نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن إصدار القضاء المصري حكما بالإعدام في حق خمسة وسبعين شخصا من الموقوفين في السجون المصرية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المصور الفوتوغرافي المصري محمود أبو زيد، المعروف باسم شوكان، أوشك على قضاء خمس سنوات في السجن الاحتياطي.
خلال يوم السبت، أصدرت محكمة جنايات القاهرة عقوبات للمرة الثانية، في محاكمة ضمّت 739 متهما لمشاركتهم المزعومة في اعتصام رابعة العدوية الذي عقب الانقلاب العسكري. وقد حكم على 75 سجينا بعقوبة الإعدام، الذي من المقرر النطق به بتاريخ ثمانية سبتمبر/ أيلول المقبل.
اقرأ أيضا: إحالة أوراق عدد من قيادات الإخوان في مصر إلى المفتي
وأضافت الصحيفة أن القاضي أحال قضية المتهمين الخمسة والسبعين المحكومين بالإعدام إلى مفتي الجمهورية، شوقي إبراهيم علام، الذي يمثل أعلى سلطة دينية في البلاد، كإجراء شكلي. عموما، ستُضطر هذه السلطة الدينية إلى التخلي عن الاستقلالية والحياد في تشريع هذه الأحكام. وتعليقا على هذه المسألة، صرح محمد لطفي، مدير الهيئة المصرية للحقوق والحريات، وهي إحدى المنظمات التي توثق الانتهاكات الخطيرة المسجلة في الأراضي المصرية، لصحيفة الموندو: "من المعتاد أن يصدر مفتي الجمهورية أحكاما تؤيد وتشجع على عقوبة الإعدام".
وأوردت الصحيفة أن أعضاء الإخوان المسلمين أخذوا نصيب الأسد من أحكام الإعدام في مصر بعد الانقلاب العسكري، انطلاقا من الرئيس المخلوع محمد مرسي وصولا إلى الدعاة صفوت حجازي وعبد الرحمن البر. كما أصدر حكم الإعدام على وزير الدولة لشؤون الشباب أسامة ياسين، ووزير التموين باسم عودة، فضلا عن بعض القادة البارزين في الإخوان المسلمين على غرار عصام العريان، ومحمد البلتاجي، وعصام سلطان، وعصام ماجد، ووجدي غنيم.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه القضية تعود إلى عملية الإخلاء الوحشي لمخيّم رابعة العدوية من قبل قوات الأمن المصرية بتاريخ آب/أغسطس سنة 2013. وقد لقي ما يناهز عن 700 مواطنا مصريا حتفه خلال هذه العملية، الأمر الذي جعل هذه الفترة تعد من أكثر الفترات دموية في التاريخ الحديث للبلاد المصرية. في الأثناء، لم يصدر القضاء المصري أي حكم أو عقاب ضد مرتكبي هذه المجزرة.
اقرأ أيضا: استنكار واسع لأحكام الإعدام بمصر وانتقادات لاذعة للنظام
وأردفت الصحيفة أن سارة ليا ويتسون، رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للمنظمة غير الحكومية "هيومن رايتس ووتش"، صرحت قائلة: "بدلا من السعي إلى تحقيق العدالة لضحايا مذبحة رابعة العدوية، نفذت السلطات المصرية بهؤلاء الضحايا مرة أخرى محاكمة ماكرة غير عادلة حرموا فيها من حقهم في الحصول على دفاع جدي وحقيقي". علاوة على ذلك، أضافت إحدى المنظمات التي تتهم نظام السيسي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية أن "إعفاء المسؤولين من مذبحة رابعة العدوية من الحكم، في الوقت الذي يحاكم فيه المتظاهرين والصحفيين فضلا عن الأطفال، يبرهن بشكل واضح عن مدى ضعف مستوى العدالة خلال فترة رئاسة السيسي".
ونوهت الصحيفة بأن القضاء المصري وجه جملة من التهم إلى المحكومين بالإعدام، علما وأن حوالي نصفهم حكم عليهم غيابيا، على غرار المشاركة في الاحتجاجات غير المرخصة وارتكاب الجرائم بداية من القتل وصولا إلى التحريض على انتهاك القانون والعضوية في جماعات غير قانونية والمشاركة في أعمال عنف وشغب.
