نشرت صحيفة
"
فيلت" الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن سيطرة النظام السوري على أراضيه.
إلى حد الآن، يسيطر نظام
الأسد على ثلثي التراب السوري. وفي الأثناء، تحاول قوات
النظام السوري استعادة السيطرة على المناطق، التي تقع تحت سيطرة النظام السوري على
غرار محافظة
درعا والمنطقة، التي يسيطر عليها الأكراد.
وقالت الصحيفة في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن قوات النظام السوري وجهت رسائل تحذير
لأهالي درعا تطالبهم فيها بالوقوف في صف النظام السوري قبل فوات الأوان. في
المقابل، لم يتفاجأ الأهالي بهذه التحذيرات خاصة وأن محافظة درعا تُعتبر مهد
الثورة السورية وآخر معاقل قوات المعارضة. بالإضافة إلى ذلك، تكتسي هذه المنطقة
أهمية استراتيجية نظرا لأنها تقع على الحدود الأردنية الإسرائيلية.
وأكدت الصحيفة أن
النظام السوري يبدو جادا في مخططاته للسيطرة على محافظة درعا خاصة وأنه أرسل وحدات
من قوات النخبة تضم في صفوفها عناصرا من الحرس الرئاسي ومن قوات النمر. ومن الواضح
أن النظام السوري يستعد للسيطرة على محافظة درعا بعد أن تمكن من السيطرة على ثلثي
المناطق الاستراتيجية.
وأشارت الصحيفة إلى أن
الحرب السورية لم تشهد أي تطورات منذ الهجوم الثلاثي، الذي استهدف مواقع تابعة
للنظام السوري منذ شهرين. ولا يخفى على أحد أن الرئيس بشار الأسد يُعتبر بالنسبة
لمعارضيه بمثابة "جزاز يذبح شعبه"، مما دفع بالعديد من الدول الغربية
للمطالبة بإسقاطه.
وأوضحت الصحيفة أن
وسائل إعلام مقربة من النظام السوري أوردت أن "عملية تحرير درعا ستنطلق عندما
تتمركز كل قوات النمر في مواقعها. ومن المنتظر أن يتم ذلك في غضون أيام
معدودة". في سياق متصل، أفاد المحلل لدى مركز الأمن الأمريكي الجديد، نيكولاس
أي هتلاس أن "محافظة درعا تعتبر معقل الثورة السورية، علاوة على أنها تكتسي
أهمية استراتيجية بالنسبة لنظام الأسد". وتابع هتلاس قائلا إن "جنوبي
غرب
سوريا قريب من دمشق. وانطلاقا من هناك، يمكن للأعداء أن يشنوا هجوما على
العاصمة بسهولة".
وأشارت الصحيفة إلى أن
الأسد في حاجة للسيطرة على جنوبي غرب سوريا بهدف تعزيز مجال نفوذه. وما قد يزيد
الأوضاع تعقيدا هو أن الولايات المتحدة الأمريكية حذرت النظام السوري من مغبة شن
أي هجوم عسكري لا سيما وأن محافظة درعا تقع ضمن مناطق خفض التوتر.
وأفادت الصحيفة أن بعض
الأطراف متخوفة من مصير الميليشيات الشيعية الإيرانية في حال أقدمت الولايات
المتحدة الأمريكية على تنفيذ تهديدها، الذي وجهته لقوات النظام السوري. ووفقا
لمصادر دبلوماسية، من المحتمل أن يتم إبرام اتفاق يقضي بانسحاب الميليشيات
الموالية لإيران من جنوب غرب سوريا، مما يفسح المجال أما النظام السوري للشروع في
هجومه على هذه المنطقة.
وأوردت الصحيفة أن
الولايات المتحدة الأمريكية قد تستبشر بهذا الاتفاق نظرا لأنه قد يحول دون نشوب
حرب مفتوحة بين إيران وإسرائيل. ومن جهة أخرى، يتماشى هذا الاتفاق مع السياسة
الخارجية للإدارة الأمريكية، التي تسعى إلى التقليص من مناطق نفوذ إيران بعد
انسحابها من الاتفاق النووي الإيراني.
وذكرت الصحيفة أنه على
الرغم من أن الأسد قد يخرج أكبر مستفيد من هذا الاتفاق، إلا أن الرئيس الأمريكي،
دونالد ترامب، لا يعبأ لهذا الأمر لا سيما وأنه يسعى للنأي بنفسه عن التدخل في
الشأن الداخلي السوري. وبذلك، قد يعطي ترامب الضوء الأخضر للديكتاتور الأسد
لمواصلة ممارساته الاستبدادية.
وتابعت الصحيفة أن الأسد
يفكر في مرحلة ما بعد عملية درعا. وفي حوار أجراه مع تلفزيون روسيا اليوم، أعلن
الرئيس السوري عن عزمه على استعادة السيطرة على المنطقة الواقعة على مستوى جنوب
فرات، التي يسيطر عليها الأكراد. وفي هذه المنطقة، تشكلت قوات سوريا الديمقراطية،
التي تحظى بدعم الولايات المتحدة الأمريكية.
ونقلت الصحيفة ما ورد
على لسان الأسد في حواره للقناة الروسية، حيث قال إنه "يجب علينا في البداية
أن نتفاوض مع الأكراد، الذين يُعتبرون في نهاية المطاف مواطنين سوريين ويريدون
الأفضل لوطنهم". في السياق ذاته، أضاف الأسد أنه "من المؤكد أننا سنحاول
استعادة جزء من ترابنا. وعاجلا أم آجلا، يجب أن تنسحب الولايات المتحدة الأمريكية
من أراضينا".
وبينت الصحيفة أنه من
الواضح أن الأسد لم يتعظ من الماضي. ففي السابق، كان على وشك السقوط في العديد من
المناسبات، لكنه تمكن من الصمود بفضل الدعم الإيراني والروسي. وعلى الرغم من ذلك،
إلا أن الرئيس السوري لم يبد استعدادا لتقديم أي تنازلات. وفي الأسبوع الماضي،
رفضت دمشق مقترحا روسيا للتقليص من صلاحيات الأسد وتحديد العهدة الرئاسية بسنتين.
في هذا الصدد، أفاد سياسي معارض سوري أن "هذا المقترح من شأنه أن يحل الأزمة
السياسية، لكن الأسد لا يهتم به". وعموما، من خلال رسائله التحذيرية التي
وجهها إليهم، يخير الأسد أهالي درعا بين الاستسلام والموت.