لايزال الجدل محتدما
بين الأوساط الحزبية في
تونس، حول قضية المساواة في
الميراث، بعد أن أعلن رئيس
الجمهورية عن تحويلها رسميا إلى مبادرة تشريعية وإحالتها قريبا على البرلمان.
وبين أصوات ترى أن
المبادرة التشريعية مرفوضة وغير قابلة للنقاش، وبين من يعتبرها إنجازا تاريخيا
لدعم حقوق المرأة والذهاب بها إلى ما أبعد من مجرد مقترح تشريعي على ورق، يبقى
الصراع كما هو عليه ليكون الحسم داخل أروقة البرلمان مباشرة بعد العطلة البرلمانية
الصيفية.
وكان السبسي قد أعلن
في 13 آب/ أغسطس 2018، عن مبادرة تشريعية تقر المساواة التامة في الميراث بين
الجنسين، كمشروع قانون جديد سيحال على
البرلمان التونسي للنظر فيه، وذلك في خطابه
بقصر قرطاج بمناسبة عيد المرأة.
وشددت النائبة عن كتلة
نداء تونس في البرلمان- (55 نائبا) من مجموع 217- هالة عمران في حديثها لـ"عربي21" على التزام الكتلة بالتصويت
على مبادرة السبسي حول المساواة في
الميراث والدفاع عنها، بعد استكمال جميع الإجراءات الخاصة بها، ومناقشتها كقانون في صلب لجنة التشريع
العام.
وعبرت عن تفاؤلها بتمرير قانون المساواة في
مجلس النواب بغالبية الأصوات، مضيفة :"النهضة الآن بين مطرقة المدنية التي
تريد أن تبرزها للعموم من خلال مساندتها لمبادرة السبسي وبين مطرقة أنصارها وتوجهها الإسلامي".
وتابعت: "أكاد
أجزم من خلال تحليلي الشخصي، أن النزعة
المدنية التي تريد النهضة إظهارها للأوساط السياسية والحقوقية في الداخل والخارج،
ستغلب على مرجعيتها الإسلامية، في ظل تغير إقليمي ودولي وتصنيف تنظيمات إخوانية على
قوائم الإرهاب".
وينص الفصل 126
من القانون الداخلي لمجلس نواب الشعب على
أن المصادقة على مشاريع القوانين العادية تتم "بأغلبية الحاضرين على ألا تقل نسبة الموافقين عن ثلث أعضاء
المجلس أي 73 صوتا من أصل 217.
وتتم المصادقة على
مشاريع القوانين الأساسية بموافقة
الأغلبية المطلقة أي 109 صوتا من أصل 217.
مقابل ذلك، أكد النائب
محمد بن سالم عن كتلة النهضة في البرلمان- 68 من أصل 217 نائبا - في تصريح
لـ"عربي21" أن مبادرة السبسي ليس لها أي إمكانية للمرور في صلب البرلمان .
وتابع :" الأمر
لا يتعلق بأغلبية الأصوات أو بلعبة التكتلات داخل البرلمان، ولا بالالتزام الحزبي،
بل هي أخطر من ذلك نظرا لحساسية هذا الموضوع لدى الرأي العام، والضغط الشعبي الذي
نراه رافضا لهذه المبادرة جملة وتفصيلا".
ولفت إلى أنه "من
غير المنطقي أن ينقسم أبناء النهضة حول هذه المبادرة التشريعية أو أن يكون هناك
اختلاف في الآراء بين قياداتها".
وفي سياق متصل أعلنت
كل من كتلة نداء تونس -55 نائبا- وحركة
مشروع تونس-14 نائبا-، في 15 أغسطس 2018، عن الاتفاق رسميا على تأسيس كتلة برلمانية "حداثية" موحّدة،
لتكون الكتلة النيابية الأولى في مجلس النواب قبل حركة النهضة ولتنسيق المواقف
داخل البرلمان.
ويرى مراقبون أنه في
حال تم فعليا الانصهار بين الكتلتين في جبهة موحدة، فقد يقلب ذلك معادلة التوازنات
الحزبية داخل البرلمان التي تتصدره حاليا كتلة النهضة، مما سيؤثر على تمرير
القوانين بما في ذلك مشروع قانون المساواة
في الميراث.
وذهب المحلل السياسي
والإعلامي محمد بوعود إلى التكهن بنجاح مبادرة السبسي في خوض رهان البرلمان،
وتمريرها بأغلبية مريحة لتصبح قانونا ملزما.
ولفت في حديثه لـ "عربي21" أنه "بالعودة لمضمون الرسالة التي بعث بها
الغنوشي
للسبسي قبيل خطابه الأخير في 13 آب/أغسطس 2018، والتي أعلن فيها موقف الحركة من
تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة، فإن الحركة ماضية في التصويت على مشروع
قانون المساواة كما فعلت مع قانون المصالحة مع فلول بن علي".
وشدد بالمقابل، على
أنه حتى لو لم تصوت النهضة على المشروع، وتمسك أغلب نوابها بالرفض فإن "باقي
الكتل البرلمانية قادرة على تمرير المشروع بأغلبية مريحة في ظل حماسة كبيرة أبدتها
قيادات حزبية لدى كل من نداء تونس ومشروع تونس والتيار الديمقراطي". حسب وصفه.
يشار إلى أن الغنوشي،
كان قد كتب تدونية له عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، مقتطفة من الرسالة التي توجه
بها للسبسي وأكد خلالها على تفاعل النهضة مع مبادرة المساواة في الميراث.
وقال:" نؤكد
أننا سنتفاعل مع مبادرة رئيس الدولة حول
الإرث حين تقدم رسميا إلى البرلمان، بما تقتضيه من الحوار والنقاش للوصول إلى
الصياغة التي تحقق المقصد من الاجتهاد وتجعل من تفاعل النص مع الواقع أداة نهوض
وتجديد وتقدم لا جدلا مقيتا يفرق ولا يجمع.."