وذكرت الصحيفة أن محكمة الجنايات أجلت النطق بالحكم كالمعتاد إلى تاريخ الثامن من أيلول/سبتمبر المقبل. كما يمكن الطعن في الحكم خلال هذه الفترة أمام محكمة الاستئناف. في الأثناء، تحول المصور الفوتوغرافي المصري شوكان إلى أيقونة القمع لحرية التعبير في أكثر البلدان العربية كثافة سكانية. وقد اعتقلت الحكومة المصرية هذا المصور خلال شهر آب/ أغسطس سنة 2013، وهو يقبع منذ ذلك الحين في سجن طرة الواقع في الجنوب المصري.
اقرأ أيضا: "الوطنية المصرية": أحكام الإعدام مذابح جديدة والقاتل لن ينجو
وبينت الصحيفة أن القضاء المصري وجّه 24 تهمة إلى شوكان، من بينها حيازة الأسلحة، والتجمع غير القانوني، بالإضافة إلى محاولة الشروع في القتل.
خلال يوم المحاكمة، لم يتردد شوكان في رفع علامة النصر من القفص الذي قبع فيه. وقد عبرت شقيقة المصور الفوتوغرافي عن رأيها في المحاكمة قائلة: "لقد كانت عملية قضائية طويلة، وقد أصبحت الجلسات بمثابة خطبة للمحامين والشهود، إنها بالفعل كارثة حقيقية".
وأضافت شقيقته قائلة: "لقد فقد أخي شوقي الأمل في الحرية، إنه يدرك تماما أن المسألة قد تجاوزت كل الحدود، كنت أحاول دائما أن أرفع من معنوياته أثناء الزيارة، لكنه يعرف ما الذي يحدث خارج السجن، ونحن لا نملك أية تطورات جديدة لنخبره بها".
وأكدت الصحيفة أن شوكان حاز على جائزة اليونيسكو، "غييرموكانو" العالمية لحرية الصحافة. وخلال السنوات الخمس الأخيرة، أرسلت السلطات المصرية عشرات الآلاف من المعارضين إلى السجون مما ضيق الخناق على حرية الصحافة والمعارضين. كما أن شوكان ظل مسجونا لمدة سنتين ونصف دون أية محاكمة أو توجيه تهم واضحة إليه.
والجدير بالذكر أنه في فترة احتجازه، أكد التشخيص الطبي على إصابة المصوّر شوكان بالتهاب الكبد الوبائي "سي"، كما أنه يعاني من فقر الدم والاكتئاب. وقد أكد الحقوقي محمد لطفي أنهم حاولوا أن يلتمسوا من السلطات القضائية العفو عن شوكان نظرا لتردي وضعه الصحي، مشيرا إلى أن هذه المسألة شبه مستحيلة في ظل "تأكيد التقرير الطبي لإدارة السجن أن شوكان بخير ولا يعاني من أمراض خطيرة". كما صرح محمد أن "هذه المحاولات طيلة فترة الخمس سنوات لم تسفر إلى حد الآن عن أية نتائج".
وأفادت الصحيفة أن السلطات المصرية عملت على تضييق الخناق حول الصحافة الإلكترونية، والتي تعد المنفذ الأخير لحرية الصحافة والتعبير عبر سن قوانين جائرة وغير دقيقة. في هذا الشأن، علق محمد لطفي على هذه المسألة قائلا: "لقد توقعنا أن تتراجع حدة القمع بعد الانتخابات الرئاسية المنعقدة في شهر آذار/ مارس الماضي، لكن الأمر لم يكن كذلك، فنحن نتعامل مع نظام يستخدم جميع الأدوات المتاحة له لتصفية المعارضة وإسكاتها".
في الختام، أشارت الصحيفة إلى أن زوجة محمد لطفي، أمل فتحي، ظلت محتجزة لمدة شهرين ونصف بسبب "التحريض على الإطاحة بالنظام، ونشر الأكاذيب وإساءة استخدام الشبكات الاجتماعية". وأورد محمد أنهم يشعرون بالخوف، لكنهم لا يمكن أن يتوقفوا عن السعي وراء أهدافهم الرامية لتحقيق العدالة والحرية.
اقرأ أيضا: إخوان مصر: أحكام الإعدام لن توقف مسيرة الجماعة
صحيفة: النظام يتخذ من مرسي مثالا لتخويف المعارضة
صحيفة: لهذا لن تستطيع واشنطن وموسكو وقف انهيار مصر
مصر: وسائل الإعلام ستعيش على وقع أيام صعبة بالمستقبل