عبرت عدة جمعيات مدنية في تونس وقيادات حزبية، عن قلقها البالغ من عدم استكمال البرلمان التونسي المصادقة على "مجلة الجماعات المحلية"، والتي تعد بمثابة القانون المنظم لعمل البلديات، في أول انتخابات بلدية ستشهدها تونس بعد الثورة في 6 أيار/مايو 2018، متهمة نواب الأحزاب بالتعطيل الممنهج لجلسات البرلمان من خلال الغيابات المتواصلة.
وأعلنت الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد" في بيان لها، عن مخاوفها بسبب التعطيل الحاصل في استكمال المصادقة على مجلة الجماعات المحلية، مؤكدة ضرورة المصادقة على هذه المجلة قبل موعد الانتخابات البلدية، داعية النواب إلى تحمل مسؤولياتهم بشكل كامل.
بدورها عبرت رئيسية جمعية "عتيد" ليلى الشرايبي في تصريح لـ"عربي 21" عن قلقها البالغ من عدم استكمال البرلمان التونسي المصادقة على هذه المجلة، ورفضها القاطع استمرار العمل بقانون البلديات لما قبل الثورة لسنة 1975، "لما يمثله من مخالفة صريحة لما نص عليه الباب السابع من الدستور التونسي الجديد والمتعلق بتكريس السلطة المحلية ومبادئها".
اقرأ أيضا : انطلاق حملات الانتخابات البلدية الأولى منذ الثورة التونسية
وتابعت: "قانون الجماعات المحلية الجديد يأتي لتكريس السلطة المحلية واستقلالية قرارها الإداري والمالي التي كانت بموجب القانون السابق تابعة لرئاسة الحكومة من خلال سلطة الولاة، كما تمنح الهياكل البلدية الإطار القانوني لخلق الثروة بهدف تعزيز استقلاليتها المالية ومن ثم تحسين البنية التحتية والخدمات البلدية للمواطنين بشتى أنواعها في إطار سياسة التنمية اللامركزية بعيدا عن التهميش الذي كان يمارس سابقا في المناطق الداخلية".
كما حذرت الشرايبي من أن تصويت الناخبين على من سينوب عنهم في المجالس البلدية، لن يكون له أي قيمة في ظل عدم وجود إطار قانوني واضح يحدد المسؤوليات ويمكن من خلاله محاسبة السلطة البلدية المنتخبة ومراقبة مدى تطبيقها لبرامجها الانتخابية التي وعدت بها.
وفي السياق ذاته، حذرت جمعية "بوصلة" لمراقبة عمل مجلس النواب من النسق البطيء للنواب في المصادقة على فصول مجلة الجماعات المحلية حيث لم تتجاوز النسبة 32 بالمائة.
وأضافت في بيان لها أن تكرر غيابات النواب والكتل البرلمانية والتأخير المتعمد لموعد انطلاق الجلسات يؤكد انعدام الإرادة السياسية للمصادقة على المجلة قبل الانتخابات البلدية.
اتهامات وسجال بين النواب
عدم استكمال المصادقة على فصول مجلة الجماعات المحلية، خلف بدوره جدالا وتراشقا للاتهامات بين النواب أنفسهم، حيث حمل النائب مبروك الحريزي عن الكتلة الديمقراطية – تكتل أحزاب معارضة- في تدوينة له كل من كتلة النهضة ونداء تونس في البرلمان، مسؤولية التعطيل المتعمد للتصويت على مجلة الجماعات المحلية، لأنهم حسب قوله: "يريدون بلديات من دون صلاحيات ولا يرغبون في إرساء الحكم المحلي"، محذرا في الآن ذاته من التخلي عن العمل بالمجلة برمتها.
وفي ردها على الاتهامات الموجهة لكتلتها، أعلنت النائبة هالة عمران عن كتلة نداء تونس في البرلمان، في تصريح لـ"عربي21" عن استغرابها من تصريحات بعض نواب المعارضة، مؤكدة أنها اتهامات مردودة على أصحابها، مضيفة: "نحن في حزب نداء تونس، أكثر النواب حرصا على استكمال فصول هذه المجلة في أقرب الآجال، في إطار الاستحقاق الذي ينتظره منا ناخبونا، على عكس بعض الأحزاب في المعارضة التي لا تملك قائمات أصلا، ونذكرهم بأن حظوظنا كبيرة في الفوز من خلال نسبة القوائم الموزعة على أكثر من 300 دائرة بلدية".
النائبة عن نداء تونس اتهمت المعارضة بالتعطيل الممنهج لعمل البرلمان خلال جلسات المصادقة على فصول المجلة، وذلك بـ"التشويش المتواصل والمقاطعة عبر نقاط النظام التي يتوجه بها النواب لرئيس الجلسة" حسب قولها.
يشار إلى أن الحملة الانتخابية للمرشحين من أحزاب ومستقلين وقوائم ائتلافية، انطلقت منذ يومين، لتتواصل إلى غاية 4 أيار/ مايو 2018، وسط تأكيد هيئة الانتخابات على تسجيل بعض الخروقات البسيطة، فيما أكد رئيس الهيئة محمد التليلي المنصري عن تراجع الهيئة عن قرارها السابق بالتخلي عن الحبر الانتخابي خلال عملية التصويت، بعد موجة الجدل والتشكيك في نزاهة الانتخابات التي أثارها القرار، وذلك بعد إعلان دولة الصين تقديمها للحبر في شكل هبة للدولة التونسية.
بعد موجة استقالات.. كتلة آفاق تونس تندثر من البرلمان
أحزاب تونس تحشد للانتخابات البلدية وتنوع في وسائل الدعاية
تونس تطبق إملاءات "النقد الدولي" وترفع أسعار المحروقات