تتزايد مخاوف
المصريين من تطبيق قرارات
زيادة
أسعار الوقود خلال إجازة عيد الفطر. وفي محاولة منهم لتقليل خسارتهم، يتبارى أصحاب
مركبات وشركات نقل خاصة ومصانع وورش لشراء وتخزين السولار والبنزين؛ تحسبا للقرار.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة رفع
تعريفة المياه بداية الشهر الجاري، وتعلن فيه، الثلاثاء، عن أسعار الكهرباء الجديدة، يتخوف المصريون من رفع أسعار الوقود يوم العيد (الجمعة)، حيث دأبت سلطات الانقلاب على
تنفيذ قرارات زيادة الأسعار على مدى السنوات السابقة ليل الخميس فجر الجمعة.
ومن المتوقع أن يتبع ذلك القرار موجة غلاء
جديدة لجميع أنواع السلع والخدمات، بينها النقل وأجرة الركوب وأسعار خدمات المحمول
وكروت الشحن؛ ما يزيد أعباء المصريين الذين يرزخ 30 بالمئة منهم تحت خط الفقر العالمي.
تخزين الوقود
الأسطى خالد، صاحب إحدى مركبات نقل العاملين
بمدينة العاشر من رمضان، أكد أنه ليس لديهم أي حلول سوى تخزين البنزين والسولار؛ لتعويض
بعض الخسائر المحتملة، متجاهلا خطورة تخزين الوقود بطرق غير آمنة في المنازل والمخازن
غير المجهزة بوسائل الدفاع المدني.
السائق، الثلاثيني، أوضح أن أصحاب مكاتب
شحن البضائع ونقل الركاب يقومون منذ فترة بتخزين الوقود ببراميل وجراكن، موضحا أن هناك
فئة من أصحاب سيارات النقل أصبحت مهمتهم جمع السولار وبنزين 80 من محطات الوقود، وتوزيعه
على أصحاب السيارات والورش والمصانع.
ومع تداول أخبار تظاهرات الأردن على خلفية
بعض الإجراءات الاقتصادية بينها رفع أسعار الوقود، نفى السائق وبعض أقرانه أن يكون
أحد ردود فعلهم على قرار الزيادة هو الاحتجاج أو التظاهر، قائلا: "إحنا مش قد
الحكومة".
وإثر زيادة تذكرة ركوب مترو الأنفاق، 11 أيار/ مايو الماضي، بنحو 250 بالمئة، تظاهر مصريون بمحطات المترو، وتم اعتقال بعضهم
وتقديمهم للمحاكمة؛ بتهم التظاهر والتجمهر وتعطيل مرفق حيوي.
رفع الأجرة
وفي إجراء ثان بعد تخزين الوقود، أعلن
سائقو خطوط النقل بين القاهرة والمحافظات أنهم سيرفعون تعرفة الركوب للضعف بمجرد إعلان
القرار، ما سبب حالة من التلاسن بين الركاب والسائقين بموقف مسطرد شرق القاهرة، الذي
يربط العاصمة بمحافظتي القليوبية والشرقية.
وأكد أبو بكر محمد، طالب بجامعة الأزهر،
أن سائقي خط مسطرد-السعديين قرروا رفع الأجرة من 8 جنيهات عبر طريق بنها الحر والإقليمي
لـ15 جنيها، ومن 6 جنيهات على طريق ترعة الإسماعيلية لـ12 جنيها، موضحها أن تلك الزيادة
تمثل لي وللطلاب الذين يسافرون للقاهرة بشكل يومي كارثة، ناهيك عن زيادة أجرة الانتقال
الداخلي، وهو ما يعني حاجتي لنحو 750 جنيها شهريا مواصلات فقط.
