سياسة دولية

معهد واشنطن: هذه نتائج انتخابات العراق واحتمالات الحكومة

يلفت التقرير النظر إلى أن أي ائتلاف عراقي لا يملك فرصة تشكيل الحكومة بمفرده، وعادة ما يكون تحالفا يضم ستة إلى ثمانية قوائم ضروريا- جيتي

نشر معهد واشنطن تقريرا استعرض من خلاله نتائج الانتخابات العراقية، وسيناريوهات تشكيل الحكومة، وعلاقة واشنطن وموقفها مما جرى وسيجري.

وقال التقرير الذي أعده مايكل نايتس، الذي عمل سابقا في جميع المحافظات العراقية وقام بتغطية جميع انتخابات البلاد منذ عام 2005، إنه "رغم الأداء القوي الواضح الذي أظهره تحالف "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر في انتخابات 12 أيار/مايو في العراق، إلّا أنّ "التعليقات المتسرعة" لا تُعتبر على الإطلاق ذات جدوى بالنسبة للانتخابات العراقية، لأن الشعب بحدّ ذاته لا ينتخب مباشرة رئيس الوزراء وحكومته، ولأن العملية طويلة ومعقدة".

ويشير التقرير إلى أن النواب البالغ عددهم 329 نائبا يقومون بتعيين رئيس الوزراء من خلال تحقيق أغلبية 165 مقعدا، بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية والتحالفات التي سبقت الانتخابات.

والنتيجة، بحسب التقرير "أن جميع الاحتمالات تبقى مطروحة في اليوم الذي يلي إقفال صناديق الاقتراع وربما طيلة أشهر قادمة. وإذا استغرق تشكيل حكومة وقتا طويلا كما حصل في عام 2014، فسيجري تشكيلها في 20 أيلول/سبتمبر 2018. أما إذا استغرق تشكيلها 289 يوما كعام 2010، فستباشر الحكومة الجديدة عملها في 25 شباط/فبراير 2019. وقد تقع النتيجة الأكثر ترجيحا هذه المرة في منزلة بين هذين السيناريوهين، حيث قد تتشكل الحكومة الجديدة في تشرين الثاني/نوفمبر 2018".

ويلفت التقرير النظر إلى أن أي ائتلاف عراقي، لا يملك فرصة تشكيل الحكومة بمفرده، وعادة ما يكون تحالفا يضم ستة إلى ثمانية قوائم ضروريا.

ويستعرض التقرير القوائم العشرة الأولى الفائزة، وهي:

- "سائرون" لمقتدى الصدر، التي تجمع الكوادر الشعبية الإسلامية مع الشيوعيين والمجتمع المدني، 54 مقعدا (16.4%).
- "تحالف الفتح" برئاسة هادي العامري الذي يضم قوات المليشيا ذات الميول الإيرانية - 47 مقعدا (14.2%).
- "ائتلاف النصر" برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي - 42 مقعدا (12.7%).
- "الحزب الديمقراطي الكردستاني" - 26 مقعدا (7.9%).
- "ائتلاف دولة القانون" برئاسة نوري المالكي - 25 مقعدا (7.5%).
- "ائتلاف الوطنية" برئاسة إياد علاوي - 21 مقعدا (6.3%).
- "تيار الحكمة الوطني" برئاسة عمار الحكيم - 19 مقعدا (5.7%).
- "تحالف القرار العراقي" برئاسة أسامة النجيفي - 19 مقعدا (5.7%).
- "الاتحاد الوطني الكردستاني" - 17 مقعدا (5.1%).
- قائمة "غوران" (من كردستان) - 7 مقاعد (2.1%).


