أجمع محللون سياسيون وعسكريون، على عدم قدرة
إيران على احتمال
معركة استنزاف متواصلة، مع
إسرائيل للمحافظة على المواقع التي سيطرت عليها في
المنطقة الجنوبية، من
سوريا بالقرب من الجولان وحدود إسرائيل.
وكانت تل أبيب أبدت رفضها لمقترح روسي أمس يتحدث عن
انسحاب القوات الموالية لإيران، إلى مسافة 100 كيلومتر عن حدود الجولان، بعد أن تم
سابقا الحديث عن الانسحاب مسافة 30 كيلومترا رفضتها إسرائيل أيضا.
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقضاء
على أي وجود إيراني بسوريا، في أعقاب قصف نفذته مقاتلات إسرائيلية، على مركز البحوث
العلمية ومعامل الدفاع، بمنطقة الزاوي التابعة لمحافظة حماة.
المحلل السياسي الدكتور وسام الكبيسي قال إنه "لم يعد
مقبولا لدى أمريكا وإسرائيل استمرار إيران في لعب الدور الذي سمح لها بممارسته
خلال السنوات الماضية بحجة الحرب على الإرهاب في سوريا".
وقال الكبيسي لـ"
عربي21": "الفترة الماضية شهدت
"تخادما" بين إيران والقوى الغربية مع الولايات المتحدة بسوريا وبرضى
نسبي من إسرائيل، لكن في الوقت الحالي لم يعد الاستمرار بهذا السيناريو مقبولا في
ظل محاولة طهران القفز على الحدود المرسومة لها دوليا".
وأشار إلى أن المرحلة المقبلة "وضعت لها خطوط حمراء
بالنسبة لإيران"، لافتا إلى أن واشنطن وتل أبيب ستواصلان قص أجنحة طهران، عبر
ممارسة شتى الضغوط العسكري والاقتصادية، مع إبقاء النظام الإيراني لاستمرار ابتزاز
الدول التي تخشى منه وخاصة الخليج.
ورأى أن الصفقات القادمة في المنطقة تستلزم بقاء الدور
الإيراني، لكن تحت السيطرة لحين الوصول إلى ترتيبات معينة.
من جانبه قال الخبير العسكري العميد أحمد الحمادي إن ما
يجري الآن صراع على مناطق النفوذ داخل سوريا، لكن إيران لا تقوى على الوقوف بوجه
واشنطن وتل أبيب مجتمعتين.
وأوضح الرحال لـ"
عربي21" أن زيارة رئيس
الأركان الروسي لتل أبيب ستبحث العودة إلى اتفاق فصل القوات في الجولان لعام 1974
وعودة النظام السوري إلى تلك المناطق واستبعاد الروس منها.
ولفت إلى أن إسرائيل تعلم أن الجيش السوري انتهى بشكله
القديم، وتغلغل الحرس الثوري الإيراني في كل ثكناته وتشكيلاته حاليا، لكن في المقابل
تسعى تل أبيب إلى تحجيم الوجود الإيراني في سوريا إلى أدنى مستوى.
وبشأن كلفة الاستنزاف التي تقوم بها إسرائيل ضد إيران
ومواقعها في سوريا قال الحمادي إن المقاتلين الذين تزج بهم طهران في المعركة ليسوا
إيرانيين، وهي لا تأبه لهذه الخسارة كثيرا لكن ما يوجعها تحرك الولايات المتحدة
ضدها بشكل واضح.
بدوره قال المحلل العسكري العميد الركن صبحي ناظم توفيق
إن إسرائيل تمارس "الدغدغة"، مع إيران حتى الآن من خلال الضربات التي وجهتها حتى
الآن.
وأوضح توفيق لـ"
عربي21" أن الضربات التي وقعت
حتى الآن لم تكن موجعة لإيران ولا تجبرها على ترك مناطق تركزها أو مغادرة سوريا.
وأضاف: "لكن
إذا أصرت الولايات المتحدة في
إلحاحها بالضغط على إيران فإن الأخيرة لا تقوى على الانجرار لهذه المواجهة وسيكون
الخيار الأخير أمام طهران الانكفاء بشكل كبير أو مغادرة مواقعها تماما".
ودلل على حديثه بالإشارة إلى استشعار إيران الخطر، بعد
تقديم الولايات المتحدة الدعم للنظام العراقي السابق قبل انتهاء الحرب العراقية
الإيرانية بعامين، بالإضافة إلى رفع العلم الأمريكي على ناقلات النفط الكويتية في
الخليج العربي.
وقال إن "الخميني حينها أدرك أن الولايات المتحدة، دخلت على خط الحرب وهو أمر لا يمكن مواجتهه لذلك انتهت الحرب سريعا".