قال زعيم حزب العمال البريطاني جيرمي كوربين، في مقال له في صحيفة "الغارديان"، إن هجوما عسكريا يشك في قانونيته، وتدخلا عسكريا متهورا ليس ما يريده البريطانيون من حكومتهم.
ويقول كوربين في مقاله، الذي ترجمته "عربي21" إن "هذه أيام خطيرة، فاللحظة الحالية قوية، وتستدعي البحث عن السلام، في أعقاب الغارات الجوية على سوريا، وتقبل بوريس جونسون المرح بأن الحرب ستتواصل، وأن مفاوضات السلام ستكون (إضافة)، هو تخل مفرط عن المسؤولية والأخلاق".
ويضيف الكاتب أن "الحرب المدمرة قتلت أكثر من 500 ألف، وشردت خمسة ملايين سوري إلى خارج بلادهم، وأجبرت ستة ملايين آخرين للعيش لاجئين في داخل بلادهم، وهذا يستدعي التفاوض على تسوية سياسية، وليس الانزلاق نحو عملية عسكرية تقوم على الرد ورد الفعل".
ويرى كوربين أن "التدخل العسكري الطويل، من توفير السلاح ووضع جنود على الأرض، لم يساعد كثيرا، وأصبحت سوريا مسرحا عسكريا للقوى الإقليمية والدولية، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا وإيران والسعودية وإسرائيل وقطر والإمارات العربية المتحدة, من بين دول أخرى".
ويجد الكاتب أن "هجوم يوم السبت على مواقع يعتقد أنها للسلاح الكيماوي كان هجوما خطأ، ولم يتم التفكير فيه جيدا، وربما كان رمزيا، تدمير ما يعتقد أنها بناية فارغة، أو أنه مقدمة لحرب قد تؤدي إلى تصعيد متهور في الحرب بين الولايات المتحدة وروسيا، ولا يمنح أي من الاحتمالين نهاية للحرب، فتصعيد الحرب سيؤدي إلى المزيد من القتل واللاجئين".
ويؤكد كوربين أن "لا مجال لغض النظر عن استخدام الأسلحة الكيماوية، ويعد نشرها جريمة ويجب محاسبة المسؤولين عنها، فكان من المفترض أن تكون حكومة بشار الأسد قد تخلت عن السلاح الكيماوي (وليس الكلور)، بموجب الاتفاق الذي وقعته مع الأمم المتحدة في عام 2013، وقد تم تدمير مئات الأطنان منها، برعاية من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية وروسيا والولايات المتحدة".
ويلفت الكاتب إلى أنه "خلافا لما قيل، فإنه تم تأمين الاتفاق في مجلس الأمن، ومرة أخرى عامي 2015 و 2016 من المفتشين الدوليين، ودعا لمنح هؤلاء حرية التحرك لجمع الأدلة وسلطات إضافية، وتجب ممارسة الضغوط على حكومة الأسد للتعاون مع المحققين في هجوم دوما الصارخ، ويجب تأكيد أهمية مصادقة الأمم المتحدة على أي عمل عسكري مقبل".
وينوه كوربين إلى أن "الأمر ينطبق على الجماعات المسلحة التي تدعمها السعودية، أو الدول الغربية، والمتهمة هي الأخرى باستخدام السلاح الكيماوي، ويمكن ممارسة الضغط على الذين تثبت مسؤوليتهم عن استخدام السلاح الكيماوي، من خلال العقوبات إن اقتضى الأمر".
ويبين الكاتب أن "المحاسبة تعتمد على نهاية النزاع، وهناك الكثير مما يمكن عمله الآن دون زيادة النار السورية اشتعالا. إن هناك من يشكون في محادثات متعددة، لكن ما يجب تأكيده هو الإصرار على قانونية وشرعية أي عمل عسكري وموافقة الأمم المتحدة عليه، ولا يمكن القبول بأننا أمام حرب باردة جديدة، كما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش، بالإضافة إلى أن الابتعاد عن الخطاب الذي يتحدث عن المواجهة مع روسيا يمكن أن يخفف الحرارة، بشكل يفتح الباب أمام إجماع الأمم المتحدة على نهاية المعاناة السورية".
ويؤكد كوربين أن "الهجمات العسكرية نهاية الأسبوع محاطة بالشكوك القانونية، فالمبرر الذي ساقته الحكومة، الذي يعتمد على العقيدة التي يثار الكثير من الجدل حولها (التدخل الإنساني)، لا يستطيع مواجهة الامتحانات الخاصة بها، ودون سلطة الأمم المتحدة، مرة أخرى، فإن الأمر ترك لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا لمنح نفسيهما سلطة، واتخاذ قرار فردي لا تملكان الحق فيه".
ويذهب الكاتب إلى أن "حقيقة اتخاذ رئيسة الوزراء قرار الهجوم دون العودة إلى البرلمان يؤكد ضعف الحكومة، التي كانت تنتظر تفويضا من الرئيس غير المستقر وصاحب الخطابات النارية دونالد ترامب، ولهذا السبب فإننا نضغط باتجاه أن يكون للبرلمان القول الفصل في إصدار الأمر بالعمل العسكري، بناء على قانون سلطات الحرب الذي نقترحه".
ويعتقد كوربين أن "أعمالا عسكرية أخرى ستكون تهورا جديدا، وأكثر كارثية من التدخل في العراق وليبيا وأفغانستان، فالحرب المستمرة في سوريا تحيط بها مخاطر حرب واسعة، بدءا من روسيا، وتجر معها إيران وتركيا وإسرائيل والبقية، بالإضافة إلى أنه لا توجد أي خطة سياسية على الطاولة، فليبيا تقدم آخر مثال كارثي على العمليات العسكرية دون التفكير في خطة سياسية لما بعدها، وفي الوقت ذاته دعمت بريطانيا الحملة الجوية السعودية في اليمن، التي خلقت كارثة إنسانية".
ويقول الكاتب: "يجب على الحكومة البريطانية استخدام تأثيرها في هذه الأزمة، لا أن تكون تابعة فيها، ومن المثير للطمأنينة أن تقوم الأمم المتحدة بمناقشة عملية التفتيش الجديدة، وإحياء عملية السلام، ويجب أن تدار المحادثات بهدف الوصول إلى اتفاق، لا محاولة تسجيل نقاط قوة".
ويضيف كوربين: "علينا التخلص من مخاطر الأسلحة الكيماوية، في الوقت الذي نستخدم فيه تأثيرنا لإنهاء مخاطر الحرب الأكبر في سوريا، حل دبلوماسي يسمح للبلد بإعادة بناء نفسه؛ ليعود اللاجئون إلى بيوتهم، والوصول إلى تسوية سياسية شاملة تسمح للسوريين بتقرير مستقبلهم".
ويختم السياسي البريطاني مقاله بالقول: "هذا كله هو ما يريده البريطانيون، لا جولة جديدة من القصف، وقد حانت لحظة القيادة السياسية والأخلاقية لا الردود العسكرية".
إندبندنت: لماذا لم تستهدف الغارات بشار الأسد؟
الغارديان: لهذه الأسباب لا يجب تأييد تدخل ترامب بسوريا
ذا أتلانتك: ما هو المنطق الذي يفسّر وحشية الأسد؟