ويرى التقرير أن الحكومة العراقية القادمة تندرج ضمن صيغتين أساسيتين، مما يطرح تحديات وفرصا مختلفة أمام الولايات المتحدة. والصيغتان هما:

حكومة تنوع الأغلبية. ستتطلب الصيغة الأولى الحاجة إلى بعض الترتيبات التي تشمل عناصر الأغلبية والمتعددة الطوائف والأعراق. إنه مفهوم مقتدى الصدر وقد يشمل ضم بعض الفصائل (من بينها فصيله) إلى الحكومة واستبعاد أخرى منها ("تحالف الفتح" و"ائتلاف دولة القانون")، أي تلك الأقرب إلى إيران، مما يشكل أول معارضة برلمانية رسمية في تاريخ العراق ما بعد 2003.
ويرى التقرير أن "الحكومة يجب أن تكون بالفعل متعددة الطوائف والأعراق كي تحقق أغلبية 165 مقعدا. وقد يشجع الصدر صدور بيان عام من نوع ما لهذه التشكيلة الجديدة: حكومة تكنوقراط، وتركيز على مكافحة الفساد، ونهج شعبوي اقتصادي، ممزوجة جميعها بكره معتدل للأجانب يحدّ من التأثيرات الخارجية في البلاد".

حكومة وحدة فوضوية. وهنا يقول التقرير: "من المؤكد أن الفكرة المتطرفة أعلاه تثير توتر الكتل الرئيسية وأبرز المسؤولين السياسيين القدماء. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن مقتدى الصدر مستعد لإثارة استياء شركائه في الائتلاف. وقد لا يكون العمل معه سهلا. ومن المرجح ألا تُسر إيران إزاء احتمال استثناء وكيلَيْها ("تحالف الفتح" و"ائتلاف دولة القانون") من الحكومة. وقد يهدد هذان التكتلان، المرتبطان بمليشيات مسلحة جيدا، بالقيام بتحركات معرقلة إذا شعرا بأنه سيتمّ إقصاؤهما.
ولهذه الأسباب، وفق التقرير "قد تلجأ الكتل العراقية الأكبر إلى العادة القديمة المتمثلة في تشكيل حكومة وحدة وطنية "من الجميع ولا أحد"، مما يعني أنها ستشمل الجهات الفاعلة كافة تقريبا، ولكن أي منها لا تتفق على مجموعة أهداف، باستثناء تقسيم الوزارات إلى إقطاعيات سياسية. وقد تسفر النتيجة الأكثر ترجيحا في حكومة وحدة وطنية قيام "دائرة داخلية" شيعية تضم الفصائل كافة، باستثناء فصيل مقتدى الصدر، الذي قد ينسحب إلى صفوف المعارضة إذا تم رفض نموذجه لتنوع الأغلبية. أما "الدائرة الخارجية" فقد تشمل الأكراد والسنّة وغيرهم، مما يجعل الأغلبية تتخطى الـ 165 مقعدا، الأمر الذي يضفي شعورا بالشمولية".

ويرى التقرير أنه "لا يجب أن يتفاجأ أحد إذا اختار هؤلاء الخيار الأخير، الذي يُعتبر مألوفا أكثر وأقل عرضة لعرقلة شبكات المحاباة السياسية التقليدية".

وعن موقف الولايات المتحدة يرى التقرير أنه "لا يجدر بها أن تشعر بخيبة أمل إزاء النتائج المتحققة حتى الآن أو بالخوف منها. فتأييد شعبي أقوى لرؤية حيدر العبادي المعتدلة والتقدمية للعراق، كان من شأنه أن يُطمئن الولايات المتحدة وحلفاء العراق الغربيين الآخرين".

لكنه يستدرك قائلا إن "هناك بعض الحقائق التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار. فلا يمكن لنتائج استطلاعات الرأي ولا لأي عملية تشكيل للحكومة أن تضمن مصالح الولايات المتحدة في العراق: فحماية المصالح الأمريكية هي عملية لا تنتهي، وليست حدثا يجري كل أربع سنوات. ويجب الحكم على العبادي - أو أي رئيس وزراء عراقي آخر - استنادا إلى أفعاله وليس إلى هويته. ومن ناحية أخرى، على الولايات المتحدة أن تُبقي تركيزها منصبا على مصالحها الرئيسية في العراق، أي الاستقرار والانفتاح على الشراكة التي سيخدمها على أفضل وجه زعيم يطبق سياسة استيعابية شاملة تجاه المجتمعات العراقية كافة، ويعتمد سياسات ذكية لمكافحة الإرهاب، ويدعم إجراء إصلاحات اقتصادية، ويُبقي العراق محايدا وسط التوترات في المنطقة، ويبحث عن الإمكانات الكامنة في اتفاق "الإطار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق" الموقع عام 2008".