يواجه
مصريون هاربون إلى الخارج من الإجراءات
"
القمعية" التي يمارسها نظام الجنرال عبد الفتاح
السيسي صعوبات بالغة
بتجديد صلاحية أوراقهم الرسمية وخاصة البطاقة المميكنة، وجوازات السفر، وشهادات
الميلاد، ووثائق الزوراج، وبيانات النجاح، ورخص القيادة، وصحيفة الحالة الجنائية
الأمر الذي
ويعاني المعارضون المقيمون بتركيا من "تعنت"
القنصلية المصرية باسطنبول وفقا للعديد منهم برفضها استخراج أوراقهم الرسمية
وتجديدها بحجة عدم صدور الموافقات الأمنية من الجهات المختصة بالقاهرة، فضلا عن
المعاناة البالغة التي يتعرض لها المعارضون الصادر بحقهم أحكام بالإعدام والسجن
المؤبد.
ويعد المعارض المصري ورئيس إدارة فضائية
"الشرق"، باسطنبول أيمن نور، أحد أشهر من واجهوا أزمة انتهاء جواز
سفرهم، حيث رُفضت محاولاته للتجديد من لبنان حيث كان يقيم إثر الانقلاب العسكري،
ومن تركيا حيث يقيم الآن؛ بدعوى أنه مطلوب أمنيا، ما دفعه لإقامة دعوى قضائية
للحصول على جواز سفره، وهو ما أيده القضاء الإداري لكن وزارة الخارجية طعنت على
الحكم.
وبسبب تلك الأزمة نشأت سوق سوداء يقودها بعض العاملين
بمصالح الأحوال المدنية داخل مصر بمساعدة بعض الوسطاء لاستخراج الأوراق الرسمية
للمصريين المهاجرين بأسعار خيالية، فيما تعرض عدد منهم لعمليات نصب من السماسرة
إما بإعطائهم أوراق غير سليمة أو بنهب أموالهم دون مقابل.
6 آلاف جنيه
ويروي أحد المصريين المقيمين بإسطنبول، ويعمل
بإحدى المؤسسات الحكومية التركية، قصة معاناته للحصول على صحيفة الحالة الجنائية
"فيش"، مشيرا إلى فشل كافة المحاولات للحصول عليها من مصر وبطرق رسمية،
ما دفعه لدفع مبلغ 6 آلاف جنيه مصري لأحد الوسطاء للحصول على تلك الورقة.
وقال لـ"
عربي21"، انتهت بطاقتي
المميكنة في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وانتهت أيضا فترة صلاحية جواز سفري، وعلى
مدار الأشهر الماضية وحتى اليوم لم أنجح بتجديد أيا منها رغم وصولي لأحد السماسرة في
أحد المقاهي بالقاهرة المجاورة لمصلحة الأحوال المدنية بالعباسية، إلا أنه لم يكن
صادقا في النهاية بعد دفع مبلغ 1000 جنيه عربون.
وفي واقعة أخرى، قال (م. ممدوح)، مقيم في
إيطاليا، "ليس باستطاعتي النزول لمصر واحتجت استخراج بطاقة شخصية وفيش جنائي،
وعن طريق بعض الزملاء بروما تمكنت من الوصول لأحد الموظفين بالسجل المدني وخلال
أسبوع استلم أحد أصدقائي بالقاهرة الأوراق ودفع مبلغ 5 آلاف جنيه للسمسار".
عقاب المعارضين
الكاتبة الصحفية أسماء شكر، واحدة من بين عشرات
المصريين المقيمين في تركيا ويعانون من مشكلة انتهاء جوازات السفر، التي وصفتها
بأنها "مشكلة شديدة الخطورة يستخدمها النظام المصري للضغط على المعارضة
والثوار في الخارج ومعاقبتهم على المواقف السياسية الرافضة لممارسات
الحكومة".
شكر، قالت لـ"
عربي21"، "في
تركيا بالخصوص؛ نجد معاناة من قبل موظفي السفارة المصرية وكأننا نتعامل مع موظفى
الأمن القومي، وخاصة في الأوراق الأمنية مثل صحيفة الحالة الجنائية وتجديد جوازات
السفر"، موضحة أن "هذا التعامل المتعنت من قبل موظفي السفارة بأنقرة
والقنصلية باسطنبول اشتكى منه معظم المصريين".
