تضاربت تصريحات الحكومة المصرية بشأن سياستها في برامج الحماية الاجتماعية للفقراء؛ فقد أظهرت موازنة العام المالي المقبل عدم زيادة مخصصات وزارة التضامن لبرامج الحماية الاجتماعية عن المبلغ المخصص لها في العام المالي الحالي، رغم تأكيد الحكومة أنها تستهدف زيادة عدد المستفيدين.
ورفضت وزارة المالية زيادة المبلغ المخصص لوزارة التضامن الاجتماعي لمعاشات الدعم النقدي، وظل المبلغ كما هو 17.5 مليار جنيه (نحو مليار دولار فقط)، وهو نفس المبلغ المخصص لها خلال العام المالي الذي ينتهي في حزيران/ يونيو المقبل.
ويبلغ عدد المستفيدين من برنامجي تكافل وكرامة نحو 2.2 مليون أسرة بمتوسط 500 جنيه شهريا (28 دولارا)، في حين يحصل 1.6 مليون مواطن على معاش الضمان الاجتماعي بقيمة 320 جنيها (18 دولارا)، وهو أقل من الحد الأدنى لخط الفقر للفرد الواحد بكثير والبالغ 800 جنيه، وفق الجهاز المركزي المصري لتعبئة والإحصاء.
برامج حماية لا تحمي
ووفقا للإحصائيات الرسمية، فإن 27 بالمئة من سكان مصر فقراء ولا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية، ويقع 30 مليون مصري تحت خط الفقر، يتركزون في محافظات الصعيد ( جنوب مصر)، ويفتقرون للحد الأدنى من الكفاف.
اقرأ أيضا: حملات بملايين الجنيهات لجمع التبرعات في مصر تثير جدلا
وانتقد خبراء في علم الاجتماع خلال حديثهم لـ"عربي21" عدم قدرة برامج الحماية الاجتماعية على تغطية كل الجوانب أو حتى أهمها، وتغطية جميع الفقراء أو معظمهم، مؤكدين أن البرامج الحكومية لا توفر الإنفاق على المسكن والمواصلات والصحة والتعليم، وسط توقعات بطفرة جديدة من غلاء الأسعار وانضمام فقراء جدد للفقراء الحاليين.
ودعت الخبيرة في المجال الخيري، ونائب رئيس جمعية أحلام الأفروآسيوية، ألفت العربي، إلى إعادة النظر في برامج الدعم النقدي التي تُمنح للأسر المصرية الفقيرة، والعمل على تطويرها.
وقالت لـ"عربي21" إن "برامج الحماية لا تعد حلا جذريا لمشكلة الفقر، وهي بحاجة إلى إعادة نظر؛ فالدعم الشهري الذي يقدر بنحو 500 جنيه للأسرة لن يغنيها عن السؤال، ولن يرتقي بمستوى معيشتها، وستظل في حالة عوز واحتياج".
وانتقدت جهود الجمعيات الخيرية الكبرى في مصر التي يصرف جزء كبير من إنفاقها على الوجبات قائلة: "إن إنفاق الأموال على وجبات وكراتين غذائية يبرز مظاهر الفقر بدلا من حلها، وهي نفقات بلا مردود، فلا تجعل الفقير يحتاج لك في كل رمضان، ويشعر بعجزه في كل مناسبة".
ودعت إلى "إنفاق المال في إقامة مشاريع صغيرة للأسر الفقيرة؛ للقضاء على البطالة، خاصة أني أرى أن الدعم لا يصل بشكل مباشر لمستحقيه، كما أن الفقر بحاجة إلى تعريف قد يوجد مواطنون من الطبقة الوسطى ولكنهم فقراء، لا بد أن تكون هناك دراسة حقيقية ميدانية وليست دراسة مكتبية تحدد بدقة من هو مستحق الدعم، ومن هو الفقير".
اقرأ أيضا: التايمز: فقراء مصر يواجهون معاناة جديدة
الدعم ليس الأفضل
أما أستاذ علم الاجتماع السياسي، هدى زكريا، فقالت لـ"عربي21": "من الأفضل أن يُقَدم الدعم المادي للفقراء بالتوازي مع إقامة مشروعات لهم في المراحل الأولى لمحاولة القضاء على الفقر، فالفقير بحاجة إلى مساعدة مادية قبل إنعاشه ببرامج اقتصادية تنموية تستغرق عدة سنوات".
وأشارت إلى أن "قرار مجانية التعليم الذي اتخذه (عبدالناصر) أتاح الفرصة لفقراء كثيرين للتعلم، ولم يظهر أثره إلا بعد سنوات من تطبيقه، وحتى نستطيع انتشال فقير من الفقر علينا أن نعلمه صيد السمك ونعطيه سمكه في آن واحد، فلا يمكن أن نعلمه صيد السمك وهو جائع"، مؤكدة أن "الخطط ذات الطابع الاستراتيجي وطويلة المدى وتحسن أحوال الفقراء، تحتاج إلى وقت".
دور الإعلام السيئ
واستهجنت الصورة التي يقدمها الإعلام المصري عن الفقراء، قائلة: "ما ألاحظه أن الفقراء يتم تصويرهم في الإعلام على أنهم شحاتون ومتسولون وفي انتظار رحمة الأغنياء، وأرى أنها نظرة متدنية ولاإنسانية ولاأخلاقية".
مضيفة أنه "يجب التعامل مع الفقراء بأدب واستحياء وليس مساعدتهم على الظهور في البرامج للشحاته، فالفقراء هم مواطنون يتمتعون بأهلية كاملة، ولهم حق اجتماعي وإنساني وهي فكرة الفرص، ولا بد من كفالتهم ورعايتهم بشكل كامل، ماديا ومعنويا".
ما دلالة التدريبات العسكرية المصرية البحرينية قرب حدود قطر؟
السيسي يهنئ صلاح على إنجازاته المتتالية.. وردود ساخرة
حكم عسكري بالسجن 5 سنوات ضد هشام جنينه.. وهذه تهمته