واصلت وسائل الإعلام
الإسرائيلية الحديث عن تصاعد
التوتر في
العلاقات مع
تركيا حتى وصلت ذروته لحد
اتخاذ الكنيست إجراءات برلمانية لمناقشة مشروع قانون يعترف بمذابح الأرمن وهو ما
يشي بوصول العلاقات بين الجانبين إلى مستويات غير مسبوقة في التدهور.
دافيد بيتان الرئيس
السابق للائتلاف الحكومي في إسرائيل، وأحد أقطاب حزب الليكود، قال إنه "يجب
قطع العلاقات مع تركيا، لأن أردوغان أسوأ من إيران، فهو يشبه الإسرائيليين
بالنازيين، ولذلك لابد من وضع حد لهذه العلاقات".
وأضاف في لقاء مع موقع
القناة السابعة التابعة للمستوطنين، ترجمته "
عربي21" أنه "لن يحصل
ضرر كبير لإسرائيل من هذه الخطوة باستثناء بعض الإشكاليات الاقتصادية، فإسرائيل
تصدر لتركيا بضائع سنوية بقيمة 2.9 مليار شيكل، وتستورد منها بقيمة 1.4 مليار
شيكل (الدولار يساوي 3.5 شيكل)، وهذه المبالغ بالإمكان تعويضها مع أي دولة أخرى،
المهم يجب عدم منح أردوغان فرصة الظهور في العالم العربي كزعيم للمسلمين".
وذكر دوري غولد الوكيل
السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، أن "الخطوات التي أقدمت عليها إسرائيل
تجاه تركيا طبيعية ومعقولة، إعادة السفير وطرد القنصل، واحدة بواحدة، وفي حال
واصلت تركيا إثارة موضوع انتهاكات حقوق الإنسان من قبل إسرائيل ضد الفلسطينيين،
فبإمكاننا تذكير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأفعال جيشه".
وأضاف غولد في مقابلة
مع معهد القدس للشؤون العامة والدولة، ترجمتها "
عربي21" أنه "يجب
أن تركز الدبلوماسية الإسرائيلية جهودها صوب ايران، هي الهدف الرئيس، والاتفاق مع
أكبر عدد ممكن من الدول الإسلامية السنية لمواجهتها".
وتابع: "كلنا
يذكر كيف أن ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا الأسبق كان يكره الشيوعيين حتى
الموت، لكنه اضطر للاتفاق مع ستالين زعيم الاتحاد السوفييتي لمواجهة العدو المشرك
المتمثل في ألمانيا النازية، وهكذا كان".
وأوضح غولد أنه
"من الأهمية بمكان تذكير العالم دائما بأن أردوغان هو داعم لحماس والإخوان
المسلمين، ويستضيف في بلاده قيادات الحركة، وفي الوقت ذاته فإن إيران تحاول توسيع
نفوذها داخل تركيا، والتأثير على ربع السكان الأتراك من أتباع إحدى الطوائف، وهو
ما لا يشعر أردوغان تجاهه بالراحة، ما قد يوصلنا إلى تفاهم معه لمواجهة
إيران".
بدوره أشار نمرود غورن
المحاضر في الشؤون التركية بالجامعة العبرية إلى أن "الأزمة التركية
الإسرائيلية تتطلب إجراء دبلوماسية هادئة، لأن ذلك من شأنه تهدئة الوضع وعدم
تصعيده بينهما، بعيدا عن تبادل التصريحات، لأن هناك أناسا في الدولتين مستعدون
لتقديم مساعدتهم للوساطة بين أنقرة وتل أبيب، كما كانوا دائما إبان الأزمة
السابقة في سفينة مرمرة".
وأضاف غورن، المتخصص
في قضايا الشرق الأوسط في مقال بصحيفة معاريف، ترجمته "عربي21" أن
"جمود عملية السلام، وتصعيد الأوضاع الأمنية مع الفلسطينيين، من شأنهما
المساهمة في تصعيب عودة العلاقات الثنائية لإسرائيل مع باقي دول المنطقة، وليس
تركيا فحسب".
وأوضح أن "علاقات
أنقرة وتل أبيب التي بدأت عام 1949، منحتهما فوائد أمنية وسياسية واقتصادية
واجتماعية، ومن أجل ذلك وصل نتنياهو وأردوغان للمصالحة عام 2016 عقب ما حصل في
سفينة مرمرة عام 2010، من أجل ترميم العلاقات".
وأكد أن "إسرائيل
عليها أن تفهم أنه ليس سهلا أن تقيم علاقات طبيعية مع دولة مهمة في المنطقة ذات
أغلبية مسلمة مثل تركيا، وليس من السهل عليها أن تتنازل عن هذه العلاقات، ما
يتطلب منها العمل بسرعة لوقف التدهور بينهما، خشية أن يؤدي لقطع العلاقات
الدبلوماسية، ويستغرق الأمر سنوات طويلة حتى تتم استعادتها".
وأشار إلى أنه
"لابد لإسرائيل وتركيا من دبلوماسية هادئة بعيدا عن الإعلام، ذات مهنية صرفة،
ومنع أي إشعال للوضع من جديد هدفها إرضاء الجمهور في كلا البلدين، وهناك العديد من
الأشخاص مثل رجال الأعمال السياسيين، والباحثين، والفنانين، لديهم علاقات مشتركة
في البلدين، مستعدون للتطوع بجهودهم لترميم العلاقات كما فعلوا في السابق، ويمكن
الاستعانة بالولايات المتحدة لأخذ دورها في هذه العملية".
من جانبه قال يانيف
أبراهام الكاتب الإسرائيلي في موقع ميدا إن "أردوغان الذي اخترق كل أعراف
الدبلوماسية مع إسرائيل ما زال لا يريد الوصول للقطيعة الكاملة معها، صحيح أنه
يبدي تعاطفه الدائم مع الفلسطينيين، لكنه هذه المرة لديه حسابات أخرى داخلية عشية
الانتخابات البرلمانية، وموقفه العالي هذا ضد إسرائيل يخدمه داخل الرأي العام في
بلاده".
وأضاف في مقاله الذي
ترجمته "
عربي21" أن "تركيا ترى في نفسها دولة إقليمية مؤثرة، بجانب
إيران وروسيا، ولذلك فإن توتر العلاقات بين أنقرة وتل أبيب قابل للزيادة في حال
وثقت إسرائيل علاقاتها مع قبرص واليونان والمزيد من الدول العربية المعتدلة، وعلى
رأسها مصر والأردن والسعودية، والتي أبدت ردود فعل هادئة تجاه الأحداث الفلسطينية
الأخيرة، وجميعها قلقة من الدور الإقليمي المتعاظم لتركيا، وعلى خلفية دعمها
لحماس".