نشر موقع "
فرانس أنفو" الفرنسي تقريرا تضمن حوارا، مع أستاذ العلوم الجيوسياسية، فريدريك بيشون، والمختص في دراسة الأوضاع في
سوريا، تطرق من خلاله إلى الضربات
الإسرائيلية التي استهدفت مواقع
إيرانية في سوريا، فضلا عن قرار دونالد ترامب الأخير المتعلق بالاتفاق النووي.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن الضربات الجوية الإسرائيلية تعد بمثابة رسالة سياسية ووسيلة للضغط على فلاديمير بوتين. كما أن انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الموقع مع إيران، مهد الطريق نحو شعور الإسرائيليين بأنهم أقوى من ذي قبل.
ويبدو أن قرار ترامب والقصف الإسرائيلي يعتبران بمثابة رسالة مشتركة موجهة لإيران أساسا، ولكل من لديه القدرة على التأثير على قرارات إيران بشأن الصراع السوري، والمقصود هنا روسيا.
وطرح الموقع على ضيفه سؤالا حول الأهمية التي تكتسيها القواعد الإيرانية المنتشرة في سوريا، ردّ عليه فريدريك بيشون بأن "هذه القواعد جزء مما يسمى بالهلال الشيعي، الذي يمتد من طهران إلى حدود الجنوب اللبناني". وأضاف بيشون أنه "من الواضح أن هذه القواعد الإيرانية المنتشرة على مقربة من الحدود السورية تشكل بالنسبة للدولة العبرية تهديدا محدقا بها".
وتساءل الموقع عن مدى خطورة هذا الوضع، وهو ما أجاب عنه أستاذ العلوم الجيوسياسية بأنه "من وجهة نظر عسكرية، أصابت القذائف الإسرائيلية الأراضي السورية، وبالتحديد منطقة سورية تحتلها إسرائيل منذ سنة 1967. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الضربات تندرج ضمن الإستراتيجية الإسرائيلية الرامية لقصف مواقع إيرانية على مقربة من حدودها مع سوريا، ولكن الغريب في الأمر أن إسرائيل اعتمدت هذه المرة قذائف، وليس صواريخ".
وقال بيشون إن "خطاب الرئيس الأمريكي الأخير، الذي أعلن فيه رسميا انسحاب بلاده من الاتفاق النووي، جاء في شكل ترجمة حرفية للاتهامات الإسرائيلية الموجهة ضد إيران. وتحدث الأستاذ الفرنسي عن إستراتيجية الوقاية التي تنتهجها إسرائيل منذ مدة طويلة، حيث "يبدو أن السياق الراهن يصب في مصلحتها إضافة إلى أن الولايات المتحدة، التي تعتبر أكبر قوة عسكرية في العالم، أعطت الضوء الأخضر لتل أبيب للتدخل في التراب السوري والتحرك ضد إيران".
في السياق ذاته، قلّل فريدريك بيشون من خطورة تأزم الوضع وتحوله إلى مواجهة عسكرية بعد الضربات الإسرائيلية، حيث يرى في هذه الضربات مجرد رسالة سياسية، خاصة وأنها تزامنت مع قرار ترامب الأخير، الذي يعد قرارا دبلوماسيا وليس عسكريا.
ونوه بيشون إلى أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سعى من خلال زيارته إلى موسكو، التي تزامنت مع الاحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية، لتذكير فلاديمير بوتين بضرورة التدخل للحد من اقتراب الإيرانيين من حدود هضبة
الجولان المحتل. وفي الواقع، كان نتنياهو قد كرر هذا المطلب على مسامع الرئيس الروسي في عدة مناسبات".
وفي إجابته عن سؤال الموقع حول نتيجة الدعوات إلى خفض التصعيد، أفاد أستاذ العلوم الجيوسياسية أن "إدانة فرنسا لقرار ترامب ودعوتها واشنطن للعدول عن الانسحاب من الاتفاق النووي لا يكتسي أهمية كبرى. ويعود السبب في ذلك خاصة إلى أن فرنسا ليس لها ثقل عسكري في سوريا يجعلها تقف عائقا أمام نشوب مواجهة عسكرية محتملة بين تل أبيب وطهران. كما أن الحل الدبلوماسي أضحى صعبا نوعا ما خاصة بعد الصفعة التي تلقتها فرنسا مع انسحاب ترامب من الاتفاق النووي".
وأراد الموقع أن يعرف من فريدريك بيشون ما إذا كان الوضع سيهدأ أم أنه سيتخذ منعطفا أكثر خطورة، حيث أكد قائلا: "نحن نعلم جيدا أن الحديث عن ضبط النفس في الشرق الأوسط يعد أمرا معقدا جدا. لكن، من الواضح أنه بالنظر إلى الفوارق بين القوى الإقليمية في الشرق الأوسط، سيكون من الصعب علينا تحديد ملامح المواجهة الشاملة والمحتملة في المنطقة، باستثناء الوضع في إيران، الذي يمكن أن يسجل عودة المحافظين الإيرانيين للسيطرة على الحكم في البلاد".
وفي الختام، أضاف الموقع، على لسان بيشون، أن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، لطالما سعى للحفاظ على الاتفاق النووي الموقع مع الغرب تجنبا لعودة محتملة للشق المحافظ في إيران من جديد.