نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية
تقريرا، تحدثت فيه عن الهجوم العسكري الذي شنته كل من المملكة العربية
السعودية
والإمارات على ميناء الحُديدة
اليمني. ويعتبر هذا الميناء البوابة الرئيسية لدخول
المساعدات الإنسانية إلى الشعب اليمني الأعزل.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"
عربي21"، إن كل من المملكة العربية السعودية والإمارات لم تعيرا اهتماما
كبيرا للتحذيرات الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وحتى حليفتهما
الولايات المتحدة الأمريكية حول تبعات الحرب في اليمن. في هذا الصدد، نفذت هاتين
الدولتين هجوما عسكريا استهدف أكبر ميناء في اليمن، ميناء الحُديدة، الذي يقع تحت
سيطرة الحوثيين، والذي يعد النقطة الرئيسية لمرور المعونات للشعب اليمني.
وبينت الصحيفة أن الحكومة اليمنية في المنفى
أعلنت عن هذا الهجوم بشكل رسمي. وقد نفذت المملكة العربية السعودية والإمارات هذا
الهجوم في منتصف الليل، بالتزامن مع انتهاء آجال الإنذار الأخير الذي وجهتاه إلى
الحوثيين، الذين يسيطرون على مقاليد الحكم منذ سنة 2014، والذين تحوم حولهم
اتهامات بأنهم بيدق في يد الحكومة الإيرانية. من ناحية أخرى، اعتبرت الأمم المتحدة
والاتحاد الأوروبي بأن هذا الهجوم سيزيد من حدة الأزمة الإنسانية في اليمن، وسيعرقل
كل إمكانيات التفاوض بين الطرفين.
ونقلت الصحيفة عن حكومة عبد ربه منصور هادي،
التي أصدرت بيانا أكدت فيه أن "تحرير ميناء
الحديدة، يعد نقطة تحول في كفاح
الحكومة اليمنية لاستعادة اليمن من الميليشيات التي استولت عليه من أجل خدمة مصالح
أجنبية". والجدير بالذكر أن الرئيس اليميني قام بزيارة إلى أبو ظبي، عاصمة
الإمارات العربية المتحدة إثر الهجوم على الميناء، مع العلم أن الإمارات تعتبر
شريكا فاعلا وقويا في التحالف العربي الذي تم بعثه منذ ثلاث سنوات من أجل القضاء
على الحوثيين في اليمن.
وأشارت الصحيفة إلى أن التحالف العربي تمكن
من دحر الحوثيين من الجنوب اليمني. في المقابل، لا يزال الحوثيون، وهم عبارة عن
قوات تتكون من الأقلية الزيدية التي همشت خلال فترة حكم علي عبد الله صالح،
يسيطرون على السلطة في العاصمة صنعاء، وهو ما عرقل إمكانية عودة عبد
ربه منصور هادي إلى اليمن.
وأفادت الصحيفة أن الحوثيين أنكروا الاتهامات
السعودية، التي تحيل إلى استخدام ميناء الحُديدة من أجل التزود بالصواريخ
الإيرانية. وقد تولى مفتشو الأمم المتحدة مهمة مراقبة الميناء من أجل منع إدخال
الأسلحة. عموما، بدأ التحضير لاستهداف الميناء منذ شهر أيار/ مايو الماضي، بهدف
الحد من تهريب السلاح الإيراني إلى الحوثيين.
وأردفت الصحيفة أنه وفقا للعديد من الخبراء،
أقدمت المملكة العربية السعودية والإمارات على استهداف الميناء من أجل السيطرة على
منطقة الشمال الغربي، عبر تضييق الخناق على اليمنيين بقطع الإمدادات عنهم
ومحاصرتهم اقتصاديا. من جهتها، أكدت رئيسة بعثة الاتحاد
الأوروبي في اليمن، أنتونيا كالفو، أن "هذا الهجوم العسكري سيدمر أي
إمكانية للتوصل إلى اتفاق سلام".
وشددت كالفو على خطر وقوع ضحايا
في صفوف المدنيين في ظل العملية العسكرية التي ينفذها التحالف العربي في أكثر
المناطق اليمنية كثافة سكانية. علاوة على ذلك، صرحت الأمم المتحدة أنه من المتوقع
أن يلقى 250 ألف يمني حتفه، أي نصف ضحايا الحرب السورية. كما عبر بعض المحللين
اليمنيين عن قلقهم إزاء تحول الحديدة إلى "حلب اليمن".
وذكرت الصحيفة أن المبعوث الأممي الجديد إلى
اليمن، مارتن غريفيث، يحاول التوسط بين الحوثيون من جهة وكل من المملكة العربية
السعودية والإمارات العربية المتحدة، من جهة أخرى. كما أصدر غريفيث بيانا، عبر من
خلاله عن قلقه إزاء الوضع الإنساني الكارثي في اليمن، مؤكدا على أنه يستبعد تماما
الحل العسكري من أجل الوصول إلى اتفاق بين الطرفين المتنازعين.
وتجدر الإشارة إلى أن مدينة الحُديدة
اليمنية تبعد عن العاصمة صنعاء حوالي 150 كيلومترا، ويبلغ عدد سكانها 400 ألف
مواطن فضلا عن 200 ألف ساكن في مختلف ضواحيها. كما تضم هذه المدينة
الميناء اليمني الرئيسي الذي يطل على البحر الأحمر، والذي كان يحتكر، قبل الحرب،
70 بالمائة من الواردات في بلد يستورد 90 بالمائة من المواد الغذائية.
وأكدت الصحيفة أن ميناء الحُديدة لا يمثل
المصدر الرئيسي للدخل الموجه للحوثيين فحسب، بل يعد المسلك الوحيد لوصول المساعدات
الإنسانية لثلثي سكان المدينة. من جهتها، أكدت منظمة مجموعة الأزمات الدولية خلال
تقرير أعدته في الأسبوع الماضي، أن "استمرار القتال من أجل مدينة الحُديدة من
شأنه أن يترك ملايين اليمنيين دون طعام ووقود فضلا على بعض الإمدادات الحيوية
الأخرى". وأضافت المنظمة أن السبيل الوحيد لوقف هذه الأزمة يكمن في الرجوع
إلى طاولة المفاوضات.
اقرأ أيضا: نيويورك تايمز: ابن سلمان يحضر مباريات والحديدة تقصف
وفي الختام، نوهت الصحيفة إلى أن 14 منظمة
غير حكومية أرسلت رسالة مفتوحة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتأجيل المؤتمر
الإنساني لليمن المقرر عقده بتاريخ 27 من حزيران/ يونيو القادم، الذي تشارك
المملكة العربية السعودية في رئاسته. بالإضافة إلى ذلك، من المقرر أن يناقش مجلس
الأمن التابع للأمم المتحدة بشكل سري الخميس القادم، حيثيات الهجوم الذي نفذته
الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية على ميناء الحُديدة، بناء على
طلب المملكة المتحدة.