ما زال العراق يشهد توترا كبيرا، في ظل الاحتجاجات العارمة التي تشهدها مناطق الجنوب والوسط، والتي تطالب بتوفير فرص عمل وتحسين الخدمات، لا سيما المياه و الكهرباء.
وكان لافتا اقتصار التظاهرات على المناطق ذات الغالبية الشيعية حتى الآن، دون المناطق السنية غربي البلاد، مثل الأنبار ونينوى وديالي وصلاح الدين، على الرغم من تردي الأوضاع المعيشية هناك بشكل أسوأ من تلك المدن في الجنوب والوسط. وأرجع سياسيون سنة هذا الهدوء إلى كون "المناطق السنية معنية بالبقاء على هدوئها".
وفي هذا السياق تحديدا، يوضح محافظ نينوى السابق، أثيل النجيفي، أسباب عدم دخول المدن ذات الغالبية السنية على خط الاحتجاجات، ويقول إنه "نابع من الحرص على عدم الدخول في أي صراعات، من الممكن أن تعيد التوترات الأمنية من جديد لهذه المدن".
"إستغلال طائفي"
وقال،
النجيفي، في حديثه لـ"عربي21"، إن "الأحزاب الشيعية تعودت على
تجميع نفسها، في محاربة المناطق السنية، وكانت تستغل أي حراك بالمناطق السنية،
استغلالا خاطئا، وتتهمها بأنها مناطق داعمة للإرهاب".
اقرأ أيضا: هذا ما فجّر الاحتجاجات في العراق.. لم تكن وليدة اللحظة
وأوضح، أن المناطق السنية شهدت تظاهرات سابقة، "وما يحدث الآن في المناطق الشيعية مشابهة لذات الأمر، وهذا يدلل على فشل المنظومة السياسية بإقناع الشعب العراقي شيعته وسنته أنها تمثل دولة تحميهم وتحمي مصالحهم"، وفق تعبيره.
وتابع: "عندما
خرجت التظاهرات في المناطق السنية، استغلت الأحزاب الشيعية الطائفية في ضرب
المناطق السنية، لذلك فإن تلك المناطق لا تريد أن تعيد ذات السيناريو، وإثارة أي
نعرات طائفية من جديد".
وأضاف،
النجيفي: "لاسمح الله إن خرجت أي تظاهرات في المناطق السنية، قد يتم تحشيد
الشارع العراقي ضدها، لأهداف حزبية، بحجة أن هذه المناطق داعمة للإرهاب، ونحن لا
نأمن من عودة فعلية لتنظيم الدولة مرة ثانية إلى هذه المناطق، فيما لو تخلخل الوضع
الأمني أو انتشرت الفوضى".
"أسلوب جديد"
وأشار السياسي العراقي، إلى أن
الواقع الأمني في المناطق السنية هش ومخلخل، ويحاول تنظيم الدولة العودة مرة
أخرى، وهناك خلايا بدأت تنشط من جديد، بمقابل عدم وجود منظومة قوية ومتماسكة في
تلك المناطق".
اقرأ أيضا: تظاهرات العراق.. غضب شعبي أم تصفية حسابات سياسية؟
وكشف النجيفي، عن قيام القوات العراقية بسحب بعض قوات الجيش ومكافحة الإرهاب من المناطق السنية إلى المناطق الشيعية للسيطرة على الأوضاع هناك، "مما يولد فراغا أمنيا في المناطق السنية، نخشى من استغلالها من تنظيم الدولة".
وطالب المناطق السنية بـ"البقاء على حذرها، والصمت في الوقت
الحاضر، حتى لا تتحول هذه المناطق إلى فوضى أمنية، تهوي بها إلى واقع اقتصادي
واجتماعي وسياسي أسوأ من الحالي".
وختم النجيفي، حديثه بالقول: "نحن بحاجة إلى أسلوب جديد في المناطق السنية للتعامل مع الأزمة القادمة، وإن لم يكن عمل سياسي منظم لاستيعاب الخصوم السياسيين، وتمكين أهالي المناطق السنية من الحفاظ على أمنهم، سيكون هناك خلل قادم سينتقل إلى المناطق السنية".
"الأزمة تراكمية"
من جهته يشير أستاذ العلاقات الدولية مؤيد الوندي أن الواقع في المناطق الغربية أسوأ
بكثير من تلك التي في الوسط والجنوب، كونها خرجت حديثا من سطوة تنظيم الدولة، بعد
حروب شرسة هناك، ومازالت مدمرة، كما تعرض المواطنون فيها لظلم شديد
ولسنوات من اللجوء والنزوح".
اقرأ أيضا: غليان عراقي ضد قوات الأمن جراء استهداف المحتجين (شاهد)
ويرى الوندي في حديثه لـ"عربي21" أن المكونات السياسية في تلك المناطق ما زالت تخشى عودة تنظيم الدولة، واستغلال أي حراك فيها، موضحا أن تلك المناطق، "ما تزال فيها قوة أمنية تتصدى لأي تظاهرات، وإن كانت سلمية، وكان لها تجربة سابقة في ذلك، عندما خرجت التظاهرات، وتم قمعها بقوة".
واستدرك
الوندي بالقول إن "هناك تفاعلا ودعوات للخروج بتظاهرات تضامنية، إلا أن الخوف يسيطر
عليها، لا سيما بعد استخدام القوة المفرطة في التظاهرات التي تشهدها البلاد في
الوسط والجنوب".
وختم بالقول إن "الأزمة تراكمية والعراق بحاجة لإعادة منظومة كاملة اجتماعيا واقتصاديا
وسياسيا ولا تملك أي حلول سحرية، والإشكاليات لن تحل وتحتاج لوقت أكبر".
تظاهرات العراق.. غضب شعبي أم تصفية حسابات سياسية؟
ما الذي يؤخر حسم نظام الأسد لمعركته مع "داعش" بالجنوب؟
موجة حرائق تضرب منشآت عراقية حساسة.. هذه أسبابها