خصصت مجلة "إيكونوميست" البريطانية تقريرا للحديث عن القيادي في حركة حماس في غزة يحيى السنوار، واصفة إياه بالبراغماتي الشرس.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن السنوار هو أكبر قيادي مؤثر في فلسطين، وقد تبنى السلام والمقاومة الشعبية، وتساءل التقرير عما إذا كانت حركة حماس "ستتخلى عن السكاكين والقنابل"، وفق تعبيرها.
وتقول المجلة إن "السنوار (56 عاما) أمضى شبابه كله في السجن، لكنه الآن هو أهم الشخصيات المؤثرة في الأراضي الفلسطينية، وفي 16 أيار/ مايو، وبعد يومين من الاحتجاجات التي قتلت فيها إسرائيل 60 فلسطينيا، تجمع الفلسطينيون أمام شاشات التلفزة للاستماع، لا لمحمود عباس أو حتى إسماعيل هنية، الزعيم الاسمي لحركة حماس التي تدير القطاع، لمعرفة إن كان العنف سيدفع منطقتهم الخائفة لحرب جديدة أم لا، لكنهم كانوا يراقبون يحيى السنوار، قائد حركة حماس في غزة، الذي قد يمثل يوما ما الفلسطينيين كلهم".
ويفيد التقرير بأن "السنوار كان يتعرض لضغوط من أجل الانتقام للفلسطينيين الذين قتلهم الإسرائيليون، وكان رده عبر قناة (الجزيرة)، أن حركة حماس ستواصل المقاومة الشعبية، (بطريقة غير معلنة، شجعت الحركة على عدم العودة إلى السياج الأمني)، وكان إعلانا غير متوقع من حركة حماس، وما أثار الدهشة أكثر أن يعلنه السنوار".
وتلفت المجلة إلى أن السنوار "ولد في مخيم خان يونس للاجئين، وكان من أوائل من انضموا إلى حركة حماس، وساعد على إنشاء الشرطة السرية لها، وكانت هذه الشرطة مسؤولة عن تحديد المتعاونين مع إسرائيل وقتلهم"، مشيرة إلى أن السنوار "قام بعمليات قتل للعملاء بنفسه".
ويذكر التقرير أن محكمة إسرائيلية حكمت في العام 1988 على السنوار بأربعة مؤبدات، وبقي في السجن لمدة عقدين، قبل أن تحصل النقطة المحورية عندما قررت إسرائيل التفاوض على تبادل الأسرى لتحرير الضابط الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي أسرته حركة حماس.
وتنوه المجلة إلى أن إسرائيل "استخدمت السنوار وسيطا مع الحركة، التي طالبت بالإفراج عن 1000 معتقل مقابل تسليم شاليط، فيما رفضت إسرائيل بعض الأسماء على القائمة، وكان السنوار ليس واحدا منهم، وخرج حرا في عام 2011، وهو ما أدى إلى ندم الإسرائيليين بعدما أصبح السنوار أحد قادة الذراع العسكري لحركة حماس".
ويقول التقرير إن "حركة حماس، التي أنشئت في الثمانينيات من القرن الماضي، كانت دائما منقسمة بين الرجال الشديدين من كتائب القسام والمكتب السياسي البراغماتي، وتعمق الانقسام بعد الحرب الإسرائيلية الثالثة على غزة في عام 2014، التي خلفت 2300 قتيل من الفلسطينيين مقابل 70 جنديا إسرائيليا".
وتجد المجلة "أن الأرضية التي جاء منها السنوار، وسنواته الطويلة في السجن، وتواضعه، هي عوامل منحته نفوذا داخل الكادر القيادي للحركة، إلا أن المحللين الإسرائيليين قالوا إنه سيعاني من مشكلات في حال بدأ يخوض في السياسة".
ويعلق التقرير قائلا: "كانوا مخطئين، فعندما انتخب المكتب السياسي لحركة حماس السنوار لإدارة غزة قبل عام، فإن الفلسطينيين والإسرائيليين تساءلوا عن طبيعة القائد الذي سيكون، وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة غازي إزيكينوت إن انتخابه أزال الفرق ما بين الجناحين السياسي والعسكري، وخشي الإسرائيليون من الرجل الذي قضى سنوات في السجن، وأن يتصرف بعدوانية وبطريقة متقلبة".
وتستدرك المجلة بأن "العارفين به يقدمون صورة أكثر تعقيدا، حيث وصفه أحد المحققين معه بأنه (متشدد ولكنه براغماتي شرس)، وهو الوصف ذاته الذي قدمه القيادي الفتحاوي السابق المقيم في الإمارات العربية المتحدة محمد دحلان، الذي نشأ مع السنوار في خان يونس، وأصبحا الآن شريكين، مع أن دحلان من حركة فتح، المنافسة لحركة حماس، ويساعد دحلان على تحويل الأموال الإماراتية إلى غزة، وتفاوض حركة حماس مع مصر التي تسيطر على حدود غزة الجنوبية".
وبحسب التقرير، فإن "السنوار همّش من قيادة المنفى التي قادت حركة حماس من مقراتها في بيروت واسطنبول والخليج، وفي الوقت ذاته أسكت المتشددين في غزة، على الأقل في الوقت الحالي، واستخدمت حركة حماس الأنفاق التي حفرتها لتسلل المقاتلين عبر الحدود والقيام بعمليات، لكن منذ عام 2016 قامت بتدميرها مستخدمة تكنولوجيا جديدة، وأراد زعيم الجناح العسكري محمد ضيف استخدامها قبل تدميرها، لكن السنوار منعه".
وترى المجلة أن "هذا لا يعد تغيرا أساسيا، فتبني حركة حماس الفعل السلمي هو تكتيكي، ويعترف المتشددون في غزة بأن ترسانتهم العسكرية لا تمثل تهديدا على غزة، حيث قال قيادي في حركة الجهاد الإسلامي: (ليس لدينا جيش)، فيما يعترف قادة حركة حماس بأن حربا رابعة ستكون مدمرة على غزة، التي تعاني من تدهور البنية التحتية والخدمات السيئة".
ويورد التقرير نقلا عن السنوار، قوله في أول لقاء له مع صحفي هذا الشهر: "أخطر شيء هو فقدان الشباب الأمل في حياة كريمة"، لافتا إلى قول المحقق الإسرائيلي الذي حقق مع السنوار: "إنه طامح جدا".
وتقول المجلة: "يبدو السنوار قائدا أفضل من عباس المريض (82 عاما)، الذي قضى الأيام الماضية في المستشفى، بسبب التهاب رئوي، وصورته وهو يمشى في أروقة المستشفى بثياب الحمام هي تذكير بعدم أهميته، ولن يعترف العالم بحركة حماس حتى تنبذ العنف".
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول إن "السنوار راكم الكثير من المسؤوليات التي لم يحظ بها أي زعيم، وعليه أن يقرر إلى أي مدى سيمضي في براغماتيته".
فورين بوليسي: لا تلوموا حماس على الدم المسفوك في غزة
صحيفة الغارديان تروي قصة وصال.. هكذا قُتلت فتاة في غزة
وول ستريت: كيف عرقلت أحداث غزة مسار خطة ترامب للسلام؟