تفاجأ عدد من مواطني الضفة الغربية بقرار البنوك والشركات المالية هناك وقف الحوالات المالية من الضفة الغربية لقطاع غزة بصورة مفاجئة؛ في خطوة وضعها البعض في سياق مسلسل فرض السلطة للعقوبات المالية على غزة.
ورصدت "عربي21" تعطل حركة الصرافة في قطاع غزة قبيل عيد الفطر بسبب هذا القرار، حيث يعتمد القطاع بصورة أساسية على الحوالات المالية القادمة من الضفة الغربية سواء على مستوى الأفراد والشركات، أو الكفالات الخاصة بالجمعيات الخيرية للأيتام وأسر الشهداء والجرحى.
تعليمات صارمة
بدوره أكد المواطن، محمد أبو مطر، 26 عاما من مدينة رام الله، أنه "في اليوم الأخير من شهر رمضان توجه لمحلات الصرافة في المدينة لإرسال حوالة مالية بقيمة 500 دولار كعيدية لأقاربه في قطاع غزة، إلا أنه تفاجأ برفض محلات الصرافة إرسال المبلغ بحجة تلقيهم تعليمات صارمة من الأجهزة الأمنية بحظر الحوالات المالية المرسلة لقطاع غزة".
وأضاف أبو مطر في حديث لـ"عربي21": "حينما طلبت من الصراف تجزئة الحوالة المذكورة على دفعتين استجاب الصراف بشرط أن يتم تحويل مبلغ 100 دولار فقط كل أسبوعين، وإلا فإن تكرار الحوالات المالية للشخص الواحد خلال نفس الشهر سيعرض الطرفين للمساءلة والتحقيق من جهاز المخابرات العامة".
"عربي21" أثناء إعداد هذا التقرير رصدت عددا من حالات الشجار في أحد البنوك في غزة بسبب رفضها استقبال الحوالات المالية التي تم تحويلها من أشخاص في الضفة الغربية من خلال الحسابات البنكية بين شطري الوطن، والتي قامت بدورها بالتحفظ على الحوالة وإرجاعها لمصدرها.
تجفيف مصادر تمويل "الإرهاب"
وفي ذات السياق أكد رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية في غزة، محمد أبو جياب، أن "قرار وقف الحوالات المالية بين الضفة الغربية وقطاع غزة هو قرار اتخذته السلطة الفلسطينية بالفعل منذ تاريخ فرض العقوبات على غزة في آذار/ مارس 2017، وقد كان القرار في البداية ينص على وقف الحوالات المالية من غزة للضفة الغربية تحت ذريعة تجفيف مصادر تمويل الإرهاب، ثم تطور القرار في الأشهر الأخيرة ليشمل الحوالات القادمة من الضفة لغزة".
وتابع: "تم إضافة تعديلات على القرار بحيث يسمح للأفراد الموثوق بهم (سجله نظيف لدى الأجهزة الأمنية) بإرسال حوالات مالية لا تتجاوز قيمتها 200 دولار كل عدة أشهر".
وأضاف الخبير الاقتصادي في حديث لـ"عربي21" أن "القرار ينطبق على الجميع بمن فيهم الأفراد والجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني"، مؤكدا أن السلطة لم تتوقف عند هذا الحد، "بل وصل الأمر تجميد حسابات بنكية لعدد من الجمعيات الخيرية ومنظمات حقوق الإنسان".
وتعيد هذه الحادثة إلى الأذهان قرار السلطة الفلسطينية التي اتخذتها في أعقاب سيطرة حركة حماس على مقاليد السلطة في غزة في منتصف العام 2007، حينما اتخذت قرارا مشابها بوقف الحوالات المالية لقطاع غزة وهو الأمر الذي انعكس بصورة سلبية على حالة الوضع الاقتصادي المتردي في غزة.
إلى ذلك أكد صاحب أحد محلات الصرافة في قطاع غزة، أن "قرار وقف الحوالات المالية بين الضفة الغربية وقطاع غزة تسبب في شلل كبير على المستوى المالي والتجاري في غزة الذي يعتمد على الحوالات المالية القادمة من الضفة في توفير السيولة في أوقات الذروة كالأعياد وشهر رمضان".
وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن "قيمة الحوالات المالية التي يتم تحويلها من الضفة لقطاع غزة عبر مكاتب الصرافة التي يبلغ عددها (150) محل صرافة مرخص، تقدر بـ 50 ألف دولار شهريا، وهي بذلك تعتبر العمود الفقري لتوفير السيولة مما يسهل على القطاع التجاري والمالي إنجاز معاملاته نظرا لشح السيولة بعد قرار السلطة خصم أكثر من 50 بالمئة من رواتب موظفيها في غزة منذ بداية العام الحالي".
اقرأ أيضا: مظاهرات ببيت لحم وعمان وبيروت تنديدا بعقوبات غزة (شاهد)
ويأتي الحديث عن عقوبات السلطة بحظر الحوالات المالية لقطاع غزة تزامنا مع قرار وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان يوم أمس بتصنيف شركة حامد للصرافة في غزة على قوائم الإرهاب بحجة دعمها لحركة حماس.
انتهاك الحريات
إلى ذلك أكد المحامي والناشط الحقوقي، شريف أبو نصار، أن "السلطة الفلسطينية بقرارها وقف الحوالات المالية لقطاع غزة تكون قد انتهكت المادة رقم 11 و21 من القانون الأساسي الفلسطيني الذي يجيز للأفراد والمؤسسات الخاصة حرية نقل الأموال بين شطري الوطن واعتبره ضمن الحقوق الشخصية التي كفلها القانون".
وقال أبو نصار في حديث لـ"عربي21" إن "المئات من المواطنين في الضفة الغربية تم استدعاؤهم من قبل الأجهزة الأمنية بحجة إرسالهم لحوالات مالية لذويهم في قطاع غزة، ونحن نتابع بقلق انتهاك الأجهزة للحريات العامة في الأشهر الأخيرة والتي كان من أبرزها قمع مسيرات التضامن التي تطالب برفع العقوبات عن غزة".
لحظات مرعبة.. لقاء "عربي21" مع ناج من مجزرة العودة (فيديو)
ما علاقة تسهيلات مصر في غزة بخطة كوشنر؟.. محللون يجيبون
كعك العيد.. موروث فلسطيني يجمع العائلات (صور)