في تصريح اعتبره حتى موالون للنظام العسكري الحاكم منفصلا عن واقع
الدولة المصرية، قال رئيس الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء، الدكتور
محمود حسين، إن إنشاء وكالة الفضاء المصرية هو مستقبل البلاد.
حسين،
أكد باجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، الأحد، أنه برغم حاجتنا لأمور كثيرة،
لكن مستقبل مصر في الفضاء، موضحا أن الموارد الأرضية والطبيعية نضبت، وعلينا
الدخول بعصر الفضاء والبحث عن موارد بكواكب أخرى، مشددا على أهمية إنشاء مدينة
الفضاء، والوفاء بالتزام مصر مع الصين بهذا الشأن.
حديث
المسؤول المصري يأتي في ظل ظروف اقتصادية صعبة تمر بها البلاد وسط تراكم المليارات
من الديون، إلى جانب تقليص ميزانيات التعليم والبحث العلمي، وفي ظل
مخاوف المصريين من العطش وبوار الأراضي على خلفية أزمة سد النهضة الإثيوبي.
وكان
وزير التعليم العالي والبحث العلمي، خالد عبدالغفار، قال نهاية 2017، إن مصر تأخرت
50 عاما بدخول مجال الفضاء، رغم أن لديها خبرات على مدى عقود بعلوم الفضاء، وإنها
خلال سنوات يمكنها المنافسة بهذا المجال، مضيفا أن عبدالفتاح السيسي أصدر تعليماته
بإنشاء مدينة لعلوم الفضاء.
وفي
تعليقه، أكد الباحث العلمي الزائر لدى معهد الطاقة، بجامعة اسطنبول التقنية،
الدكتور سعيد صباغ، أن "المصريين غير مهددين بشيء إلا بجلد الذات وسوء
الإدارة"، مضيفا أن "دعوة البحث عن موارد بكوكب أخر سخافة، ومن يتحدث
عنها الآن معتوه"، قائلا: "ربما يحدث ذلك مستقبلا للدول المتقدمة فقط".
وحول
إمكانية الاستفادة من علوم الفضاء لخدمة المصريين، أوضح صباغ، لـ"عربي21": "يمكن الاستفادة من صور
الفضاء لدراسة أرض مصر ومكان تركز المياه والمعادن"، مضيفا أن "معظمها
نعرفها، ونعرف كم مصر غنية ومليئة بالثروات ومعروفة بعض مناجمها الطبيعية"،
مؤكدا أن "مصر تملك مثل هذا الإمكانيات للمساهمة بحل أزمة المياه، خاصة أن
تحتها بحيرات ماء بالصحراء الغربية".
وبشأن
عدم استغلال علوم الفضاء لكشف هذه البحيرات، قال إن "هناك خرائط تم عرضها من
قبل العالم المصري فاروق الباز، الذي يحوز كل خرائط ناسا"، مضيفا: "لكن
اهتمام المصريين الآن يمنعهم من معرفة الدراسات العلمية والوصول للحياة الكريمة".
ولام أستاذ
الفيزياء النووية الدولة المصرية لعدم استغلال تلك الخرائط المصورة من الفضاء،
والتي تكشف عن وجود ثروات هائلة، كما دعا لاتخاذ قرار شعبي بترك الكيف، وتعلم
العلم بسرعة وتطبيقه، موضحا أن "العلم بلا تطبيق يضيع؛ خاصة أن لدى مصر أفضل
الخبرات العربية، لكنها في الظل".
وقال:
"سلموا الأمور لحكومة تقنية وطوروا الإدارة"، موضحا أنه "من الممكن
تطوير مصر بسرعة شديدة، لكن المصريين -على ما يبدو- أعجبهم حالهم المائل"،
مضيفا: "إذا انصلح حالهم ينصلح حال كل البلاد العربية والإسلامية، كما أن
تخلف أفريقيا برقبة المصريين"، مشيرا إلى أنه "من الممكن عودة مصر جنات
وأنهارا، لكن ليس بطريقة العيش تلك".
