تنوعت ردود الفعل ما بين مؤيد ومعارض ومتحفظ، حول قرار المجلس الأعلى للإعلام بمصر بفرض غرامة تقدر بـ 250 ألف جنيه (14 ألف دولار) ضمن عدد من المعايير لمنع الألفاظ الخادشة للحياء بالأعمال الدرامية الرمضانية لهذا العام، وهو القرار الذي تزامن مع تحركات برلمانية لوضع كود أخلاقي لإلزام صناع الدراما به خلال الفترة المقبلة.
وتتضمن المعايير 24 بندا يجب مراعاتها حتى لا يتعرض العمل للغرامة، منها الانتهاء من تصوير 50 بالمئة على الأقل من العمل الدرامي قبل عرضه أو إذاعته؛ والتزام القنوات العارضة بالمعايير المهنية والأخلاقية وعدم اللجوء للألفاظ البذيئة والتوقف عن تمجيد الجريمة وصناعة أبطال وهميين يجسدون أسوأ ما في الظواهر الاجتماعية.
ودعت اللجنة لتمجيد الدور البطولي لرجال الجيش والشرطة، وتقليل الفواصل الإعلانية داخل المسلسلات إلى ثلاثة فقط، إلا أن اللجنة لم تتطرق للبرامج الترفيهية الساخرة التي أثارت انتقادات سلبية لخروجها عن الذوق والآداب العامة.
من جانبه رفض رئيس المجلس الأعلى للإعلام مكرم محمد أحمد الاتهامات التي وجهت لمجلسه بالفاشية ومناهضة حرية الإبداع، مؤكدا في اجتماع لجنة الدراما بالمجلس أنه ترجم بقرار الغرامة رغبة المشاهدين، راميا الكرة في ملعب البرلمان الذي طالبه بإقرار هذه العقوبات والضوابط باعتبارها معايير لوضع حد للتجاوزات التي شهدتها الأعمال الدرامية.
من جانبه، أكد المؤلف والسيناريست محمد جمال لـ"عربي21" أن "هذه العقوبات جيدة ولكن ليس لها ضابط لضمان تطبيقها بشكل لا يمثل ضررا أو يعتمد على الأهواء".
وأوضح أن "استخدام الألفاظ الخادشة بشكل صريح لا يحدث إلا نادرا، ولكن يمكن توظيف ألفاظ عادية لا تمثل خدشا للحياء، ولكن مع بعض الإيحاءات والمؤثرات يكون لها تأثير في خدش الحياء أكثر من الكلمات البذيئة نفسها".
وأشار جمال الذي يشارك بأكثر من عمل تلفزيوني خلال رمضان المقبل إلى أن "قرارات المجلس الأعلى للإعلام أشبه بالمسكنات لأن الملابس التي ترتديها بعض الممثلات أكثر قبحا وخدشا للحياء من الألفاظ، وكذلك تصوير بعض المشاهد في غرف النوم والرقص، وهي أمور لم يشملها قرار مكرم".
وأضاف المؤلف والسيناريست أنه يجب على لجنة الدراما بالمجلس أن تنسق مع كل اللجان المعنية بالدراما والتأليف والسينما سواء اللجنة في المجلس الأعلى للثقافة أو لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان وكذلك نقابات المهن التمثيلية وغرف صناعة السينما، للتنسيق بينها لوضع ضوابط حاكمة للأعمال الدرامية سواء من حيث القصة والسيناريو أو ضوابط التصوير بما يخدم في النهاية ترسيخ قيم المجتمع المصري.
بدوره، رأى الناقد الفني ممدوح هلال في حديث لـ "عربي21" أن "مشكلة الأعمال الدرامية ليست في محتواها ولكن في نجومها ومنتجيها والقنوات الفضائية التي تقوم بشرائها، لأنه في بعض الأحيان يتم تفصيل القصة على مقاس بطل العمل وخاصة مع النجوم الكبار باعتبارهم نجوم شباك".
وشدد هلال على ضرورة "ألا تقتصر الضوابط على مسلسلات رمضان رغم أنها الأكثر في الإنتاج طوال العام، ولكن حتى في المسلسلات التي يتم تنفيذها خارج رمضان، وبالتالي فالضوابط لا بد أن تكون ممتدة وواضحة على كل الأعمال سواء التليفزيونية أو المسرحية أو السينمائية، وحتى الإذاعية".
وأبدى الناقد الفني تخوفه من تراجع المجلس الأعلى للإعلام عن تطبيق هذه الغرامة، لأن تكلفة 20 لفظ خادش للحياء يمثل ميزانية العمل الدرامي كله، وبالتالي فإن الجهة التي سوف تحدد نوعية الألفاظ التي يطبق عليها الغرامة يمكن أن تتساهل بمبدأ إنقاذ العمل ونتيجة لتدخل أصحاب النفوذ من شركات إنتاج وممثلين، ما يجعل في النهاية هذه الغرامات حبرا على ورق ليست لها قيمة.
وأوضح هلال أن "القنوات الفضائية تلجأ إلي حيلة جديدة للهروب من تصنيف المسلسل طبقا لقيم الذوق العام، حيث تحدد أعلى الشاشة خلال عرض المسلسل الفئة العمرية المستهدفة، وهو ما تعتبره مبررا أو عذرا لها على وجود ألفاظ أو مشاهد خارجة".
وأردف بأن "الشركات المنتجة تقوم بعرض المسلسلات كاملة على شبكة الإنترنت دون حذف، وهي أمور كلها تجعل قرار مجلس مكرم ليس له قيمة، بل إنه سوف يكون سببا في انتشار الأعمال التي يتم توقيع عقوبات عليها انطلاقا من قاعدة الممنوع مرغوب".
وانتقد هلال ما جاء في ضوابط المجلس بتفخيم وإبراز تضحيات رجال الجيش والشرطة، موضحا أن "المجلس بذلك تحول لإدارة الشؤون المعنوية التابعة للقوات المسلحة".
وتابع: "كما أنه يمثل توجها واضحا من الهيئات المسؤولة عن الإعلام تجاه ترسيخ تصرفات الجيش والشرطة حتى لو كانت خاطئة، وهو استغلال واضح لاستخدام الدراما لخدمة أهداف وتوجهات سياسية لخدمة النظام الحاكم، ما يمثل تدخلا مباشرا في أعمال الدراما".
إحالة هشام جنينة للمحاكمة العسكرية بـ"وثائق عنان".. تفاصيل
السلطات المصرية تفتح معبر رفح البري استثنائيا لمدة 3 أيام
لماذا سربت الحكومة المصرية رغبتها برفع الأسعار؟