نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا، تقول فيه إن التأثير
الإيراني في
العراق وسوريا يواجه مقاومة وتحديات.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الجهود التي تقوم بها الولايات المتحدة لتحديد نفوذ طهران في المنطقة تضيف للضغوط التي تتعرض لها إيران، بعد إلغاء الولايات المتحدة الاتفاقية النووية، وفرض العقوبات من جديد عليها.
وتقول الصحيفة إن سخط العراقيين، خاصة الشيعة، من التأثير الإيراني انعكس من خلال عودة مقتدى
الصدر، وانتصار كتلته في الانتخابات، التي عقدت هذا الشهر، مشيرة إلى أن الصدر يوصف بالوطني الحاد، الذي رفع أتباعه أحيانا شعارات ناقدة لإيران، التي تعد القوة الشيعية الأولى في المنطقة.
أما دمشق، التي وصفتها الصحيفة بالعاصمة العلمانية، فإنها اتهمت إيران بإثارة التوترات الدينية، بالإضافة إلى أن حلفاء رئيس النظام السوري بشار الأسد الآخرين أظهروا قلة صبر مع الحضور العسكري الإيراني في
سوريا، الذي دفع إسرائيل للتدخل واحتوائه عبر الغارات الجوية.
ويجد التقرير أن عملية مواجهة إيران، والحد من نشاطاتها، يعدان تحديين آخرين لإيران، التي تحاول التعامل مع تداعيات قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخروج من الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015.
وتلفت الصحيفة إلى أن إيران بنت شبكة من التأثير السياسي والعسكري والاقتصادي في العراق وسوريا خلال السنوات الماضية في البلدان اللذين عانا من نزاعات عنيفة، حيث ساعدت طهران بشار الأسد على البقاء في السلطة، ومواجهة نزاع متعدد الأطراف، فيما أسهمت في العراق بهزيمة تنظيم الدولة.
ويذكر التقرير أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قام في يوم الاثنين بتحديد 12 مطلبا من إيران، منها سحب قواتها من سوريا، والتوقف عن دعم حزب الله اللبناني، مشيرا إلى أن المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي رد يوم الأربعاء مهددا بزيادة النشاطات، ورافضا وقف الصواريخ الباليستية.
وتفيد الصحيفة بأن تأثير إيران في العراق ينظر إليه على أنه لا محيد عنه، خاصة أن البلدين يتشاركان في حدود طويلة، حيث وسعت طهران من نفوذها فيه منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، الذي أطاح بالرئيس صدام حسين، لافتة إلى أن العراقيين عادة ما عبروا عن مواقف معادية من جهود جارتهم، خاصة بعد هزيمة تنظيم الدولة.
وينوه التقرير إلى أن الصدر قاد كتلة ضد الفساد والتدخل الأجنبي، وحصلت على معظم المقاعد الانتخابية، حيث عبرت الرسالة عما دعا إليه آية الله علي السيستاني، الذي يمثل حاجزا أمام التأثير الإيراني في العراق.
وتقول الصحيفة إن المليشيات التي قاتلت تنظيم الدولة لم تعد تقسم الولاء لخامنئي، فيما تراه تغيرا في المزاج.
ويستدرك التقرير بأنه رغم ذلك، فإنه لا تزال لإيران مساحة واسعة للمناورة، خاصة أن لديها علاقات مع السنة والأكراد، وحصل تحالف موال لها على المرتبة الثانية.
وتنقل الصحيفة عن الباحث في شؤون الشرق الأوسط في معهد الدراسات المتحدة في لندن مايكل ستيفنز، قوله إن "إيران لديها عدد كبير من المؤيدين داخل النظام العراقي، الذين يتعاملون مع أولوياتهم بشكل جدي، وهذا جزء دائم في الفضاء السياسي العراقي"، وأضاف: "ربما لم يعد المزاج مؤيدا بدرجة ما لإيران، لكن الأمور تتغير".
وبحسب التقرير، فإنه في سوريا، التي تعد حليفة قوية لطهران، فإن لدى إيران قوات من الحرس الثوري ومليشيات، مثل حزب الله، إلا أن هذا الوجود أصبح ورقة ضد النظام السوري، لافتا إلى أن إسرائيل تقول إنها لن تسمح بالوجود الإيراني على حدودها الشمالية، وزادت من غاراتها الجوية على مواقع إيرانية، ما يؤدي إلى تهديد وضع النظام السوري، وقد تتطور الأمور إلى مواجهة شاملة، في وقت يحاول فيه النظام تعزيز مكاسبه.
وتورد الصحيفة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قدم أكثر تصريحاته الصارخة عندما طالب بخروج القوات الأجنبية كلها من سوريا، ورد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي بنقد لاذع لروسيا، حيث قال إن إيران ستظل في سوريا "طالما ظل الإرهاب موجودا"، مضيفا أن وجود القوات هو بناء على دعوة من النظام السوري.
ويبين التقرير أن الحكومة السورية تحاول التقليل من اعتمادها على القوات الإيرانية، فيما أشار الإعلام الرسمي إلى انسحاب القوات الأجنبية قبل بدء عملية عسكرية في درعا، منوها إلى أن الحكومة السورية حاولت تحديد الدور الإيراني في المجالات الأخرى غير العسكرية، حيث تراجعت عن اتفاق مبدئي يمنح إيران الحقوق في التنقيب عن الفوسفات وشبكة الهواتف النقالة، وقامت بإصلاح المزارات الشيعية، وشراء الفنادق لتعزيز السياحة الدينية، ودعمت مليشيات محلية تهتف بشعارات طائفية.
وتستبعد الصحيفة أن تتخلى إيران عن الإنجازات الاستراتيجية التي حققتها في المنطقة، حيث يقول الأستاذ المساعد في فرع جامعة ويبستر الأمريكية في جنيف، جبين غودارزي: "تعتقد إيران أن لديها الحق، خاصة أنها أنفقت الكثير من المال والطاقة والأرواح، والآن تريد الحصول على عائدات الاستثمار".
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى قول غودارزي إنه لو زاد الضغط فإن إيران قد تحاول التقليل من خسائرها والتركيز على العراق، أما في سوريا "فإن احتاجوا فإنهم سيقومون بتخفيض مستوى وجودهم"، لكنهم سيتأكدون من عدم حصول أي نكسات في العراق.