نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني مقالا لرئيس ومؤسس المبادرة الوطنية الفلسطينية وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني، مصطفى البرغوثي، بين فيه أن المظاهرات السلمية في غزة فضحت عنف ووحشية إسرائيل وانتهاكها للقانون الدولي، من خلال استخدامها للعنف الوحشي والرصاص الحي ضد المتظاهرين.
وقال الكاتب، في المقال الذي ترجمته
"عربي21"، إن المقاومة السلمية ليست جديدة على الشعب الفلسطيني، الذي
اعتمد هذه الاستراتيجية خلال حركة العصيان المدني الشهيرة، التي دامت ستة أشهر
خلال سنة 1936، كما اعتمد هذا الأسلوب خلال الانتفاضة الأولى، التي أجبرت الحكومة
الإسرائيلية على التفاوض مع الفلسطينيين، علما بأن ثمار تلك التحركات ضاعت بسبب
اتفاقات أوسلو.
وأكد الكاتب أن "مرحلة جديدة أكثر تطورا في
المقاومة الشعبية السلمية بدأت سنة 2002، بعد أن أعاد جيش الاحتلال الإسرائيلي
السيطرة على الضفة الغربية، وشرع في بناء جدار الفصل العنصري"، مضيفا أنه
"نتيجة لذلك، قمنا بتنظيم مظاهرات سلمية في كل بلدة مر عبرها الجدار، من بدرس
إلى جيوس، ومن بلعين إلى قلقيلية، وأطلقنا شرارة المقاومة غير العنيفة التي بدأت
تجذب انتباه الشباب الفلسطيني في كل مكان".
واعتبر البرغوثي أنه خلال الستة عشر عاما الماضية،
أصبحت فكرة المقاومة غير العنيفة، باعتبارها أكثر أشكال الكفاح فاعلية، جزءا من استراتيجية
أوسع تعتمدها المبادرة الوطنية الفلسطينية تركز على تغيير موازين القوى في مواجهة
الاحتلال الإٍسرائيلي، باعتماد المقاومة السلمية، وحملة المقاطعة، وسحب
الاستثمارات، وفرض العقوبات، واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية.
اقرأ أيضا: المحكمة العليا الإسرائيلية تشرعن قتل المتظاهرين في غزة
وأضاف الكاتب أن "هذه المبادرة مكنت من
الانتقال من المظاهرات السلمية، التي كانت إسرائيل دائما ما تواجهها بالعنف
المفرط، إلى إرسال سفن صغيرة نحو قطاع غزة لكسر الحصار، في تحد للبحرية
الإٍسرائيلية بأسلوب غير حربي، وقد تمكنت أربع سفن من الوصول إلى ميناء غزة، قبل
أن تقرر الحكومة الإسرائيلية التدخل بعنف لردع تقدم هذه السفن".
وأشار البرغوثي إلى أن "المبادرة التي يقودها
انتقلت بعد ذلك إلى خلق قرى المقاومة الفلسطينية، التي كانت مهددة باجتياح
الاستيطان الإسرائيلي، وفي قرى باب الشمس، وأحفاد يونس، والمناطير وعين حجلة، وقف
المتظاهرون السلميون والشجعان في وجه الجنود الإسرائيليين، رغم تعرضهم للإيقاف
والترحيل، في حركة فضحت السياسات الاستيطانية غير القانونية".
وقال الكاتب إن "موجة جديدة من المقاومة
السلمية الشعبية انطلقت في تموز/ يوليو من سنة 2017 في القدس، عندما فرض رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تضييقات جديدة على دخول المصلين إلى المسجد
الأقصى، وقد انطلقت تلك الحركة بعشرات الفلسطينيين الذين رفضوا المرور عبر الحواجز
الإسرائيلية، وفضلوا الصلاة في محيط المسجد، ثم سرعان ما ارتفع العدد إلى المئات
ثم الآلاف، ثم إلى عشرات الآلاف من المسلمين والمسيحيين الذين اعتمدوا الصلاة أداة
للمقاومة".
واعتبر البرغوثي أن "هذا التصعيد جعل نتنياهو
يفهم أن منطقة المسجد الأقصى بدأت تتحول إلى ما يشبه ساحة التحرير في القاهرة،
فسارع إلى التراجع عن قراراته والاستسلام للإرادة الشعبية الفلسطينية".
وتجدر الإشارة إلى أن تظاهرات مسيرة العودة التي
شهدتها غزة، إلى جانب المظاهرات في الضفة الغربية والقدس، ضد قرار ترامب بنقل
السفارة الأمريكية، تزامنا مع الذكرى السبعين للنكبة، مثلت نقطة تحول في تاريخ
النضال الفلسطيني.
اقرأ أيضا: شهيد متأثرا بجراح أصيب بها برصاص الاحتلال شرق غزة
وأكد البرغوثي أن العالم متفاجئ لرؤية مئات الآلاف
من الرجال والنساء والشبان وكبار السن، يتظاهرون سلميا في غزة، ويطالبون بحقهم في
العودة، وإزالة السياج المخالف لكل المبادئ الإنسانية، الذي يحاصر غزة منذ أكثر من
عشر سنوات.
وأضاف "لسنوات عديدة، كنت ألتقي بالوزراء
ورؤساء الحكومات والصحفيين الأجانب، وكانوا يسألونني كلهم: لماذا لا يستخدم
الفلسطينيون أسلوب غاندي ومارتن لوثر كينغ، ويتظاهرون بعشرات الآلاف ضد الاحتلال
الإسرائيلي؟".
وأوضح البرغوثي أن "هذا بالضبط ما فعله
الفلسطينيون، حيث باتت كل الفصائل الفلسطينية اليوم تقبل وتشجع على المقاومة
الشعبية غير العنيفة، كأكثر وسائل الصراع فاعلية، على الرغم من سقوط 110 شهيدا
فلسطينيا خلال التحركات الأخيرة، إلى جانب 12 ألف جريح كلهم من المدنيين، ومن
بينهم أطفال ونساء وصحفيون وطواقم طبية".
وأكد البرغوثي أن "هذه الأحداث فضحت إسرائيل،
وجعلتها تظهر كدولة قمع وحشية تنتهك القوانين الدولية، من خلال استخدام الرصاص
المميت ضد المتظاهرين السلميين، دون الخضوع لأية محاسبة، بفضل الحماية غير
الأخلاقية التي تحظى بها من الإدارة الأمريكية والرئيس ترامب".
وفي الختام، اعتبر البرغوثي أن الطريق لا تزال طويلة
أمام الفلسطينيين، ولكن بفضل إعادة إحياء استراتيجية المقاومة السلمية، فإنهم
يشهدون الآن بداية نهاية الاحتلال ونظام الفصل العنصري الذي فرضته إسرائيل.
معاريف: إسرائيل تدرس مقترحات مصرية وقطرية حول هدنة بغزة
"هآرتس": هذا شكل الهدنة التي تقترحها مصر وقطر في غزة
مؤرخ إسرائيلي: أهل فلسطين تعرضوا لتطهير عرقي بذكرى النكبة