أبدى منتدى الإعلاميين الفلسطينيين قلقه البالغ من تكرار استضافة موقع "إيلاف" السعودي لشخصيات سياسية وعسكرية إسرائيلية في حوارات صحفية مع الموقع، معتبرا ذلك "خيانة لقضية الأمة المركزية، وطعنة للأسرى القابعين في سجون الاحتلال".
وأضاف المنتدى، في بيان نشره أمس الثلاثاء، أن إصرار إيلاف على إجراء حوارات مع قادة سياسيين وعسكريين إسرائيليين يعكس إصرارا غريبا لدى الموقع على فتح تطبيع إعلامي يهدف من ورائه لتهيئة الشارع العربي لتقبّل رواية الاحتلال، واصفا ذلك "بالخدمة المجانية التي يقدمها الموقع لدولة الاحتلال، في ظل نجاح حملات المقاطعة التي نجحت في عزل إسرائيل وكشف مخططاتها أمام الرأي العام العالمي".
وأدان المنتدى الحوار الأخير الذي أجراه إيلاف مع قادة إسرائيليين لهم باع طويل في سفك الدم الفلسطيني والعربي والإسلامي، مستشهدا بحوار الموقع مع الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) تمير باردو، واللقاء الصحفي الآخر مع رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، غادي إيزنكوت.
مكاسب سياسية
وفي سياق متصل، يرى رئيس تحرير وكالة صفا الإخبارية، ياسر أبو هين، أن "ما تبديه وسائل الإعلام السعودية الرسمية وغير الرسمية من رغبة في الانفتاح على الجمهور الإسرائيلي، يأتي متناسقا مع رغبة سياسية لدى قادة المملكة، خصوصا منذ تولي الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وأمنية على أكثر من مستوى جراء التقارب السعودي الإسرائيلي مؤخرا".
شيطنة حماس
وتابع أبو هين، في حديث لـ"عربي21"، بأن "الأخطر من وراء استضافة وسائل الإعلام السعودية للشخصيات الإسرائيلية هي محاولة السعودية لشيطنة الجماعات والتنظيمات التي تعادي إسرائيل، كحركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين، والتي تعتبرها خطرا حقيقيا يهدد وجودها، ويمكن قراءة ذلك من خلال السياسية التحريرية لموقع إيلاف، التي تقلل من مشروعية تبني حماس للمقاومة المسلحة مع إسرائيل، وإظهار الأخيرة كدولة تمارس حقها في الدفاع عن نفسها من جماعات التطرف الفكري، وفقا للرواية السعودية".
الجزيرة أيضا
لا يقتصر تطبيع وسائل الإعلام العربية على السعودية فحسب، بل تظهر وسائل إعلام كالجزيرة القطرية مؤخرا ذات السياسية، باستضافتها لمتحدثين إسرائيليين على شاشاتها، في حين تبدي وسائل الإعلام المصرية ارتياحها من التقارب بين السيسي ودولة الاحتلال، وإظهار الاتفاقيات التي أبرمت مؤخرا، كاتفاق تصدير الغاز، على أنه اتفاق تاريخي يصب في مصلحة مصر.
وبالرغم من نجاح إسرائيل باختراق وسائل الإعلام العربية، إلا أنها لا تبدي السياسية ذاتها في التعامل مع وسائل الإعلام الفلسطينية، حيث تتعامل إسرائيل بمقياس مختلف يقوم على مبدأ التعامل بطريقة أمنية مع الصحفيين الفلسطينيين، من خلال اعتقالهم، وسحب التصاريح منهم.
من جانبه، اعتبر مدير شبكة الأقصى الإعلامية، وسام عفيفة، في حديث لـ"عربي21"، أن "التطبيع مع دولة الاحتلال سياسيا وإعلاميا هو أمر مدان، ويجب محاربته بكافة الوسائل الممكنة، لكن السلوك الإعلامي لدول مثل مصر والسعودية على وجه التحديد، التي تتبنى وجهة النظر الإسرائيلية وتروج لها من خلال منصاتها الإعلامية، لا تقارن بما تقوم به وسائل إعلام أخرى من استضافة شخصيات إسرائيلية عبر قنواتها ضمن سياسة الرأي والرأي الأخر، ولكن دون تبني هذه الرواية ومحاولة الترويج لها".
أما نقيب الصحفيين الفلسطينيين، ناصر أبو بكر، فأوضح أن "على الدول العربية التي تتبنى خط التطبيع الإعلامي مع إسرائيل أن تحترم ميثاق منتدى فلسطين الدولي للإعلام والاتصال الموقع في إسطنبول، بداية العام الجاري، بحظر التعامل مع أي وسيلة إعلامية إسرائيلية، أو ظهور الساسة الإسرائيليين على وسائل إعلام عربية".
وأضاف أبو بكر، في حديث لـ"عربي21"، أن "السلطة الفلسطينية لا تمارس صلاحيتها بمنع وسائل الإعلام الإسرائيلية من الدخول في مناطق نفوذها، على عكس إسرائيل التي تحظر أي نشاط صحفي في مناطق الخط الأخضر لوسائل إعلام فلسطينية".
مستويات التطبيع
من جانب آخر، شدد أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت، نشأت الأقطش، أن "إسرائيل سعت منذ احتلالها لفلسطين قبل 70 عاما لتطوير علاقاتها السياسية مع الدول العربية بالأدوات الدبلوماسية الناعمة، وعملت على ذلك من خلال عدة مستويات، أبرزها إرسال وفود إعلامية ونقابية لإبرام اتفاقيات مع وسائل إعلام عربية ودولية، وبذلك يمكن القول إن إسرائيل تجني خلال هذه الفترة ثمار ما سعت إليه خلال السنوات الماضية، حيث استطاعت أن تجعل منصات الإعلام العربي المرئي والإلكتروني مرآة يعكس ويتبنى موقفها".
وتابع الأقطش، في حديث لـ"عربي21"، بأن "التطبيع الإعلامي بين الدول العربية وإسرائيل لم يعد يقتصر على استضافة شخصيات إسرائيلية عبر وسائل إعلامها فقط، بل تطور الأمر لأن تقوم قنوات تلفزيونية بتصدير مواد مصورة، كالتي أنتجتها قناة العربية التابعة للسعودية مؤخرا تحاكي ظروف النكبة ونشأة دولة إسرائيل، موجهة للجيل الجديد من الشباب العربي الذي لا يعرف تفاصيل وظروف نشأة الكيان الإسرائيلي، وهذا يقع في سياق كي وعي الشباب العربي بما يخدم إسرائيل".
دعوة إسرائيلية لطرد فلسطينيي الضفة إلى الدول العربية
دعوات إسرائيلية لمعاقبة تركيا وعزل أردوغان.. لماذا؟
كاتب إسرائيلي: صفقة القرن اختفت لأجل غير مسمى