وأضافت، "عن تجربتي الشخصية معهم؛ فإنهم
نموذج صغير لتعامل الأجهزة الأمنية المصرية ولكن بمبنى القنصلية"، مشيرة إلى
أنها "قدمت طلبا لتجديد جواز السفر قبل أكثر من عام دون فائدة حتى الهواتف لا
يجيبون عليها"، موضحة أن "الكلمة الشهيرة لديهم هي انزلوا مصر وجددوا
الجواز".
وأكدت المعارضة المصرية بالخارج، وجود ما يسمى
بـ"السوق السوداء" التي تستغل هذه الظروف التي يعيشها المصريون
المعارضون، وبأسعار تصل 7 آلاف دولار لتجديد جواز السفر.
وأشارت إلى جانب آخر من الأزمة بقولها
"ومن الممكن جدا أن يتم النصب في تلك المحاولات استغلالا للظروف الأمنية التي
نمر بها"، موضحة أن بعض الأصدقاء باسطنبول خاضوا تلك التجربة وخسروا أموالهم،
مضيفة "ولكنى لم أخض تجربة السوق السوداء حتى الآن".
وعن معاناة شخصيات عامة معارضة أخرى من نفس
الأزمة غير الفنان هشام عبدالله، والإعلامي في فضائية "الشرق" المعارضة
الذي أعلن عن أزمته أيضا في تجديد جواز سفره عبر فيسبوك، قالت شكر، "لا أحد
يعلن عن أزمته في استخراج الأوراق لعله يجد لها مخرجا".
وأوضحت أنهم" لم يجربوا بعد أية طرقا
قانونية أو اللجوء لمنظمات حقوقية لحل الأزمة"، مبينة أن "النظام لا
يهتم بتقارير المنظمات الحقوقية ولا بالقوانين الدولية".
جريمة وانتهاك للدستور
وفي تعليقه، قال مدير منظمة السلام الدولية
لحماية حقوق الإنسان علاء عبد المنصف، إن "ما يتم في إطار التضييق على
المعارضين والسياسيين المصريين بالخارج عن طريق السفارات والقنصليات من التعنت في
إصدار الأوراق الرسمية هذا خطأ وانتهاك وجريمة وفق الدستور المصري".
الحقوقي المصري، أوضح أن "حق منح الوثائق
الرسمية أمر منصوص عليه بالدستور والاتفاقيات الدولية، والإعلان العالمي لحقوق
الإنسان، والعهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية"، مضيفا أن "منع هذا
الحق حتى لو كان مقننا من النظام فهو جريمة".
وأضاف أن "الدستور المصري نص صراحة على ما
يتعلق بالجنسية وأوراق الثبوت وأكد أنه حق أصيل لكل مصري وليس منحة من
النظام"، مشيرا إلى أن "هذا النص منصوص عليه في الاتفاقيات الدولية في ما يتعليق بحق السفر وإصدار
الوثائق الرسمية"، موضحا أن "رفض السفارات والقنصليات تجديد الأوراق
للمصريين هو انتهاك وفق نص الدستور ونص المواثيق الدولية".
وحول وسائل التغلب على المشكلة، قال عبدالمنصف
"للأسف؛ فإن الإجراءات المتاحة أمام المعارضين هي قضائية، فالقرار الصادر من
القنصليات والسفارات بمنع التجديد هو قرار إداري، وهنا يكون الطعن على القرار أمام
مجلس الدولة ولكن عندما يصدر الحكم ترفض الجهات التنفيذية تنفيذه بشكل متعمد
وممنهج ".
وأضاف "وبالتالي نحن أمام معضلة تنفيذية
وليست قضائية، وكثير من المعارضين ومنهم أيمن نور، الذي حصل على حكم قضائي بإصدار
جواز سفر من الخارج لم ينفذ"، منتقدا عدم وجود "آلية في ظل النظام
الحالي لمحاسبة وعقاب من لا ينفذ الأحكام القضائية التي لا تكون على هوى
النظام".