نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا لمراسلها للشؤون العلمية جوش غاباتيس، يقول فيه إنه تم كشف بعض أسرار العواصف الرعدية، باستخدام بيانات تم الحصول عليها من مسبار فضائي بعيد يدور حول كوكب المشتري.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن العلماء توقعوا وجود برق على المشتري منذ قرون، وتم تأكيد هذه التوقعات عام 1979، عندما سجلت ذلك المركبة الفضائية "فوييجر".
ويستدرك غاباتيس بأنه في الوقت الذي كانت فيه القراءات التي حصلت عليها "فوييجر" من المشتري تؤكد الإشارة إلى وجود برق، إلا أن العلماء قالوا وقتها إنه يبدو مختلفا عن العواصف الرعدية على الأرض.
وتلفت الصحيفة إلى أنه بحسب دراسة نشرت في دورية "Nature"، فإن العلماء المتابعين للمسبار جونو، قالوا إنهم اكتشفوا أن العواصف الرعدية على المشتري قريبة جدا من تلك التي تحصل على الأرض.
ويفيد التقرير بأن هذا الكشف تدعمه دراسة أخرى في الدورية ذاتها، نشرها فريق من أكاديمية العلوم التشيكية، التي قدمت أكبر مجموعة من تسجيلات البرق من ذلك الكوكب الضخم.
وينقل الكاتب عن الدكتور شانون براون، الذي يقود فريق البحث في ناسا، قوله: "بغض النظر على أي كوكب تعيش، فإن صواعق البرق تعمل وكأنها مرسلات راديو، حيث تبعث موجات الراديو عندما تلمع في السماء.. لكن حتى استخدمنا المسبار جونو، كانت الإشارات التي سجلت من المركبات الفضائية كلها محدودة بالتحسس الضوئي، أو تحسس أمواج الراديو في نطاق الكيلوهيرتز (آلاف الذبذبات في الثانية)، بالرغم من البحث عن موجات في نطاق الميغاهيرتز (ملايين الذبذبات في الثانية).. وكانت هناك عدة نظريات لتوضيح الأمر، لكن لم تكن هناك أي نظرية تقدم الجواب المقنع".
وتبين الصحيفة أنه عندما اقترب المسبار من الكوكب عام 2016، فإنه تم استخدام مجموعة الأجهزة الحساسة التي يحملها ليسجل ما ينبعث من هذا العملاق الغازي، مشيرة إلى أنه في المرة الأولى التي مر بها المسبار بالقرب من الكوكب فإنه سجل 377 صاعقة، كانت قراءاتها في نطاق الميغاهيرتز مشابهة لتلك التي تحدث على الأرض.
وينوه التقرير إلى أن دراسة أخرى أكدت هذا التشابه بين كوكبنا وكوكب المشتري، لافتا إلى أن هذه الدراسة قادتها الدكتورة إيفانا كلماسوفا، التي وجدت ترددات شبيهة في صواعق البرق على المشتري بتلك التي تحصل على الأرض.
ويقول غاباتيس إن الدكتورة كلماسوفا قامت بإنتاج أكبر قاعدة بيانات لموجات الراديو منخفضة التردد حول كوكب المشتري، وهي ما يسمى بـ"الصافرات" بسبب الصوت الذي تحدثه، مشيرا إلى أن هذه المجموعة المكونة من 1600 إشارة، التي تم جمعها أيضا من الأجهزة التي يحملها المسبار، أظهرت معدلات برق أكبر بست مرات من القيم العليا التي جمعتها المركبة "فوييجر1".
وتذكر الصحيفة أنه في الوقت الذي أكد فيه الباحثون أن البرق شبيه إلى حد كبير بما يشاهد على الأرض، إلا أنهم أشاروا إلى الفرق في التوزيع، فيقول الدكتور براون: "توزيع البرق على المشتري هو عكس ما هو على الأرض.. فهناك نشاط كبير حول قطبي المشتري، ولا شيء بالقرب من خط استوائه، فيمكنك أن تسأل أي شخص يعيش في المناطق الاستوائية، وليس هذا هو الحال بالنسبة لكوكبنا".
وبحسب التقرير، فإنه يعتقد أن سبب ذلك هو اختلاف توزيع الحرارة بين الكوكبين، فالهواء الرطب الدافئ الذي يرتفع للجو في منطقة خط الاستواء، يغذي العواصف الرعدية حول وسط الأرض، لكن الشيء ذاته يحصل في المشتري، بسبب ارتفاع الغازات الدافئة من داخل الكوكب نحو القطبين؛ بسبب عدم استقرارهما الجوي.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى قول الباحث الرئيس في البيانات الواردة من المسبار في معهد أبحاث "ساوثوست" في سان أنتونيو الدكتور سكوت بولتون: "لم يكن بالإمكان اكتشاف هذا لولا المسبار جونو.. فالمدار الفريد لمسبارنا يسمح له بالمرور أقرب إلى المشتري من أي مركبة فضائية في التاريخ، ولذلك، فإن الإشارات المنبعثة من الكوكب تصله أقوى بآلاف المرات".