45 بالمئة
وتوقعت مجموعة بلتون المالية القابضة، الأحد،
ارتفاع أسعار الوقود بين 35-45 بالمئة، فيما تشير التوقعات إلى رفع سعر بنزين 92 من 5 جنيهات
للتر، لما بين 6.5 و7.5 جنيه، وسط أنباء عن إلغاء بنزين 80 وقود الفقراء، الذي يباع بسعر 3.65 جنيه، ويستبدل به بنزين 85 أو بنزين 87، بسعر 5 جنيهات، مع تأكيد رفع سعر السولار لـ5 جنيهات بدلا من
3.65 جنيه، بجانب رفع أسطوانة البوتاجاز لـ60 جنيها.
وبينما تأتي الزيادة ضمن خطة لإلغاء الدعم
وفقا لبرنامج متفق عليه مع صندوق النقد الدولي مقابل قروض بـ12 مليار دولار، خفض مشروع
الموازنة 2018-2019 دعم الوقود بنحو 26 بالمئة، لتصل 89 مليار جنيه، مقابل 120 مليار
جنيه العام الحالي.
4 زيادات في عهد السيسي
رفع أسعار الوقود المتوقع يعد الثالث إثر
تعويم الجنيه في 2016، والرابع منذ ولاية قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي منتصف
2014، حيث رفعت مصر أسعار الوقود 78 بالمئة عام 2014.
وبعد ساعات من إعلان البنك المركزي تعويم
الجنيه، الخميس 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، قررت مصر رفع أسعار الوقود بين 30 و47
بالمئة للسولار والبنزين ووقود الطهي.
ورفعت مصر، الخميس 29 حزيران/ يونيو
2017، أسعار الوقود للمرة الثانية 100 بالمئة ببعض المنتجات.
سلعة تصادمية
وفي توقعاته لردود فعل شعبية حول قرار
رفع الوقود، قال رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر"،
الباحث مصطفى خضري، إن "كل السلع والخدمات التي قام النظام بزيادة أسعارها حتى
الآن غير تصادمية، فهي إما تدفع على مهل كالكهرباء والمياه، أو تدفع بشكل فئوي ومتناثر
كباقي الخدمات التي تم رفع أسعارها"، موضحا أنه "ولذلك تم التبكير بزيادة
أسعار تلك الخدمات؛ تنفيذا لتعليمات صندوق النقد".
وأضاف لـ"
عربي21"؛ "أما
الوقود، فهو سلعة تصادمية؛ لذلك يتم رفع أسعاره بحذر، فبمجرد حصول ذلك سيحدث حشد مجتمعي
لخمسة أسباب: أولها أن له تأثيرا مباشرا على المواطنين عبر تكلفة الانتقال اليومية، كما أن له تأثيرا فوريا غير مؤجل، بجانب أثره على
جميع فئات المجتمع، فيما يصاحب تأثيره المباشر وجود المواطن بالشارع، ويزيد من تأثيره
تحكم العقل الجمعي بردود الفعل".
خضري، أوضح أن "هذا الحشد المتوقع
يبقى غير مؤثر، ما لم يتم التخطيط له وإعادة توجيهه من قوة شعبية وتنظيمية كبيرة ومنتشرة
كجماعة الإخوان"، متوقعا أن تتم الزيادة "يوم وقفة عيد الفطر أو إجازة العيد؛ لكسر حدة القرار، وتفتير عزيمة الحشد".
وحول اكتفاء المتضررين بتخزين السولار
والبنزين أو بالحديث عبر مواقع التواصل وفقط، يرى الباحث المصري، أنه "لا يمكن
النظر للشارع بعيدا عن المجازر التي تمت بميادين مصر ومعتقلاتها منذ 3 يوليو 2013 وحتى
الآن"، مشيرا إلى أن "السخط يتزايد، ووصل مرحلة مرعبة ومهددة بالانفجار، لكن
الكتلة الحرجة المتحركة لم تتخلص بعد من ثقل الثمن الذي تم دفعه خلال السنوات الخمس السابقة".
وأضاف أنه "لا يمكن التعويل على ذلك
بشكل قاطع، فهذا السخط يمكن أن يتحول لحشد شعبي مؤثر بأي وقت، ويتوقف ذلك على وجود الفتيل
السياسي القادر على التصعيد".