يسابق المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث الزمن لإطلاق العملية السياسية المتوقفة منذ أواخر 2016، وذلك في مسعى لإنهاء الحرب التي دخلت منذ أشهر عامها الرابع، وخلفت -بحسب الأمم المتحدة- أكبر أزمة إنسانية في العالم.
لكن الطريق الذي يسلكه ليس سهلاً مع حجم التحديات والعقبات القديمة والجديدة، بيد أن تفاؤله الذي يجاهر به، وخبرته الدبلوماسية في حل النزاعات، وطريقة عمله التي تتسم بالسرية والقليل من الكلام، تجعله أكثر إصراراً لخوض تجربة في بلد تتحكم به كغيره المصالح الإقليمية والدولية أكثر من الفاعلين المحليين.
وعلى ما يبدو، فإن التحدي الأكبر هو في كيفية إقناع الأطراف المحلية والخارجية
التي تدعمها بخطته التي قدمها لمجلس الأمن في جلسته المغلقة يوم 18 يونيو الجاري
التزاماً بوعده، وتتضمن إطاراً عاماً لإحياء المفاوضات في الشهر المقبل بحسب
التوقعات.
حتى الآن لم تُنشر الخطة رسمياً ولا تُعرف تفاصيلها الكاملة، غير أن التسريبات
الإعلامية المتداولة، تشير إلى أنها تتكون من 25 فقرة، وتستند إلى مرجعيات التسوية
الثلاث المعروفة، وهي المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات مجلس
الأمن.
تقترح الخطة مرحلة انتقالية، كتلك التي تضمنتها المبادرة الخليجية في اتفاق نقل
السلطة عام 2012، وتشمل تشكيل حكومة وحدة وطنية، يشارك فيها الحوثيون الذين كانوا
خارج الحكومة الانتقالية قبل ست سنوات، على أن يُختار رئيسها بالتوافق من الجميع.
وليس معروفاً بعد مدة الفترة الانتقالية، كون الخطة في إطار السرية، كما لا يُعرف
هل اقترحت فترة معينة أم تركت التقدير لاتفاق الأطراف اليمنية بالمفاوضات، لكن
المهم الذي تضمنته أنها تنص على تشكيل لجنة مراقبة للإشراف على تنفيذ الجدول
الزمني للفترة الانتقالية، وهذا ما لم يكن موجوداً باتفاق المبادرة الخليجية، ما
شجّع بعض الأطراف كصالح على عرقلة التغيير، ودفع البلد لما وصل إليه اليوم.
والنقطة الثانية التي لا تقل أهمية، تضمنها نص بتشكيل مجلس عسكري يمني من ضباط
عسكريين وأمنيين ومستقلين مدنيين، لرصد تنفيذ الترتيبات الأمنية، وستكون الأمم
المتحدة ممثلة فيه، لتوفير المساعدة التقنية عند الحاجة.
وسيقوم المجلس بمراقبة الانسحاب العسكري للمجموعات المسلحة من المناطق المتفق
عليها، واستلام جميع الأسلحة الثقيلة، بما فيها الصواريخ الباليستية، وفي هذا حاول
المبعوث الأممي الموازنة بين مخاوف ومصالح كل طرف في مسألة غاية في الأهمية
والحساسة والتعقيد.
ويبدو أن التفاصيل المتعلقة بالمواعيد الزمنية وترتيب المحافظات المشمولة
بالانسحاب والضمانات المرتبطة بهذا الشأن سيتم بحثها بشكل دقيق في طاولة التفاوض،
لكن ما يتمناه اليمنيون أن لا يكون المجلس نسخة فاشلة من اللجنة العسكرية في اتفاق
2012.
ونختم بهذا السؤال: هل الأطراف الخارجية المختلفة المؤثرة والمرتبطة بالصراع جادة
بالحل، كون موقفها هو الحاسم؟ وهو ما ستجيب عنه الأيام المقبلة.
العرب القطرية