طرحت الاستغاثة التي أطلقتها سناء البلتاجي، زوجة القيادي الإخواني
المعتقل بمصر محمد البلتاجي، عن اختفاء نجلها أنس بعد ترحيله من محبسه بسجن ليمان
طرة منذ عشرة أيام، الكثير من التساؤلات عن السياسة الجديدة لوزارة الداخلية
المصرية فيما يتعلق بالمعتقلين الحاصلين على أحكام بالبراءة، أو الآخرين الذين
أنهوا مدة حبسهم، ثم يتم اعتقالهم مرة أخرى.
وحصل
أنس البلتاجي، الشهر الماضي، على حكمين من محكمة النقض بالبراءة في القضايا المتهم
بها. ورغم أن الأحكام نهائية، فإن الأجهزة الأمنية تتحايل على تنفيذها، بتلفيق
قضايا جديدة، أو بالاعتقال دون سند من القانون، أو استمرار الحبس؛ بحجة أن قرارات
البراءة لم تصل للسجن بعد، كما يقول مراقبون.
وبالإضافة
لأنس البلتاجي الذي سجن قرابة أربعة أعوام ثم حصل على البراءة، حالات أخري أبرزها
النائب السابق والمحامي الشهير أحمد أبو بركة، الذي تم اعتقاله في آب/ أغسطس 2013
على ذمة القضية المعروفة بغرفة عمليات رابعة، والتي قضت فيها محكمة أول درجة
بالأشغال الشاقة، ثم أعيدت المحاكمة مرة أخرى، وحصل فيها أبو بركة على البراءة.
وتم
توجيه تهمتين بإهانة القضاء لأبي بركة خلال سجنه، حكم عليه في إحداهما بالسجن 6 أشهر،
وفي الثانية بالسجن ثلاثة أعوام. وبحكم القانون، فإنه يجب إطلاق سراحه بعد الحكم
ببراءته؛ لأنه قضى أكثر من أربعة أعوام في الحبس على ذمة القضية الأولى، وتحديدا
الفترة من اعتقاله في آب/ أغسطس 2013 وحتى حكم البراءة في أيار/ مايو 2017، إلا
أنه ما زال رهن الاعتقال بمحبسه؛ بحجة أن أوراق تخصيم المدد لم تأت للسجن من
النيابة حتى الآن، وهو ما أدى في النهاية لاستمرار حبسه عام ونصف كاملين دون سند
من القانون.
أما الحالة الأخرى، فهي المتعلقة بالمعتقلين على ذمة قضية فض اعتصام
النهضة، ومعظمهم برلمانيون وسياسيون وقيادات للإخوان بمحافظة الجيزة، اعتقل معظم
في الفترة من أغسطس وحتى أكتوبر 2013، وبعد30 جلسة قضت المحكمة ببراءة معظمهم في
التاسع من كانون الثاني/ يناير الماضي، ورغم ذلك ما زالوا رهن الاعتقال بمحبسهم؛
بحجة أن أوارق البراءة لم تصل من النيابة للسجن حتى الآن.
وهو ذاته ما تكرر، ولكن بشكل آخر، مع نائب رئيس الوزراء ووزير
التنمية المحلية السابق، محمد علي بشر، الذي أنهى فترة حبسه الاحتياطي على ذمة
قضية التخابر مع النرويج، إلا أنه فوجئ بضمه على قضية إحياء اللجان النوعية، رغم
وجوده بمحبسه قبل تشكيل هذه اللجان بأكثر من عام.
من جانبه، أكد عضو هيئة الدفاع عن قضايا الإخوان، أسامة العاصي، لـ "عربي21" أن السلطات الأمنية تتعنت في الإفراج عن بعض
المعتقلين نتيجة حسابات خاصة لدى الأمن، وليس لدى القانون، كما جرى مع أبو بركة
والبرلماني السابق جمال العشري وأستاذ الاتصالات بجامعة القاهرة عصام حشيش، وأنس
البلتاجي، وزوج ابنة خيرت الشاطر أحمد ثروت.
وأوضح أنهم توقعوا تأخير الإفراج عن مجموعة قضية فض النهضة لبعد
الانتخابات الرئاسية التي جرت بآذار/ مارس الماضي، ولكن توقعهم لم يكن في محله؛
لأنهم ما زالوا معتقلين بمحبسهم حتى الآن، وهو ما يمثل انتهاكا صريحا لأحكام
المحكمة، خاصة أن القانون يلزم بإطلاق سراح الحاصلين على البراءة، أو الذين قضوا
فترة حبسهم خلال سير المحاكمات في مدة أقصاها 48 ساعة من الحكم.
ويضيف
العاصي أنهم تقدموا ببلاغات للنائب العام، وأرسلوا صورا رسمية من أحكام المحكمة في
قضية الفض على يد محضر لمصلحة السجون، ورغم ذلك يتلقون إجابة واحدة، وهي أن قرار
المحكمة لم يصلهم حتى الآن، رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر عليه، علما أن أقصى فترة
لنقض الحكم60 يوما، وبالتالي فإن حتى حبسهم مخالف للقانون؛ لأن أمر حبسهم الصادر
من المحكمة انتهى يوم النطق بالحكم.
وأكد
أستاذ القانون الجنائي، أشرف المرجاني، لـ "عربي21" أن
المحاكمات التي تتم لمعارضي الانقلاب مخالفة للقانون، ورغم ذلك فإن الجهات الأمنية
تزيد من هذه المخالفات بمخالفات أخرى أكثر فجاجة، موضحا أن أنس البلتاجي كان من
المفترض إطلاق سراحه منذ عام بعد قضائه ثلاثة أرباع العقوبة المقررة، وهي 5 سنوات،
ولكن لأنه نجل محمد البلتاجي، فلم يتم تطبيق هذا المبدأ عليه، حتى جاء حكم النقض
بتبرئته.
ويضيف
المرجاني أن الأمن يتعامل مع أحكام القضاء حسب هواه، فما يحدث مع أنس هو تعنت
وتأديب لوالده السجين، وما يجري مع أبو بركة وغيره هو خوف من خروجهم من السجون؛
لما يمكن أن يمثلوه من ضغط على النظام.
ويوضح
أستاذ القانون الجنائي أنه يجب على النيابة العامة أن تقوم بدورها في المراقبة
والتفتيش على السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، ومراجعة أوراق المعتقلين، ولكن لأن
النيابة خصم إضافي للمتهم، فإنها تغض الطرف عن هذه التجاوزات والممارسات البوليسية.
"الحوت الأزرق" يواصل حصد ضحاياه في مصر.. واستنفار مجتمعي
دمج الأحزاب المصرية .. الاتحاد الاشتراكي في ثوبه الجديد
الدائرة المحيطة بالسيسي.. كثير من الجنرالات قليل من الوزراء