".
ويبين الكاتب أنه "عندما يتعلق الأمر بعلاقة السيسي بأوروبا، فإن هناك تشكيلة، لكن كما هو الأمر بالنسبة لأمريكا، فإن المشكلات كلها تنتهي بتعاون مصر في الحد من الهجرة، ومحاربة منظمات مثل تنظيم الدولة، وفي هاتين القضيتين ترى أوروبا أن مصر تقف على (الجانب الصحيح)، حتى وإن كانت كل تلك الحكومات تستقبل، وأحيانا تنشر، تقارير حول أوضاع حقوق الإنسان، التي تحتوي على انتهاكات يزعم أن القاهرة ترتكبها".
ويلفت الباحث إلى أن "دول الخليج، مثل الإمارات والسعودية، كانت لها خلافات مع مصر؛ بسبب موقفها من الصراع في اليمن وسوريا، لكن بشكل عام فإن العلاقات جيدة".
ويختم هيليير مقاله بالتساؤل قائلا: "هل على شركاء القاهرة الخارجيين أن يكونوا مهتمين أكثر بتشجيع مواقف وسياسات مختلفة يمكنها أن تخلق نظاما قابلا للحياة وأكثر عدلا؟ هذا سؤال مهم، لكن لم تبد أي من الدول المعنية اهتماما في تشجيع السيسي في الدورة الأولى، ومن المشكوك فيه أن يتغير الوضع في الدورة الثانية، ما لم تكن هناك تغيرات مهمة محليا في مصر".
التايمز: لماذا يعد فوز السيسي خبرا سيئا لمصر والمنطقة؟
فيسك يتحدث عن السيسي والانتخابات وأسباب دعم الأقباط
بلومبيرغ: لماذا يدعى المصريون للتصويت والنتيجة محسومة؟