وحول
وجود مشاريع جادة بمجال الفضاء يمكن استغلالها لحل أزمات مصر، أكد صباغ أن
"الخرائط الفضائية والاستشعار عن بعد توضح أماكن المياه والثروات والتضاريس
ونوع التربة والرطوبة والطرق القديمة المدفونة"، موضحا أن تطوير دراسة الفضاء
يطور الإلكترونيات بمصر ما يطور صناعة الأقمار الصناعية والتلفاز الذكي ومراقبة
الآثار والمعادن"، موضحا: "العلميون يتألمون لسهولة تحقيق ذلك".
ترف
علمي
وبشأن
مدى إمكانية دخول مصر عصر الفضاء في ظل ظروف الدولة، أكد الدكتور مختار غباشي،
نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه "ترف علمي ورؤية
مستقبلية جديرة بالنظر فيها، لكن بظل ظروف مصر نحتاج أولا إصلاح الداخل".
الأكاديمي
المصري، قال لـ"عربي21"، يجب
أن "نحدد أولوياتنا، وأهمها إصلاح أي خلل إداري وإصلاح منظومة التعليم والصحة
المنهارة، وإحياء صناعات اندثرت وتشكيل تنافسية مع الآخرين الذين سبقونا بسنوات
طويلة، ثم بعد ذلك ننظر للفضاء ونستغله، فالأرض تاهت بين أيدينا، ولا نعرف كيفية
استغلالها، وهي كثيرة".
وخاطب
القائمين على البحث العلمي بقوله: "ابنِ مدينة فضاء، لكن أنت بحاجة معرفة
لإدارتها، ومن امتلكوها أصلحوا أمورا كثيرة ما زالت عندنا بحاجة لإصلاحها، ورغم تقديري
لهذا الطرح، إلا أن هناك أمور لها أولويتها، ولست أدري أولويات الدولة حول طرح هذه
الفكرة، وهل تسعى لتنفيذها؛ لأننا عشوائيين بالطبيعة".
وفي
سؤال حول كيفية استغلال العلم والفضاء لحل مشاكلنا، ولماذا لا تسعى الدولة في هذا
الإطار، قال غباشي، إن "العلم والفضاء مطلوبان في ظل نجاح على الأرض
واستغلالها جيدا؛ انظر لتجارب الآخرين، كالهند وماليزيا وسنغافورة والبرازيل
وتركيا وغيرهم".
وأكد
أنه يجب أن "نبدأ بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإداري، وهو حاجة
ملحة قبل أي شيء؛ ثم نحدد ماذا نريد، مستعينين بتجارب الآخرين".
وسخر
مدير مكتب طيبة للدراسات السياسية، الدكتور خالد رفعت، من تصريحات رئيس الهيئة
القومية للاستشعار عن بعد، وقال عبر فيسبوك: "العلماء بتوعنا بعدما عقدوا
اجتماعات ومؤتمرات مكثفة اكتشفوا الحل لأزماتنا بالبحث عن موارد بالكواكب الأخرى
ومستقبل مصر في الفضاء"، مؤكدا أن تلك التصريحات تأتي "عندما ينفصل
الأكاديمي عن الواقع ويعيش بالفضاء".
وتساءلت
الكاتبة الصحفية، مي عزام، في مقال لها بـ"المصري اليوم"، "هل من
المنطق أن نتحدث عن مجال الفضاء؟"، مشيرة إلى تأخر ترتيب الجامعات المصرية
بالتصنيف الدولي لأفضل جامعات العالم، بجانب أن ميزانية البحث العلمي لا تكفي سوى
لظهور أمثال عبد العاطي واختراع جهاز الكفتة.
بعثة صندوق النقد بمصر.. ماذا تحمل من كوارث برمضان؟
رفع رواتب الكبار وتضييق على الفقراء.. أين المنطق ببرلمان مصر؟
36 عاما علي تحرير سيناء.. السيسي يحتفل بطريقته