نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، سلطت فيه الضوء على عملية اغتيال عزيز إسبر، أبرز رموز البرنامج الكيميائي السوري والجهات التي تقف وراءها.
وقالت في تقرير للكاتبين جون فولورو ولور ستيفان، ترجمته "عربي21"، إن "جماعة مسلحة أعلنت عن تبنيها لحادثة اغتيال عزيز إسبر، الذي كان هدفا للموساد الإسرائيلي أيضا. ولم يكن عزيز إسبر معروفا في الشارع السوري، إلى أن أعلنت صحيفة مقربة من نظام دمشق خبر وفاته إثر هجوم استهدف سيارته، بالقرب من مدينة مصياف، وسط سوريا في الخامس من شهر آب / أغسطس الجاري".
وأقرت الصحيفة بأن هذا الشخص كان، على الأرجح، من أبرز دعائم الترسانة الكيميائية والعسكرية السورية. وقد لقي هذا المختص في الفيزياء، الذي يُعد شخصية بارزة داخل مركز البحوث العلمية السوري، حتفه رفقة سائقه، مساء السبت الماضي، إثر انفجار عبوة ناسفة تم تثبيتها على الطريق الذي تسلكه سيارته، بعد دقائق قليلة من مغادرته لمنزله. وتجدر الإشارة إلى أنه هذا المركز مسؤول عن تطوير وإنتاج أسلحة غير تقليدية، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية والقذائف.
وذكرت أن عزيز إسبر قد نجح في الحفاظ على سرية أعماله، حيث نادرا جدا ما تنشر الصحافة بعض صوره. وقد تواترت معلومات حول قربه من رئيس النظام بشار الأسد، الذي يُقال إنه قد نجح في كسب ثقته. ومن الممكن أيضا أن تكون له علاقات وثيقة مع إيران وحزب الله، الحركة الشيعية اللبنانية المدعومة من طهران.
وحصل عزيز إسبر، وأصله من منطقة طرطوس، على شهادتي دكتوراه كما درس في فرنسا. وعلى الرغم من انتماء مسؤولي مركز البحوث العلمية إلى نخبة النظام السوري، إلا أنهم يخضعون للمراقبة المكثفة. ففي الغالب، تحتفظ أجهزة الأمن بجوازات سفرهم، كما لا يتنقلون إلى أي مكان إلا بعد الحصول على تصريحات تنقل.
وأوردت الصحيفة أن كتيبة "أبو عمارة" وهي جماعة جهادية مسلحة، قد أعلنت عن تبنيها لحادثة الاغتيال. ومنذ سنة 2017، نفذ هؤلاء المسلحون عدة هجمات استهدفت كبار المسؤولين السوريين أو الميليشيات الموالية للنظام. لكن العديد من وسائل الإعلام الموالية للحكومة السورية حمَلت إسرائيل مسؤولية تنفيذ هذه العملية. ومن جانبهم، أحال بعض المعارضين، إلى فرضية تصفية داخلية راح ضحيتها عزيز إسبر.
وأضافت أنه هذه المرة الأولى التي يقع فيها تصفية مسؤول رفيع المستوى في أحد مراكز البحوث السورية بهذه الطريقة، التي تُشبه إلى حد ما الأساليب التي عادة ما يستخدمها جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" ضد مسؤولين عن البرنامج النووي الإيراني.
وكان عزيز إسبر يُشرف على إدارة مركز في مصياف، يُشتبه في تطويره لأسلحة كيميائية واحتوائه على منشآت تصنيع قذائف مدفعية وصواريخ طويلة المدى. ومن المرجح أن هذا المركز يضم أيضا خبراء إيرانيين. ومن المثير للاهتمام أن غارات جوية، منسوبة إلى إسرائيل تعود آخرها إلى تاريخ 22 تموز / يوليو، قد قصفت هذه المنشآت.
ونقلت "لوموند" الفرنسية عن صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن عزيز إسبر يترأس وحدة في مركز البحوث العلمية في سوريا يُطلق عليها اسم "القطاع الرابع" مكلفة بإعادة بناء مصنع للصواريخ والقذائف المدفعية تحت سطح الأرض، بالتعاون مع السلطات العسكرية الإيرانية. ووفقا للمعطيات التي أدلت بها الصحيفة الأمريكية، كان عزيز إسبر آخر أهداف حملة الاغتيالات التي نفذتها الدولة اليهودية ضد الأدمغة التي تقف وراء برامج تسليح "أعدائها".
وبينت الصحيفة أنه وفقا لمعلوماتها، كشفت هذه العملية عن أهمية مركز البحوث العلمية السوري، المنظمة غير المعروفة في الأوساط العالمية التي تثير اهتمام المخابرات الإسرائيلية منذ سنة 2008. وفي سنة 2010، اتهم مدير هيئة مكافحة الإرهاب الإسرائيلي نيتسان نورييل هذا المركز بتسليح كل من حماس وحزب الله.
وقد مكنت عملية "راتافيا" التي أطلقتها أجهزة مكافحة التجسس الفرنسية والموساد في فرنسا من تجميع معلومات قيمة وثمينة حول هذا المركز منذ سنة 2011، بمساعدة مهندس سوري يعمل في قسم المبيعات. وقد أدت المعطيات التي أفاد بها الإسرائيليون إلى الأمريكيين والفرنسيين والألمان، سنة 2011، إلى تجميد أصول ممتلكات هذا المركز من طرف وزارة الخزانة الأمريكية والاتحاد الأوروبي. وفي نهاية سنة 2011، اتخذت تدابير مماثلة ضد "شركات-واجهة" يستخدمها مركز البحوث العلمية السوري لشراء معدات حساسة من الخارج.
وتطرقت الصحيفة إلى أنه في شهر آذار / مارس 2018، أضاف الاتحاد الأوروبي أسماء أربعة مسؤولين مرتبطين بهذا المركز إلى قائمة العقوبات هذه. حينها، لم يكن اسم عزيز إسبر ضمن تلك القائمة. ومع ذلك، وبحسب مصدر دبلوماسي فرنسي، كان اسمه معروفًا لدى أجهزة المخابرات خلال عملية "راتافيا"، التي جعلت منه أحد أهدافها.
وعرجت الصحيفة على أن معلومات فرنسية سرية حول لجوء بشار الأسد إلى استعمال الأسلحة الكيميائية، خاصة منها غاز السارين والكلور، التي تم رفع السرية عنها خلال سنتي 2013 و2017، قد كشفت عن المهام الأساسية لمركز البحوث العلمية السوري.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن هذا المركز يظم حوالي 10 آلاف موظف، ذلك أنه يُدير مواقع التخزين الموزعة في البلاد. ويوم الأحد، رفضت الحكومة الإسرائيلية الإدلاء بأي تصريح بشأن وفاة عزيز إسبر.
مستشرق روسي: هذا عرض موسكو لطهران لخروجها من سوريا
أوبزيرفر: كيف نجا بشار الأسد ومن هم الخاسرون في الحرب؟
ليبراسيون: "عقود زواج المتعة" في انتشار متواصل بسوريا